د. محمد ابوحجيلة يكتب : الإدارة بالمحبة .. الجامعة الهاشمية انموذجاً

{title}
صوت الحق - كتب الدكتور محمد أبو حجيلة

الإدارة بالمحبة : مدرسة إدارية إبداعية في ظروفٍ استثنائية


- الجامعةُ الهاشمية انموذجاً -


يُعتبر علمُ الإدارة أحدُ فروع العلوم الإنسانية الحديثة، ويرتكز إهتمام هذا العلم، على إيجاد الطريقة المثلى لإنجاز الأعمال الموكلة لفريق العمل، بهدف تحقيق الأهداف المنشودة للمؤسسات على أكمل وجه، و هذا يُمثل التعريف المختصر للإدارة. أما التعريف الأشمل للإدارة، فإنه يقوم على أنها جُملة من القواعد والمبادئ، التي يستخدمها المدير، لتكريس الموارد المتوفرة واستخدامها بالشكل الأنسب، سعياً لتحقيق الأهداف المنشودة للمنشأة، بأقل وقت وجهد، وبأقل تكلفة ممكنة، و بما يحقق أعلى درجات الرضا الوظيفي للمنتسبين للمنشأة.

أما فيما يتعلق بالإدارة الحديثة، فإنها أسلوبٌ يعتمد بشكل أساسي على إدارة الموارد بشقيها البشري والمادي، وتوجيهها وتنظيمها وفقاً لهيكليات معينة، وبالتالي تحقيق الأهداف المرجوة بالشكل المطلوب، وتحقيق رضا المستفيدين، وبالتالي تحقيق الشعور بالسعادة والرضا والإتقان لدى العاملين.

تنوعت أساليب الإدارة الحديثة لتشمل مفاهيم متنوعة؛ كالإدارة التشاركية، والتوجيهية، و الإدارة الاستشارية، و التعاونية، و التحويلة، او الادارة من خلال التدريب، أما ما يلفت الإنتباه حقاً، و يشكل حافزاً مهماً لكتابة هذا المقال، فهو تبني مفهوم الإدارة بالمحبة؛ و هو نهج تبنته الجامعة الهاشمية حديثاً من خلال قيادتها الحالية، بقيادة الأستاذ الدكتور فواز الزبون وفريقه الإداري، أصحاب الرؤية والخبرة الأكاديمية والإدارية.

الحديث السابق هو بمثابة توطئة حول تأثيرات الإدارة على الفرد والمجتمع و على الاداء العام للمنشآت بكل اصنافها، حيث أن قائد أي منشأة هدفهُ النجاح، عليه إشاعة روح الفريق في مكان عمله، لكي تتحول الجهود الفردية الى منتج جماعي، و هذا لن يتأتى إلا إذا آمن القائد بأن الحب يمثل مركزاً للمشاعر الانسانية النبيلة، بحيث يقوم هذا الحب على مفاهيم المحبة الصادقة ، والاحترام المتبادل، وتنمية العلاقات المهنية مع العاملين بشكل صحيح فعال، ويجعل من فريق العمل أسرة متحابة، و هذا نهج ينسجم مع قيم وأخلاق الدين الإسلامي الحنيف، وهو امتثالاً لقوله صل الله عليه وسلم " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه".

تَسعى الهاشمية إلى تحقيق الريادة والتميز في حقول التعليم الجامعي، والبحث العلمي، والنهوض بالمجتمع، والإنتاج العلمي والمعرفي، والمساهمة في تحقيق رسالة الوطن في التقدم والازدهار، من خلال إعداد الكوادر البشرية القيادية والمبدعة، وتهيئة بيئة جامعية محفزّة على الإبداع والابتكار والريادة. تَتشرف الجامعة الهاشمية بحَملِ اسم ذي دلالات عميقة، يَربطها بالهاشميين في المملكة الأردنية الهاشمية، كما وتَحرِصُ الجامعة على تقديم التعليم النوعيّ المرتكز على الأساليب الحديثة، وأسس الحوار البنّاء، والتفكير الإبداعي والناقد، والالتزام بالبحث الرصين المنتِج للمعرفة، وتوظيف التعلم والتعليم الرقمي، وتعزيز قيم التسامح والاعتدال، ونبذ التعصب والتطرف بكافة أشكاله، وتنمية روح الانتماء للوطن والولاء للقيادة الهاشمية و تضم الجامعة في جنباتها العديد من الكليات والتخصصات لكافة المراحل الدراسية، وحصلت على العديد من اوسمة التقدير والجوائز العالمية، وتتبنى الكثير من المشاريع الوطنية الاستراتيجية.

بالإضافة الى الإنجازات المتتالية لقيادة الهاشمية، كالحرم الجامعي الذكي، والهوية الجامعية الذكية، والنقلة النوعية بالتحول نحو التعليم الإلكتروني، في ظل أزمة كورونا، وفي فترة قياسية، يبقى الملفت للانتباه في هذا الصرح الأكاديمي، هو نهج الإدارة بالمحبة، و هو مفهوم يستحق الوقوف عنده ملياً، ويحتاج المزيد من البحث من عدة جوانب، وخصوصاً في ظل انطلاقة جديدة للهاشمية، تتمثل بسمعة أكاديمية وإدارية لا يستطيع أيُ متابعٍ للشأن الأكاديمي ان ينكرها، وهذه انجازات تم بناؤها في ظل ظروف محلية وعالمية صعبة فرضتها جائحة كورونا.

القيادة الحالية للجامعة الهاشمية، تخطوا بخطوات واثقة، من خلال تجذير منهج الإدارة بالمحبة؛ والتي حتماً لا تعني كسر الحواجز الإدارية بين الرئيس والمرؤوس، بل هي أعمق من ذلك لتتمثل بتقدير الجانب الإنساني في العمل، وعدم التعامل مع قوانين جامدة تستبعد الأبعاد الإنسانية في التعامل. الادارة بالمحبة منهج له اكبر الاثر في قلوب وعقول المرؤوسين، ويعطيهم الدافع الاكبر، مما يجعل منهم فريق عمل مليئا بالنشاط والحيوية، وهذا تعميقا لمبدأ التحفيز؛ الذي ليس بالضرورة أن يكون تحفيزاً مالياً، بل تحفيزأ معنويا ذو أثرٍ عميق، بحيث يحرص الرئيس على الثناء للمرؤوس كلّما أدّى عمله على الوجه الصحيح، ويفوّض من صلاحياته في آداء الأعمال، تجذيراً لمبدأ التشاركية والثقة، ويكافئه بكلمة طيبة ، ويُذكّره دوماً أنّه أهلٌ ليكونَ في أفضل المواقع الإدارية، وأهل لإنجاز أعظم المهام، وهذا تجذير لمنهج النبوة الكريمة- صلى الله عليه وسلم- عندما يقول: "والكلمة الطيبة صدقة".