إنّه عالمٌ جديدٌ
صوت الحق -
ذاتَ صباحٍ "كانونيٍّ"، استيقَظَتْ المسكونةُ عند "ووهان" المدينة الصّينية، على مفاجأةٍ حمَلت معها نُذُرَ شرّ وباء، وصارت مفصلاً في التّاريخ وبدايةً لتقويمٍ جديد. ووجدنا أنفسَنا، أمام أغربِ حالةٍ وَحّدت شعوبَ الأرض، نرقبُ فيها عدوّاً خفيّاً يعيثُ فساداً في عالَمِنا الجميل، تزدادُ بشاعتُه كلَّ يوم مع ازدياد الخسائرِ في الأرواح وإحصائيات الإصابة، التي انتقل خطرُها إلى مئاتِ الألوفِ حولَ العالمِ، وطالَ أمراءَ ووزراءَ، وأغنياء وفقراء ومن كلّ الأعراق.
من وسْط بيوتِنا، ومن خلفِ أبوابٍ مُوصَدة، بدأنا نتابعُ مشاهدَ مملوءةً بالتّعبِ والموتِ الّذي تُخلّفُه (ضربات) تستهدف الأنفاس والنفوس.
وجاء أول بيانٍ "صُنع في الصين" حيثُ استطاع عدوّها وعدّونا أن يُثبٍتَ ، في البدايات، ضَعفَ مَنًعَتها، وأن سورَها العظيمَ لَمْ يَعُدْ حَصيناً.
ومِنْ الأرضِ الإيطاليةِ وريثةِ تاريخِ الإمبراطوريةِ الرومانيةِ جاءَ المشهد الحزين يعيدُ إلى ذاكرتِنا الكَسْلى صورةَ َضعفِنا أمامَ بعضِ نواميسِ الكَوْنِ وأدواتِه عندما تكونُ خاليَةً من دَسَم الرحمة.
ورأينا أنّه لم تعد للقوّة والجمال والمال أيّة قيمة بسببِ عجزِها أمامَ حاجةِ من أصابتهم العدوى إلى الأُكسجين.
هناك في باريس، وقف برجُ إيفل وحيداً، يرفعُ يافطةَ شكرٍ للمحارِبين ضدَّ وباءٍ أفقدَ المدينةَ رومانسيتَها وعطرَها وأغلقَ متاحفَها ومحالَّ بيعِ عطورِها.
من الحافّةِ الغربيّةِ للأطلسي، تصلُ مسامعَنا أنّاتُ نيويورك، المدينةِ العالميةِ، وهيَ تنحَني أمامَ ضرباتِ الموت. أمّا والت دزني، التي ظلّت مَقصِداً يعجُّ بالزائرين، فقد فَقَدَت سِحرَها، وجعلِ منها منظرُها كمدينةٍ مهجورةٍ، أعجوبةً من جديد.
وفي كلّ الأنحاء، صارت تُسمَع الأدعيةُ وتُرفعُ الابتهالاتُ خارجَ دورِ العبادةِ، التي تشتاقُ إلى العابدينَ والمصلّين الذي اُبعِدوا عنها.
استيقظنا لنرى زماناً مختلفاً رَسَمت هذه الجائحةُ ملامحَهُ القاتمة. فالميادينُ فارغةٌ والسّاحاتُ خاويةٌ والحدائقُ مهجورةٌ. ونحن هَجَرْنا نمطَ حياتِنا، وتَرَكْنا عاداتِنا، وجُمّدَت برامجُنا بسبب خطر ِهذا الفتّاك الخبيث.
في هذا الزّمان الكورونيّ صارت المُعانقةُ سلاحاً ضاراً، والمصافحةُ تهديداً، وتقبيلُ أحبتِّكَ عملاً إرهابياً. وصارَ الإمتناعُ عن زيارةِ الوالدين فعلَ مودَّةٍ ورحمةٍ وإكرام. والأبتعادُ عن الأهلِ والأقرباءِ والأصدقاءِ فعلاً محموداً محبّباً وممارسةً تعكِسُ اهتماماً وَوَعْياً تحضُّ عليها المنابرُ الدّينيَةُ ومنصّاتُ التوعيةِ الصحّيةِ والأمنيَّةِ والأجتماعيّة. وأصبح (الواتساب) وأمثاله أوّلَ أدواتِ صِلةِ الرَّحْم.
