الطراونة يحذّر من خسارة الذاكرة المؤسسية في الجامعات (تفاصيل)
صوت الحق -
اعتبر رئيس الجامعة الأردنية الأسبق الدكتور أخليف الطراونة أن إحالة عضو هيئة التدريس إلى التقاعد عند بلوغه السن القانونية لا تعني إنهاء ملف وظيفي فحسب، بل تفتح تساؤلًا جوهريًا حول كرامة المعرفة وكيفية التعامل مع الرأسمال الفكري المتراكم في مؤسسات التعليم العالي.
وقال الطراونة إن الأكاديمي الذي يغادر موقعه لا يغادر بوصفه موظفًا فقط، بل يحمل معه خبرات ومعارف تشكّلت عبر سنوات طويلة من التعليم والبحث وصناعة القرار والقيادة الأكاديمية، وهي معارف لا يمكن اختزالها في تقارير أو تعويضها سريعًا.
وأضاف أن الإشكالية تتفاقم حين يتعلق الأمر بأساتذة وقادة شغلوا مواقع قيادية عليا، وكان لهم دور مباشر في بناء كليات وجامعات، وتطوير السياسات الأكاديمية، وإدارة أزمات مفصلية، وترسيخ ثقافة الجودة والحوكمة المؤسسية.
وتساءل الطراونة: هل تُكافأ هذه الخبرات ويُستثمر أثرها، أم تُعامل كمرحلة منتهية تُهدر معها كرامة المعرفة ذاتها؟
وأشار إلى أن العديد من التجارب العالمية لا تقيس العطاء الأكاديمي بالعمر الزمني، بل بالأثر والقدرة على الإسهام ونقل الخبرة للأجيال القادمة، محذرًا من أن إقصاء الخبرة لمجرد بلوغ سن معينة أو بدوافع تصفية حسابات يشكّل خسارة مزدوجة للذاكرة المؤسسية وللقيادة الحكيمة.
وأكد أن القضية لا تتعلق بتمديد شكلي أو امتياز شخصي، بل باعتراف أخلاقي بكرامة المعرفة، وبناء نماذج مرنة للاستفادة من الخبرات، مثل الأستاذ المتمرّس أو المستشار المعرفي أو القائد الأكاديمي الفخري، إضافة إلى إيجاد جسور حقيقية بين الخبرة المتراكمة والطموح الشاب.
وبين أن إدارة المعرفة الحقيقية تبدأ بقرارات قيادية عادلة، تعترف بأن الخبرة لا تتقاعد، وأن المعرفة لا تُقصى، وأن كرامتها من كرامة المؤسسة، متسائلًا: هل نريد مؤسسات تعليم تُدار بمنطق العمر والمنصب، أم بمنطق الأثر والحكمة المتراكمة.






