لأول مرة.. 17 مؤسسة مجتمع مدني تطلق تقريرا حقوقيا تجميعيا

{title}
صوت الحق - كشف تقرير تجميعي لمنظمات مجتمع مدني أن “التعليم عن بعد” أثر سلبا على الحق في التعليم، وأنه لم يكن بديلا كافيا عن المدرسة، خاصة مع ضعف الإمكانات التكنولوجية لدى الطلاب، وعدم امتلاك أولياء الأمور مهارات التدريس اللازمة لمتابعة سير العملية بين الطالب والنظام التعليمي، وضعف تدريب الكادر التعليمي في التعامل مع الوسائل التكنولوجية الحديثة.

وأكد التقرير الذي يصدر لأول مرة، ويعاين حالة حقوق الإنسان في الأردن أن جائحة كورونا وتداعياتها جعلت من الحق في الصحة يتصدر الاهتمام بين الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، مذكرا أن الدستور نص صراحة على هذا الحق في الوقت الذي لا يزال التأمين الصحي غير شامل لجميع الأردنيين، مع تضارب دائم على مدى سنوات في النسب المعلنة عن عدد المشمولين بالتأمينات الصحية من قبل وزارة الصحة، حيث تقول الوزارة أن 30% تقريبا غير مشمولين بخدمات الـتأمين الصحي.

17 مؤسسة مجتمع مدني شاركت وساهمت بإعداد هذا التقرير الذي أشرف على متابعته مركز حماية وحرية الصحفيين، وهي: اتحاد المرأة الأردنية، تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، جمعية أنا إنسان لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، الجمعية الأردنية لحقوق الإنسان، جمعية معهد تضامن النساء الأردني، جمعية النساء العربيات في الأردن، الشبكة القانونية للنساء العربيات، شبكة المرأة لدعم المرأة- الأردن، محامون بلا حدود، مركز آفاق الأردن للتنمية والتدريب، مركز حماية وحرية الصحفيين، مركز سواعد التغيير لتمكين المجتمع، مركز الشرق والغرب للتنمية المستدامة، مركز عدالة لدراسات حقوق الإنسان، مركز العدل للمساعدة القانونية، مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، ومنظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض).

وبين التقرير الذي أنجزه مركز حماية وحرية الصحفيين ضمن مشروع “تغيير.. نهج تشاوري جديد لدعم حقوق الإنسان”، والذي يُنفذ بدعم من قبل الوكالة الإسبانية للتعاون الدولي (AECID)، وتمويل الاتحاد الأوروبي، أن استمرار الإفلات من العقاب، وعدم استثناء عقوبة التعذيب من العفو العام، أضف إلى ذلك عدم وجود نص خاص وصريح في القانون المدني الأردني ينص على تعويض ضحايا التعذيب يشكل تحديا حقيقيا.

وأوضح التقرير أن التعذيب وسوء المعاملة لم يعالج على المستوى التشريعي، على الرغم من التعديلات التي أجريت على المادة 208 من قانون العقوبات في عام 2017، ورفع الحد الأدنى للعقوبة من 6 شهور إلى سنة، مشيرا إلى أن هذا النص غير كافٍ لمنع وقوع التعذيب، ولا يوفر الضمانات الكافية التي تحد منها.

وأشار التقرير إلى أن التوقيف الإداري سندا إلى قانون منع الجرائم يعد تعديا واضحا على القضاء واستقلاليته، واعتداء على فصل السلطات، وانتهاك لحرية الإنسان، كما أنه يتعارض مع ضمانات المحاكمة العادلة؛ مما يستوجب إما إلغاء القانون، أو تعديله بحيث لا يسمح باستخدام التوقيف الإداري بتعطيل منظومة الحماية.

ولاحظ التقرير الذي حمل عنوان “على الحافة”، استمرار السلطات باستخدام القوانين كأداة تقييد لحرية التعبير والإعلام والتجمع السلمي، مبينا أن قانون الدفاع وأوامره استخدمت لفرض قيود على بعض الحقوق تحت ذريعة حماية الصحة والسلامة العامة في ظل جائحة كورونا.

ونوه التقرير إلى أن أمر الدفاع رقم (8) ساهم بفرض قيود إضافية على حرية التعبير والإعلام، إذا غلظ العقوبات على كل من يتهم بترويج الشائعات، خاصة ما يتعلق بجائحة كورونا.

