بشر الخصاونة .. صعود ناعم بالمناصب إلى “المواجهة الخشنة”
صوت الحق -
رسم: ناصر الجعفري - كتابة: محمد الرنتيسي
في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) 2020، صعد اسم بشر هاني الخصاونة (أبو هاني)، إلى “الواجهة الأردنية”، كما لم يصعد من قبل، ذلك أن الرجل المولود في السابع والعشرين من كانون الثاني (يناير) 1969، (52 عاما)، وطيلة مسيرته في تولي المناصب والتدرج بها، ظل بعيدا نوعا ما عن الظهور المستمر، أو بقول أدق: “ظل في مأمن من الاشتباك المباشر مع الناس والملفات الشائكة محليا على المستويات كافة”.
لكن الخصاونة المتزوج من الإعلامية رنا سلطان، ولديهما من الأبناء بالإضافة إلى هاني، كل من زين ونور، الآن “تحت المحاكمة” كل يوم، والقرارات التي يتخذها “دولته” تخضع لاعتبارات مختلفة تمام عن أي اعتبارات بأي منصب تولاه سابقا بين قائمة مناصب طويلة، وهي اعتبارات الرأي العام أو رد الفعل الشعبي الخشنة التي ترحم، لا سيما في ظل “تشكيلة أزمات” تشهدها المملكة، في مقدمتها جائحة كورونا، والأوضاع الاقتصادية الصعبة.
ذلك الأمر بديهي ومعروف لدى الخصاونة الذي يصفه قريبون منه بـ”القارئ والفاهم على نحو استثنائي”، لتعقيدات المشهد المحلي والإقليمي والدولي، بعد مسيرة عمل حافلة وطويلة، فضلا عن “خبرة نوعية” اكتسبها قبل تسلمه الحكومة، بعمله مستشارا لجلالة الملك للسياسات، وقبلها مستشارا لجلالته للاتصال والتنسيق، ما أتاح للرجل الغوص عميقا بملفات الدولة وتحديدا فيما يتعلق بالحكومات، ما هيأه أكثر ليصبح رئيسا للوزراء، وبولاية عامة “أوسع مساحة”، وهي المساحة التي لم ينلها سابقوه، على حد قول مراقبين.
“مساحة أوسع” وليس كاملة، لأمرين، الأول، أن جدلية الولاية العامة، تنتهي بحسب أحاديث أو تصريحات للعديد من السياسيين والشخصيات الوازنة، بأنها لا يمكن أن تكون كاملة لأي حكومة، ذلك أن إدارة المشهد في السياقين الموضوعي والتاريخي، متشابكة بين جهات نافذة عدة، والحكومات ليست سوى جزءا من هذا التشابك.
أما الأمر الثاني، فهو ما يُنقل عن أن الخصاونة وفي بعض جلساته، قال، “إن تشكيلة فريقي الوزاري لم تكن جميعها من اختياري”، وفي حديثه هذا ضرب أو خرق لمبدأ الولاية العامة.
وبالحديث عن وزرائه وهم 31 وزيرا، تعود للأذهان الانتقادات التي طالت الخصاونة بسبب حجم الفريق الذي يضم 8 وزراء دولة في ظل حاجة حقيقية لضبط إنفاق المال العام، وهنا يقال، إنه ندم على توزير عدد منهم، وإنه معجب بوزراء دخلوا تشكيلته من بوابة حكومة عمر الرزاز، التي سبقت حكومته.
وعلى ذكر الرزاز، الذي اتهم بضم “أصدقاء مقربين” ضمن تشكيلة حكومته، فإن الخصاونة ليس بمنأى عن التهمة ذاتها، فلمن لا يعلم، هناك 6 وزراء في حكومته يعتبرون من دائرة الأصدقاء المقربين للرجل، بعضهم يتواجد بجانبه في دار رئاسة الوزراء، والبعض الآخر يتواجدون في وزاراتهم.
وبشأن شخصية الخصاونة في العمل، فإنه “قوي” كما يصفه بعض الوزراء في حكومته، لكنه “متسلط” كما يراه وزراء آخرون، أما ما يشبه الإجماع حول شخصيته، وهنا الحديث بشكل عام وليس من خلال وزرائه، فإنه “قلق ولا يثق كثيرا بالآخرين”.
ولعل من أبرز المآخذ على الخصاونة وحكومته، أنها “بلا هوية”، وطرحت برنامجا يقول منتقدوه، إنه “إنشائي ولا جديد فيه”، ورغم مرور أشهر على طرحه، إلا أن سمته وملامحه لم تتضح، أما ثقة النواب التي نالتها الحكومة على أساس برنامجها، فلا طعم لها ولا رائحة ولا لون، كونها كما يردد المرددون، “تحصيل حاصل” سواء كان البرنامج قويا بالفعل أو ركيك وهش.
