مع المعلم

{title}
صوت الحق - وصفي خليف الدعجة

جاءت هذه الحكومة الحالية عقب سقوط حكومة الدكتور هاني الملقي بمظاهرات شعبية عارمة وكنا نتوقع أن تكون هذه الحكومة أفضل من سابقتها ولكن للأسف الشديد اتضح للجميع أنها لا تختلف كثيرا وان حكومة الملقي كانت أفضل بكثير .

منذ ثلاثة أسابيع ونقابة المعلمين في إضراب مستمر للحصول على علاوة بسيطة تقدر بنحو 120 مليون دينار كنتيجة لارتفاع أسعار السلع والخدمات والحكومة عاجزة عن إقرار هذه العلاوة البسيطة .

هذه العلاوة في حالة اقرارها سوف تعود بالنفع والفائدة على مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وتساهم بشكل واضح في تحسين النمو الاقتصادي وتقليل التضخم كنتيجة مباشرة في زيادة السيولة النقدية في أيدي المواطنين.

أستطيع أن أؤكد بأن حكومة هاني الملقي السابقة لو تعرضت لهذا الإضراب فإنها سوف تقوم على الفور بإقرار العلاوة دون أي إبطاء أو تأخير بعكس هذه الحكومة برئاسة الدكتور عمر الرزاز والتي لم تتعامل مع إضراب المعلمين بالكياسة والذكاء السياسي المطلوبين في مثل هذه الحالات وذلك لقلة خبرتها السياسية ومحدودية تفكيرها الاستراتيجي وعدم استيعابها لتوجيهات القيادة السياسية العليا.

يتضح من متابعة الأحداث فيما يتعلق بإضراب المعلمين أن لدى النقابة وهيئتها العامة إصرار كبير على ضرورة انتزاع هذه العلاوة لو استمر الإضراب ثلاثة أعوام كاملة فالمسألة مسألة كرامة وحقوق وليست كما يحاول البعض تصويرها بأنها استقواء على الدولة أو محاولة فرض لاجندات حزبية أو ما شابه ذلك.

أنصح الحكومة بالاستجابة الكاملة وغير المشروطة لكل طلبات نقابة المعلمين وإقرار هذه العلاوة والاعتذار للمعلمين عن ما حدث يوم 9/5 وإنهاء هذا الموضوع بأسرع وقت ممكن خشية أن تتطور الأحداث مستقبلا بصورة مفاجئة وغير متوقعة ويحدث أمور لم تكن في الحسبان خاصة أن الأغلبية الساحقة من الشعب الأردني حسب ما تشير إليه استطلاعات الرأي تقف مع النقابة والمعلمين لحين الوصول إلى حقوقهم وإقرار العلاوة المنشودة.

قبل سنوات قليلة قامت الحكومة الأردنية بتخصيص مبلغ مئة مليون دينار لمواجهة العاصفة الثلجية التي اجتاحت الاردن للتخفيف من آثارها السلبية على على البنية التحتية وتذليل الصعوبات والتحديات التي تواجه أجهزة الدولة المختلفة جراء سقوط الثلوج بغزارة وكثافة ، وللحد من نتائجها الكارثية على الحياة الاقتصادية والاجتماعية .

بالمقابل لم نرى الدولة تفعل نفس الشيء مع العاصفة الشعبية التي تجتاح البلاد في هذه الأوقات !!! فلماذا لم تفعل الحكومة الأردنية نفس الشيء وتقوم بتخصيص مبلغ ١٢٠ مليون دينار كدعم وعلاوة للمعلمين والمعلمات ولمواجهة آثار الاضراب السلبية على البنية التعليمية في الدولة .
ملايين الأسئلة الغامضة تطرح نفسها في هذه اللحظات الحرجة وفي ظل ما تشهده البلاد من موجة إضرابات كبيرة وغير مسبوقة في مختلف مناطق المملكة ، وهذه الأسئلة تحتاج لاجابات منطقية وواقعية ومن هذه الأسئلة التي تحتاج لإجابة عاجلة وسريعة ..هل الدولة عاجزة عن دعم أبناء الطبقتين الوسطى والدنيا في ظل مظاهر البذخ والإسراف الكثيرة من الحكومة الأردنية الحالية على نواحي أخرى لا داعي لذكرها هنا ؟!؟

الحكومة الحالية والحكومات السابقة هي المسؤولة عن هذا الوضع الحالي خصوصاً إذا ما عرفنا أنها لم تترك أي خيار آخر أمام الشعب الا التظاهر والاعتصام والاضراب بعد أن قامت بفرض ضرائب عديدة و لا حصر لها ساهمت بشكل كبير في زيادة أسعار السلع والخدمات وتسببت بموجة غلاء لا سابق لها .

من الناحيه القانونيه يحق لنقابة المعلمين أن تدافع عن حقوق المعلمين والمعلمات في الحياة الكريمة وتوفير مستلزمات العيش الكريم لهم ولا تستطيع أي جهة في العالم أن تقف بوجه هذا الحق الشرعي والقانوني ، فالضرر الواقع على هذه الفئة من المجتمع المدني ضرر كبير ولا يمكن قياسه أو التعايش معه خصوصاً في ظل الظروف الراهنة والتي لا يختلف على صعوبتها ومرارتها وقسوتها إثنين .

المعلمين والمعلمات فئة مسحوقة بالمجتمع المدني الاردني وتعاني من هزائم نفسية واجتماعية وثقافية مريرة ومؤثرة جداً ، فإن كان المقصود من الحكومة زيادة هذا الشعور في نفس هذه الفئة المظلومة والاستمرار باهانتها فإن هذه السياسة الإمبريالية والصهيونية لن تنجح وسينقلب السحر على الساحر ولهذا السبب فأنني اطلب من الحكومة أن لا تلعب دورا ثانوياً في هذه الأزمة وأن تقوم بخطوات عاجلة وسريعة لإنهاء هذه الأزمة بفروسية وشهامة بعيدا عن الإثارة ومحاولات الالتفاف المفضوحة على هذا الحق بالعلاوة والأردن من وراء القصد.