ونبه التقرير إلى أن تزايد قرارات حظر النشر تعتبر قيدا على حرية التعبير والإعلام، وتمنع تدفق المعلومات للمجتمع، وتشكل ضغطا غير مسبوق على وسائل الإعلام، مثلما جرى في قضية نقابة المعلمين.

وكشف التقرير عن أن بعض وسائل الإعلام اشتكت من حرمانها من تصاريح التنقل خلال جائحة كورونا مما قيد عملها، وشكل انتهاكا بحقها.

وقال التقرير إن عقوبة الإعدام تُشكل أبرز تحدٍ حقوقي، وانتهاك صريح بالحق في الحياة والحرية والسلامة الجسدية، مؤكدا إلى عدم وجود أي رابط جلي وواضح بين ارتفاع الجريمة أو انخفاضها مع تطبيق عقوبة الإعدام أو وقفها.

وأضاف التقرير أن عدد النصوص القانونية التي تفرض عقوبة الإعدام في مختلف الجرائم تصل إلى 30 نصا في عدة قوانين، داعيا إلى العمل على إلغاء عقوبة الإعدام، أو -على الأقل- تقليص النصوص القانونية إلى الحد الأدنى، وحصرها في الجرائم الأكثر خطوة، مع العمل على إيجاد عقوبات بديلة.

وتضمن التقرير ثلاثة فصول رئيسية تتضمن أبرز المسائل والتحديات والانتهاكات، إلى جانب بعض الإنجازات التي تم تحليلها ورصدها، وقُسم على النحو التالي: الحقوق المدنية والسياسية، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بالإضافة إلى حقوق الفئات الأكثر حاجة للحماية.

ناقش التقرير في فصله الأول واقع الحقوق المدنية والسياسية في الأردن، ورصد التحديات والانتهاكات التي تقع عليها، وأوضح أن “المساواة أمام القضاء وضمانات المحاكمة العادلة تعتريها بعض الانتهاكات والإشكاليات، حيث تعتبر كل من محكمة أمن الدولة، ومحكمة الشرطة والمحاكم العسكرية، بما فيها محكمة المخابرات العامة، محاكم خاصة وفق التشريعات الوطنية”، مذكرا أنه قد أثيرت تساؤلات كثيرة عن مدى استقلال هذه المحاكم الخاصة، ومدى تلبيتها لمعايير المحاكمة العادلة، خاصة خضوعها للسلطة التنفيذية.

ولفت التقرير إلى أن قانون محاكم الصلح، وقانون أصول المحاكمات المدنية، وقانون أصول المحاكمات الجزائية بحاجة إلى إعادة نظر لأنها اختصرت الإجراءات القضائية بشكل يهدر حقوق المتخاصمين، مؤكدا على ضرورة إعادة الاختصاص بنظر الدفوع بدستورية القوانين إلى المحاكم النظامية وتحت رقابة من المحكمة الدستورية.

وسلط التقرير الضوء على تزايد أعداد القضايا التنفيذية بحق من تترتب عليهم قيود مالية تأخروا في سدادها نظراً للظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها الأفراد والأسر وفق إحصائيات رسمية حديثة، ويعتبر الجهل وضعف المعرفة القانونية بتبعات توقيع الشيكات وكفالة المدينين من أكثر الأسباب التي أدت إلى هذه الزيادة، وقد شكلت قضية “الغارمات” مشكلة اجتماعية وحقوقية في السنوات الأخيرة.

وبين أن المؤسسات المشاركة في إعداد التقرير رصدت الانتهاكات والتجاوزات الواقعة على حرية الرأي والتعبير، موضحا أن حرية التعبير مكفولة بنص الدستور، إلا أن هنالك خللا تشريعيا يفرغ هذا الحق من مضمونه، إما بوضع نصوص قانونية تقيد إبداء الرأي حيال بعض الموضوعات، وتسمح بتوقيف الصحفيين بموجبها.

تتبع التقرير التشريعات المتعلقة بحرية التعبير والإعلام، وبيّن أن الحكومة قدمت مشروع قانون معدل لقانون الجرائم الإلكترونية في عام 2018 ألغي بموجبه نص المادة (11) المثيرة للانتقادات والتي كانت تسمح بتوقيف وحبس الإعلاميين والإعلاميات، ومستخدمي السوشيل ميديا، ولكنه أدخل تعريفاً ونصاً جديداً لخطاب الكراهية غير منضبط قانوناً ويجيز التوقيف والحبس مرة أخرى، ورغم أنّ مشروع القانون اعتبر أفضل من القانون الساري، إلا أنّ مجلس النواب قام برده وأحيل إلى مجلس الأعيان، ولاحقاً في عام 2020 قامت حكومة بشر الخصاونة باسترداد المشروع من مجلس الأمة، ولا يعرف حتى الآن مصيره.