ويحضر بمناسبة هذا الحديث الرزاز الذي رحل بما له وما عليه، إذ حملت حكومته عنوان “حكومة النهضة”، وصار هذا “المصطلح الحالم” محط تندر لدى الأردنيين ويستخدم في سياق السخرية أو ما تُعرف بـ”الكوميديا السوداء”، بينما حكومة الخصاونة لا تحمل عنوانا عريضا يحمل تصورها للمرحلة المقبلة.
بيد أن مراقبين يرون بحديث جلالة الملك خلال المقابلة مع وكالة الأنباء الأردنية، مؤخرا، رسالة واضحة تدفع باتجاه عودة ملف الإصلاح السياسي إلى الواجهة كعنوان على الحكومة أن تتفاعل معه لمرحلة جديدة، إذ أكد جلالته ضرورة النظر بالقوانين الناظمة للحياة السياسية، كقوانين الانتخاب والأحزاب والإدارة المحلية.
الأمر ليس هينا، وغني بالتعقيدات والتشابكات التي تحكم رسم المشهد السياسي العام في الأردن، ما يتطلب وقتا وجهدا كبيرين بما يفوق قدرة الحكومة الغارقة في ملف أزمة جائحة كورونا وتداعياتها، وبهذا يقول قائل عن الحكومات بشكل عام وليس حكومة الخصاونة تحديدا، إنها “تغرق بشبر ماء”، وعن الحكومة الحالية وملف الإصلاح تحديدا، يقول: “لن تقوى على حمل وإدارة ملف بهذا الحجم، لأسباب تتعلق بحجم ضغط الأزمات الحالية، وأخرى تتعلق بتركيبة الحكومة التي تحتاج إلى تعزيزها بشخصيات سياسية وازنة تمتلك القدرة أكثر على التقاط رؤية الملك بشأن القوانين الناظمة للحياة السياسية”.
بكل الأحوال، ولإنصاف الرجل، فهو لن يملك “عصى سحرية” ليستيقظ الأردنيون على رخاء اقتصادي ومعيشي وسياسي وما إلى ذلك، كون الأزمات بمفهومها العام والشامل “متراكمة ومركبة”، وربما كل ما يريدونه هو “الرأفة” بحالهم وأحوالهم، قبل أن تحين “ساعة صفر” الخصاونة، ويرحل إلى مثوى آخر غير الدوار الرابع، فيأتي من بعده ومن بعد بعده، وهكذا “لعل الله يُحدث بعد ذلك أمرا”، كأن يبتلينا بحكومة قادرة على فكفكة تلك الأزمات، وإحداث فارق ملموس بواقع الأردنيين وبما يليق بنقائهم وصبرهم.
في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) 2020، صعد اسم بشر هاني الخصاونة (أبو هاني)، إلى “الواجهة الأردنية”، كما لم يصعد من قبل، ذلك أن الرجل المولود في السابع والعشرين من كانون الثاني (يناير) 1969، (52 عاما)، وطيلة مسيرته في تولي المناصب والتدرج بها، ظل بعيدا نوعا ما عن الظهور المستمر، أو بقول أدق: “ظل في مأمن من الاشتباك المباشر مع الناس والملفات الشائكة محليا على المستويات كافة”.
لكن الخصاونة المتزوج من الإعلامية رنا سلطان، ولديهما من الأبناء بالإضافة إلى هاني، كل من زين ونور، الآن “تحت المحاكمة” كل يوم، والقرارات التي يتخذها “دولته” تخضع لاعتبارات مختلفة تمام عن أي اعتبارات بأي منصب تولاه سابقا بين قائمة مناصب طويلة، وهي اعتبارات الرأي العام أو رد الفعل الشعبي الخشنة التي ترحم، لا سيما في ظل “تشكيلة أزمات” تشهدها المملكة، في مقدمتها جائحة كورونا، والأوضاع الاقتصادية الصعبة.
ذلك الأمر بديهي ومعروف لدى الخصاونة الذي يصفه قريبون منه بـ”القارئ والفاهم على نحو استثنائي”، لتعقيدات المشهد المحلي والإقليمي والدولي، بعد مسيرة عمل حافلة وطويلة، فضلا عن “خبرة نوعية” اكتسبها قبل تسلمه الحكومة، بعمله مستشارا لجلالة الملك للسياسات، وقبلها مستشارا لجلالته للاتصال والتنسيق، ما أتاح للرجل الغوص عميقا بملفات الدولة وتحديدا فيما يتعلق بالحكومات، ما هيأه أكثر ليصبح رئيسا للوزراء، وبولاية عامة “أوسع مساحة”، وهي المساحة التي لم ينلها سابقوه، على حد قول مراقبين.
“مساحة أوسع” وليس كاملة، لأمرين، الأول، أن جدلية الولاية العامة، تنتهي بحسب أحاديث أو تصريحات للعديد من السياسيين والشخصيات الوازنة، بأنها لا يمكن أن تكون كاملة لأي حكومة، ذلك أن إدارة المشهد في السياقين الموضوعي والتاريخي، متشابكة بين جهات نافذة عدة، والحكومات ليست سوى جزءا من هذا التشابك.
