تعديلات برسم الضرورة قبل الرحيل

{title}
صوت الحق - د. طلال طلب الشرفات

قبل أن يشد مجلس النواب الرحال نحو اختبار الثقة الشعبية مرة أخرى من خلال صناديق الاقتراع بات من الواجب الإسراع في تعديلات تشريعية برسم الضرورة سيما وأن معظم هذه التشريعات تتعلق بمنظومة النزاهة وموجبات الثقة العامة وحماية المال العام، وثمة مبررات معقولة حول توقيت هذه التعديلات مرتبطة إلى حد كبير بحالة الانسجام المعقول للفريق الوزاري في الأشهر الأخيرة، وتراجع العمل بمنظومة المصالح الاقتصادية للقائمين على السياسات والتشريعات، وربما لم يكن بالإمكان- وقتذاك - اكثر مما كان.

التعديل الأول مرتبط بقانون النزاهة ومكافحة الفساد ويتضمن إضافة استخدام المال الأسود الوارد في المادة 59 من قانون الإنتخاب إلى جرائم الفساد الواردة في القانون، وإعطاء هيئة النزاهة ومكافحة الفساد صلاحية التحقيق الأولي فيها باعتبارها جريمة تتطلب تحقيقاً احترافياً بعد أن عجزت الأجهزة سابقاً عن ضبط وإحالة الذين يرتكبون هذه الجريمة إلى القضاء، وحتى عندما تم إحالة بعض الأشخاص فقد تم إحالتهم ببينات ضعيفة تم صدور أحكام وقتذاك بإعلان البراءة أو تقرير عدم المسؤولية.

التعديل الثاني بقانون الكسب غير المشروع وإعطاء هيئة النزاهة ومكافحة الفساد صلاحية المراقبة الحقيقية للنمو غير الطبيعي، وإزالة العقبات الواردة في القانون الحالي والمتمثلة بضرورة وجود شكوى او إخبار ، ويعتبر هذا القيد من أخطر القيود الواردة في قانون هيئة النزاهة لأن مبررات إيراده هي مبررات يبدو في ظاهرها حماية الخصوصية المالية للأفراد ولكنها تتضمن حماية غير مشروعة للساسة ورجال المال والاقتصاد الذين يتبؤون الموقع العام، ولهم تماس مباشر بالمال العام والثقة العامة.

والتعديل الثالث يتمثل في تعديل قانون المحكمة الدستورية من توسيع اختصاص المحكمة إلى الرقابة السابقة على دستورية الأنظمة والقوانين أو فحصها بعد إقرارها من البرلمان وقبل تصديقها من جلالة الملك وإجراء التعديلات الدستورية إن تطلب الأمر ذلك، وتوسيع صلاحية الرقابة دون اشتراط موافقة محكمة التمييز، أو تخفيف عدد أعضائها أو مستوى تفرغهم، وفي كل الأحوال لا يجوز ان تبقى كما هي الآن تصدر أحكامًا قليلة وتفاسير أقل .

الفترة المتبقية من عمر مجلس النواب تستدعي معالجة التشريعات سابقة الذكر، والحكومة مدعوة لملامسة الضرورة التشريعية بموجبات الحرص، وبعض هذه التعديلات سيترتب عليها تغيير شكل المجلس القادم؛ فحالة الردع الذي تحققه مباشرة هيئة النزاهة ومكافحة الفساد في استخدام المال السياسي ستؤدي الى حالة من رعب المرشحين في الاقتراب من هذه المساحة والتي ستؤدي في حال ثبوتها إلى حرمان المرشح الذي تلطخت يديه بالمال الأسود من فرصة الصعود إلى مجلس النواب بأدواره السياسية والتشريعية والرقابية.

حمى الله وطننا الغالي من كل سوء...