وأضاف أن الحكومة قررت في شباط/ فبراير 2019 سحب مشروع قانون ضمان حق الحصول على المعلومات الموجود في مجلس النواب منذ عام 2012، وشكلت لجنة تضم خبراء لتعمل على وضع تصور لمشروع قانون جديد يساهم في إنفاذ حق الحصول على المعلومات، وبعد نقاشات طويلة توافقت اللجنة على مشروع قانون يعد حالة متقدمة عن القانون الحالي، لكن الحكومة وديوان الرأي والتشريع أدخلتا تعديلات

على مشروع القانون مست المبادئ الضامنة لتكريس حق الحصول على المعلومات، وأرسل إلى مجلس النواب ولكنه لم يناقش حتى الآن.

لم يسجل التقرير أي إجراءات تشريعية خلال عام 2020 على قانون الاجتماعات العامة رقم (7) لعام 2004، مبينا أن الحق في التجمع السلمي يعاني من تشوهات متعددة تتمثل بلغة غامضة توفر للحكومة

سلطة تفريق التجمعات العامة، ومعاقبة المشاركين في التجمع، وكذلك إعطاء الحاكم الإداري صلاحية تفريق أي تجمع أو منع مظاهرة بالطريقة التي يراها مناسبة إذا تغيرت أهداف التجمع أو المظاهرة.

ونبه التقرير إلى تعدد القوانين والأنظمة التي تقيد حرية تكوين الجمعيات والنقابات والأحزاب، وتتمثل القوانين بـ (قانون الجمعيات، قانون العمل، قانون الشركات، قانون الأحزاب، وغيرها من القوانين الخاصة)، لافتا أن منظمات المجتمع المدني لا تحظى بالمساحة المناسبة من الحرية التي يجب أن تتمتع فيها وفق الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، وخاصة حقها في التنظيم والتجمع السلمي، وحرية الرأي والتعبير.

وجد التقرير أن قانون العمل الأردني قيد حرية تشكيل النقابات العمالية مناقضا بذلك معايير حرية التنظيم النقابي المتعارف عليها في الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، واتفاقيات منظمة العمل الدولية، ومخالفا أيضا الدستور الأردني.

وأضاف أن ربط ترخيص الأحزاب بموافقة الحكومة مخالف لمبدئ استقلاليتها، والتي يمكن أن تكون من خلال الهيئة المستقلة للانتخاب، وأيضا وضع القانون شروطا كثيرة لترخيص الأحزاب.

أما فيما يتعلق بالحق في الانتخاب، قال التقرير “أن الانتخابات النيابية التي جرت في عام 2020 اتسمت بضعف المشاركة الشعبية إذ بلغت 29.90% حسب البيانات الصادرة عن الهيئة المستقلة للانتخاب مقارنةً بالانتخابات النيابية السابقة التي بلغت 36%، وهي نسبة تضعف من القناعة العامة بتمثيل المجلس للمجتمع، مكرسة كسابقاتها التنافس بين الانتماءات المناطقية والجهوية الضيقة، وأظهرت ضعف التنافس الحزبي والبرامجي”.

وأشار إلى أن إدارة الهيئة المستقلة للانتخاب أظهرت قدرا جيدا من الحياد والنزاهة في إدارتها للعملية الانتخابية، رغم ورود عدد من الشكاوى المتعلقة بتدخلات من قبل بعض الجهات الرسمية وشبه الرسمية، قبيل انتهاء موعد الانسحابات الرسمية بهدف تحييد وسحب بعض المرشحين ضمن بعض الجماعات السياسية، مما أثر بشكل حقيقي على معيار حرية المترشحين والمترشحات من جهة، ومعيار حرية الناخبين والناخبات من جهة أخرى.