نعم. إنَّهُ زَمَنٌ وعالمٌ جَديدٌ.
فياربُّ ارْحَم
الاب نبيل حداد
من وسْط بيوتِنا، ومن خلفِ أبوابٍ مُوصَدة، بدأنا نتابعُ مشاهدَ مملوءةً بالتّعبِ والموتِ الّذي تُخلّفُه (ضربات) تستهدف الأنفاس والنفوس.
وجاء أول بيانٍ "صُنع في الصين" حيثُ استطاع عدوّها وعدّونا أن يُثبٍتَ ، في البدايات، ضَعفَ مَنًعَتها، وأن سورَها العظيمَ لَمْ يَعُدْ حَصيناً.
ومِنْ الأرضِ الإيطاليةِ وريثةِ تاريخِ الإمبراطوريةِ الرومانيةِ جاءَ المشهد الحزين يعيدُ إلى ذاكرتِنا الكَسْلى صورةَ َضعفِنا أمامَ بعضِ نواميسِ الكَوْنِ وأدواتِه عندما تكونُ خاليَةً من دَسَم الرحمة.
ورأينا أنّه لم تعد للقوّة والجمال والمال أيّة قيمة بسببِ عجزِها أمامَ حاجةِ من أصابتهم العدوى إلى الأُكسجين.
هناك في باريس، وقف برجُ إيفل وحيداً، يرفعُ يافطةَ شكرٍ للمحارِبين ضدَّ وباءٍ أفقدَ المدينةَ رومانسيتَها وعطرَها وأغلقَ متاحفَها ومحالَّ بيعِ عطورِها.
من الحافّةِ الغربيّةِ للأطلسي، تصلُ مسامعَنا أنّاتُ نيويورك، المدينةِ العالميةِ، وهيَ تنحَني أمامَ ضرباتِ الموت. أمّا والت دزني، التي ظلّت مَقصِداً يعجُّ بالزائرين، فقد فَقَدَت سِحرَها، وجعلِ منها منظرُها كمدينةٍ مهجورةٍ، أعجوبةً من جديد.
وفي كلّ الأنحاء، صارت تُسمَع الأدعيةُ وتُرفعُ الابتهالاتُ خارجَ دورِ العبادةِ، التي تشتاقُ إلى العابدينَ والمصلّين الذي اُبعِدوا عنها.
استيقظنا لنرى زماناً مختلفاً رَسَمت هذه الجائحةُ ملامحَهُ القاتمة. فالميادينُ فارغةٌ والسّاحاتُ خاويةٌ والحدائقُ مهجورةٌ. ونحن هَجَرْنا نمطَ حياتِنا، وتَرَكْنا عاداتِنا، وجُمّدَت برامجُنا بسبب خطر ِهذا الفتّاك الخبيث.
في هذا الزّمان الكورونيّ صارت المُعانقةُ سلاحاً ضاراً، والمصافحةُ تهديداً، وتقبيلُ أحبتِّكَ عملاً إرهابياً. وصارَ الإمتناعُ عن زيارةِ الوالدين فعلَ مودَّةٍ ورحمةٍ وإكرام. والأبتعادُ عن الأهلِ والأقرباءِ والأصدقاءِ فعلاً محموداً محبّباً وممارسةً تعكِسُ اهتماماً وَوَعْياً تحضُّ عليها المنابرُ الدّينيَةُ ومنصّاتُ التوعيةِ الصحّيةِ والأمنيَّةِ والأجتماعيّة. وأصبح (الواتساب) وأمثاله أوّلَ أدواتِ صِلةِ الرَّحْم.
نعم. إنَّهُ زَمَنٌ وعالمٌ جَديدٌ.
فياربُّ ارْحَم
الاب نبيل حداد
