عودة الأردنيين ... هل ننجح في المهمة؟

{title}
صوت الحق - وصلت أرض الوطن أمس الدفعة الأولى من الطلاب الأردنيين العائدين قسرا من عدة دول بعد تعطل الدراسة في جامعاتهم. وفي غضون الأيام الثلاثة المقبلة ستحط المزيد من الطائرات في مطار الملكة علياء الدولي حاملة على متنها ما يزيد على 3 آلاف شاب وشابة، في إطار خطة وطنية لتأمين عودة ما لا يقل عن 24 ألف أردني قرروا العودة للبلاد إثر جائحة كورونا التي شلت الحياة في عموم دول العالم.

يخضع العائدون لحجر صحي إلزامي في منطقة البحر الميت لمدة 17 يوما، ومن ثم سيخضعون لحجر منزلي لمدة 14 يوما، للتأكد من عدم إصابتهم بفيروس كورونا.

تنظيم الجسر الجوي الأردني تطلب ترتيبات لوجستية هائلة عملت عليها عدة جهات رسمية وتولت القوات المسلحة تنفيذها بالتعاون مع الملكية الأردنية. وسبق ذلك جهد تنظيمي من وزارة الخارجية والسفارات الأردنية في الخارج لضمان أقصى درجات الشفافية.

لكن العملية حافلة بالتحديات الكبرى ويمكن اعتبارها المهمة الأصعب التي تواجه الأجهزة المعنية بعد عملية احتواء الوباء في الأردن.

أعداد الأردنيين الراغبين بالعودة في تزايد مستمر، وكل أردني مقيم في الخارج ويرغب بالعودة ينظر إلى قضيته باعتبارها أولوية، وثمة ضغوط بدأت تمارس على السفارات الأردنية في الخارج وعلى مؤسسات الدولة في الداخل. هناك الآلاف من الأردنيين الذين تقطعت بهم السبل في دول عديدة علقوا بها لأسباب مختلفة. ويضاف إلى هؤلاء أعداد غير قليلة من الأردنيين في دول الخليج تحديدا من الذين فقدوا وظائفهم، وأصبحوا مضطرين للعودة لبلادهم، والأعداد هذه مرشحة للزيادة في الأيام المقبلة.

وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي تنقل إلينا يوميا عشرات الحالات الإنسانية لأردنيين علقوا في بلدان غربية ولايملكون من المال ما يكفي لتأمين إقامة لعائلاتهم.

في المقابل،الطاقة الاستيعابية لا تسمح باستقبال أعداد كبيرة في نفس الوقت، وهناك توجه حاليا لتخصيص فنادق في عمان للحجر الصحي. والمشكلة التي تواجه السلطات أيضا هي عدم قدرة بعض الأردنيين على دفع تكاليف الإقامة في الفنادق، وقد يكون الخيار البديل في مثل هذه الحالات فتح أبواب مدارس حكومية لإقامتهم فترة الحجر الصحي.

ووسط هذه المحاولات لتقديم أفضل مستوى ممكن من الاستجابة، لا يغيب عن البال المحذور الصحي والقلق من وجود حالات مصابين بين العائدين الأمر الذي يتطلب أعلى درجة اليقظة وعدم التساهل تحسبا من تسلل الفيروس من جديد إلى الداخل الأردني بعد أسبوع من عدم تسجيل أي إصابة.
ليس أمام السلطات الرسمية من خيار سوى تطوير قدراتها اللوجستية لتلبية الطلب المتزايد على العودة، وتوفير الإمكانيات اللازمة لتنظيم أكبر عملية حجر صحي في تاريخ البلاد.

لقد واجهنا في حرب الخليج الأولى عودة مئات الألوف من الأردنيين إلى أرض الوطن ومعهم نحو مليون شخص من جنسيات عربية وأجنبية عبروا الحدود الأردنية وتم تأمين عودتهم لبلدانهم، لكن الهاجس الصحي لم يكن حاضرا كما هو الحال مع جائحة كورونا حاليا.

لن تتم العملية بسهولة، وكما هو الحال مع دول عديدة تتطلب وقتا طويلا قد يمتد لأسابيع طويلة لحين التمكن من تأمين عودة جميع الراغبين. لكن علينا العمل منذ اليوم لرفع جاهزيتنا.

النجاح في معركتنا الكبرى لدحر فيروس كورنا يتوقف على قدرتنا على تنفيذ المهمة الأخيرة في هذا الميدان وهي تأمين عودة آمنة للأردنيين في الخارج.(الغد)