وعزا التقرير غياب المشاركة الحقيقة للشباب في الأردن على مستوى الحياة العامة والسياسية لمجموعة من الأسباب، منها ما له علاقة بآليات وأدوات التعامل مع الشباب، وخاصة بالتشريعات لا سيما قانون الانتخاب، حيث حدد المُشرع الأردني سن الترشح بـ 30 عاما، في حين جعل سن الانتخاب 18 سنة؛ مما يخلق فجوة واضحة بين سن الترشح وسن التصويت.

سلط التقرير الضوء على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في فصله الثاني، خاصة وأنها تأثرت سلبا بتداعيات جائحة كورونا أكثر من غيرها.

وتطرق التقرير إلى واقع الحق في التعليم، مشيرا إلى أن الدستور الأردني قد كفل الحق في التعليم الابتدائي، في حين غابت عنه نصوص تتعلق بالتعليم العالي أو الجامعي.

وقال التقرير “رغم التوسع الأفقي في أعداد الطلبة والمدارس في الأردن إلا أن العديد من المدارس تعاني، في مختلف مناطق البلاد، من نقصٍ في المعلمين والمعلمات، ومن عدم توفر بعض الكتب أو تأخر وصولها، ومن اكتظاظ في الصفوف، بسبب نظام الفترتين وضعف في البنى التحتية”.

وتابع أن التعليم العالي سجل جملة من التحديات منها؛ كثرة الاستثناءات في القبول الجامعي، والقيود على الحريات الأكاديمية في البحث العلمي وضعف تمويله والتدخل الحكومي بها، وارتفاع الرسوم الجامعية، وتنامي العنف الجامعي، وعدم وجود نقابة لأساتذة الجامعات أو العاملين بها، وتراجع في المستوى المعرفي والمهاري للخريجين، والتوسع في التعليم الأكاديمي على حساب التعليم المهني، مؤكدا أن جائحة كورونا أثرت سلبا على التعليم العالي بانتهاج التعليم عن بعد.

وفيما يخص الحق في العمل، بين التقرير أن قانون العمل لا يلبي العديد من الحقوق والمبادئ الأساسية للحق في العمل، حيث أن التعديلات التي طرأت عليه في عام 2019 لم تكن مواءمة للمعايير الدولية، إذ تم حرمان العمال من استخدام أدوات فض النزاعات العمالية، وحرمت العمال الذين ليس لديهم نقابة من حق المفاوضات الجماعية، وتم تقييد حرية تشكيل نقابات جديدة للعمال، بالإضافة إلى منح وزير العمل سلطات إضافية بحل أية نقابة تخالف أحكام قانون العمل.

وقال التقرير “كشفت جائحة كورونا عن قصور تطبيق معايير الصحة والسلامة المهنية في الأردن، إذ لا تتوفر قواعد بيانات إحصائية رسمية حول حوادث وإصابات العمل والأمراض المرتبطة بالمهنة، وكذلك قصور واضح في عمليات الرقابة والتفتيش، في منشآت الأعمال المتوسطة والصغيرة”.

وأضاف “لا يزال هناك قصور في تشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة في القطاعين العام والخاص، بشكل لا يتوافق مع النسبة المحددة لتشغيل هذه الفئة في قانون العمل، وقانون الأشخاص ذوي الإعاقة، إضافة إلى ظروف العمل الصعبة التي يعاني منها الأشخاص ذوي الإعاقة”.

وأكد التقرير أن حقوق العمال المهاجرين في الأردن تواجه إشكاليات متعددة، فحتى الآن لم يصدر سوى نظام العاملين في المنازل، ولم يصدر النظام الخاص بتنظيم العاملين بالزراعة، كما أنه في عام 2017 تم رفع الحد الأدنى للأجور إلا أنه استثنى العمال المهاجرين من القرار، بالإضافة إلى حرمان عاملات المنازل من الانتفاع من الحق في الاشتراك بالضمان الاجتماعي، وحرمان العاملين السوريين الحاصلين على تصريح عمل أيضا من شمولهم بمنظومة الضمان الاجتماعي.

ورصد التقرير أن العمال المهاجرون يتعرضون للعديد من الانتهاكات اللفظية، والجسدية، والجنسية على يد بعض أصحاب العمل، بالإضافة إلى إصدار قرارات إبعاد ضد العمال المهاجرين بشكل تعسفي

وعشوائي، فقرار الإبعاد يصدر بشكل تلقائي وروتيني، لافتا إلى أن العمال المهاجرين أكثر الفئات تأثرا بضعف شروط الصحة والسلامة المهنية، خاصة في ظل ظروف جائحة كورونا.