أما الأمر الثاني، فهو ما يُنقل عن أن الخصاونة وفي بعض جلساته، قال، “إن تشكيلة فريقي الوزاري لم تكن جميعها من اختياري”، وفي حديثه هذا ضرب أو خرق لمبدأ الولاية العامة.
وبالحديث عن وزرائه وهم 31 وزيرا، تعود للأذهان الانتقادات التي طالت الخصاونة بسبب حجم الفريق الذي يضم 8 وزراء دولة في ظل حاجة حقيقية لضبط إنفاق المال العام، وهنا يقال، إنه ندم على توزير عدد منهم، وإنه معجب بوزراء دخلوا تشكيلته من بوابة حكومة عمر الرزاز، التي سبقت حكومته.
وعلى ذكر الرزاز، الذي اتهم بضم “أصدقاء مقربين” ضمن تشكيلة حكومته، فإن الخصاونة ليس بمنأى عن التهمة ذاتها، فلمن لا يعلم، هناك 6 وزراء في حكومته يعتبرون من دائرة الأصدقاء المقربين للرجل، بعضهم يتواجد بجانبه في دار رئاسة الوزراء، والبعض الآخر يتواجدون في وزاراتهم.
وبشأن شخصية الخصاونة في العمل، فإنه “قوي” كما يصفه بعض الوزراء في حكومته، لكنه “متسلط” كما يراه وزراء آخرون، أما ما يشبه الإجماع حول شخصيته، وهنا الحديث بشكل عام وليس من خلال وزرائه، فإنه “قلق ولا يثق كثيرا بالآخرين”.
ولعل من أبرز المآخذ على الخصاونة وحكومته، أنها “بلا هوية”، وطرحت برنامجا يقول منتقدوه، إنه “إنشائي ولا جديد فيه”، ورغم مرور أشهر على طرحه، إلا أن سمته وملامحه لم تتضح، أما ثقة النواب التي نالتها الحكومة على أساس برنامجها، فلا طعم لها ولا رائحة ولا لون، كونها كما يردد المرددون، “تحصيل حاصل” سواء كان البرنامج قويا بالفعل أو ركيك وهش.
ويحضر بمناسبة هذا الحديث الرزاز الذي رحل بما له وما عليه، إذ حملت حكومته عنوان “حكومة النهضة”، وصار هذا “المصطلح الحالم” محط تندر لدى الأردنيين ويستخدم في سياق السخرية أو ما تُعرف بـ”الكوميديا السوداء”، بينما حكومة الخصاونة لا تحمل عنوانا عريضا يحمل تصورها للمرحلة المقبلة.
بيد أن مراقبين يرون بحديث جلالة الملك خلال المقابلة مع وكالة الأنباء الأردنية، مؤخرا، رسالة واضحة تدفع باتجاه عودة ملف الإصلاح السياسي إلى الواجهة كعنوان على الحكومة أن تتفاعل معه لمرحلة جديدة، إذ أكد جلالته ضرورة النظر بالقوانين الناظمة للحياة السياسية، كقوانين الانتخاب والأحزاب والإدارة المحلية.
الأمر ليس هينا، وغني بالتعقيدات والتشابكات التي تحكم رسم المشهد السياسي العام في الأردن، ما يتطلب وقتا وجهدا كبيرين بما يفوق قدرة الحكومة الغارقة في ملف أزمة جائحة كورونا وتداعياتها، وبهذا يقول قائل عن الحكومات بشكل عام وليس حكومة الخصاونة تحديدا، إنها “تغرق بشبر ماء”، وعن الحكومة الحالية وملف الإصلاح تحديدا، يقول: “لن تقوى على حمل وإدارة ملف بهذا الحجم، لأسباب تتعلق بحجم ضغط الأزمات الحالية، وأخرى تتعلق بتركيبة الحكومة التي تحتاج إلى تعزيزها بشخصيات سياسية وازنة تمتلك القدرة أكثر على التقاط رؤية الملك بشأن القوانين الناظمة للحياة السياسية”.
بكل الأحوال، ولإنصاف الرجل، فهو لن يملك “عصى سحرية” ليستيقظ الأردنيون على رخاء اقتصادي ومعيشي وسياسي وما إلى ذلك، كون الأزمات بمفهومها العام والشامل “متراكمة ومركبة”، وربما كل ما يريدونه هو “الرأفة” بحالهم وأحوالهم، قبل أن تحين “ساعة صفر” الخصاونة، ويرحل إلى مثوى آخر غير الدوار الرابع، فيأتي من بعده ومن بعد بعده، وهكذا “لعل الله يُحدث بعد ذلك أمرا”، كأن يبتلينا بحكومة قادرة على فكفكة تلك الأزمات، وإحداث فارق ملموس بواقع الأردنيين وبما يليق بنقائهم وصبرهم.