ضد التعديل الوزاري

{title}
صوت الحق -



كل ما يتم تداوله من أخبار وتحليلات عن التعديل الوزاري”المنشود” منسوبة إلى مصادر مجهولة، لا بل مزعومة في حالات كثيرة. وعند مراجعة الكم الهائل من التقارير الإعلامية بهذا الخصوص، لا تجد من بينها تصريح واحد منسوب لمسؤول حكومي بعينه، أو لرئيس الوزراء صاحب الحق الحصري في تقرير ما إذا كان هناك حاجة لتعديل على حكومته أم لا.





في أروقة الرئاسة لم يسجل أي نقاش جدي لخيار التعديل الوزاري، وعلى مستوى أعلى لم يرد ذكر للموضوع لغاية الآن.



ندرك تماما شغف النخب الأردنية بالتعديلات الوزارية وتغيير الحكومات، فقد كانت على الدوام بوابة للعبة الكراسي الوزارية، وتبادل المواقع وكسب النفوذ السياسي والاجتماعي، والأخير أهم عند الكثيرين من الأول.



لكن وفي مسيرتنا الطويلة التي شهدت تعديلات وزارية أكثر من عدد الحكومات، لم نفكر ولو مرة واحدة في تقييم الفرق الذي أحدثه التعديل على أداء الحكومة.على العكس تماما ثمة شواهد عديدة وبعضها ظاهر في حكومة الرزاز تؤكد وبالتجربة الأثر السلبي للتعديل على أداء بعض الوزارات.



إشاعة التعديل انطلقت قبل إضراب المعلمين، استنادا لتوجهات أولية برزت في هذا الشأن في أوساط رسمية، ثم تحولت الإشاعة إلى ما يشبه الخبر اليقين مع نهاية الإضراب، وقرب موعد الدورة العادية الأخير للبرلمان.



واستندت الإشاعة لما يقال عن أداء لا يرقى لمستوى التحديات من جانب وزراء أساسيين في الحكومة خلال أزمة المعلمين، وانتقادات لأداء الفريق الاقتصادي.



وجود ملاحظات نقدية على أداء الوزراء أمر طبيعي في كل الظروف، وقد طاول الوزراء في كل الحكومات، لكن هل هذا شرط كاف لإجراء تعديل وزاري؟!



كنت قد كتبت في هذه الزاوية أكثر من مرة معارضا مبدأ التعديل الوزاري، إلا إذا كانت هناك ظروف قاهرة لايمكن معها استمرار وزير بعينه في الحكومة. والحقيقة أنني مازلت عندي رأيي.



تقول بعض التقارير الإخبارية إن التعديل إن وقع فسيشمل ما لا يقل عن 9 حقائب وزارية، أي أكثر من ثلث الحكومة.عندما يكون لديك مشكلة في أداء 9 وزراء فحتما هناك إشكالية كبرى في أداء الحكومة برمتها ما يقتضي تغييرها لاتعديلها. ولا يبدو أن هذا الأمر وارد في الظروف الحالية.



الحكومة الحالية مثلها مثل مجلس النواب تدخل الفصل الأخير من دورتها، ولا تزيد مدته عن ستة أشهر في أحسن الأحوال. ما الذي يستطيع وزير جديد فعله لتحسين الأداء في هذه الفترة الزمنية القصيرة؟



الحكومة على أبواب دورة برلمانية ستكرس لمناقشة موازنة الدولة للعام المقبل، وتنخرط في مفاوضات جدية ومعقدة مع صندوق النقد الدولي لإنجاز المراجعة الثالثة، وتتحمل مسؤولية عاجلة لإنجاز خطة للتحفيز الاقتصادي تخرج البلاد من حالة عدم اليقين وتحرك مؤشرات النمو. كيف يمكن لحكومة أن تنجز هذه المهمات بسلام، بينما يجري التفكير بتعديل وزاري يجرم ثلثها؟!



في الحالة الاستثنائية التي نمر فيها، إما مقاربة جديدة كليا للمشهد السياسي، أو إبقاء الحال على ما هو عليه إلى أن يحين موعد الاستحقاق الدستوري.