وأشار إلى أن التشريعات الأردنية لا زالت قاصرة إزاء الحد من العمل الجبري والاتجار بالبشر، حيث لا يجرم القانون العمل الجبري ما لم يرقَ إلى مستوى الاتجار بالبشر، وما زال القضاء الأردني يتعامل مع قضايا العمل الجبري كقضايا عمالية، ورغم إصدار قانون منع الاتجار بالبشر عام 2009 إلا أن التطبيقات القضائية لا زالت متواضعة، إلا في حالة تجارة الأعضاء.

وأضاف التقرير أنه وعند البحث في الحق في الضمان الاجتماعي، يظهر أن منظومة الضمان الاجتماعي ما زالت قاصرة عن تغطية جميع العاملين في الأردن، إذ أنها تغطي حوالي 72% من العاملين الأردنيين، و52% من المشتغلين في الأردن، وما زال مشتركو الضمان الاجتماعي ومتقاعدوه لا يتمتعون بالتأمين الصحي وإعانات البطالة.

وأشار إلى ضعف قدرة تطبيق “الاشتراك الاختياري” وهو الخيار الوحيد المتاح قانونيا أمام العاملين غير المشمولين من مؤسساتهم بالضمان الاجتماعي، إذ لا يوجد إقبال كبير على العمل به، نتيجة الاشتراكات الضخمة المترتبة عليه، والتي يعجز العاملون عن الالتزام بها.

أما بالنسبة إلى الحق في مستوى معيشي كاف وملائم، وثق التقرير أن القوانين والتشريعات الوطنية تفتقر إلى نص صريح يعترف بالحق في مستوى معيشي لائق، في الوقت الذي يشهد ارتفاعا بمعدلات البطالة، وتدني مستويات الأجور، وانخفاض الناتج المحلي الإجمالي للفرد والأسرة، وقد تفاقمت الأوضاع سوءا مع التداعيات الاقتصادية لانتشار فيروس كورونا المستجد؛ الأمر الذي أدى لانخفاض مستويات دخل الأسر الأردنية، وجعلها أكثر فقرا.

وقيّم التقرير سياسة الحكومة في مجابهة فيروس كورونا، مبينا أن الجائحة أظهرت ضعف قدرة المستشفيات على استيعاب الأعداد المتزايدة من إصابات فيروس كورونا “المستجد”، بعد التفشي المجتمعي للوباء؛ مما دفع الحكومة إلى إصدار تعليمات العزل المنزلي، دون وجود ضمان ورقابة على تنفيذ هذه التعليمات، إضافة إلى أن المستشفيات الحكومية تعاني من نقص في الكوادر والمستلزمات الطبية، خاصة اختصاص الأمراض التنفسية، وكذلك نقص في عدد الأسَرة، وأجهزة التنفس.

خصص التقرير فصله الثالث لحقوق الفئات الأكثر حاجة للحماية، وبيّن أن حقوق المرأة تواجه إشكاليات عديدة، فعلى سبيل المثال لم يعطِ القانون للمرأة الأردنية المتزوجة من غير الأردني الحق بمنح الجنسية لأبنائها رغم كفالة الدستور لمبدأ المساواة بين جميع الأردنيين.

وأضاف أن المشاركة السياسية للمرأة تعاني من إشكاليات وتحديات متعددة، ففي الانتخابات النيابية الأخيرة عام 2020 لم تفز أية سيدة خارج المقاعد المخصصة لهن “الكوتا”، فيما تعرضت بعض النساء المرشحات في أثناء حملاتهن الانتخابية وحتى بعد إعلان النتائج لحالة من التنمر عليهن، بالإضافة إلى أن مشاركة المرأة في الأحزاب السياسية دون المستوى المأمول، سواء من حيث عدد المنتسبات، أو من حيث تولي المناصب القيادية بالأحزاب.

ويقر التقرير بأن قضية التحرش الجنسي ما زالت مشكلة تستوجب تعديل التشريعات، خاصة قانون العقوبات، وقانون العمل، ونظام الخدمة المدنية، وقوانين التعليم، وأن هناك حاجة ماسة لتعديل قانون العقوبات للسماح بالإجهاض في حالة إن كانت المرأة قد حملت نتيجة السفاح أو الاغتصاب.

وكشف التقرير عن تحديات تعيق وصول المرأة إلى العدالة، فهي أولا تعاني من الصورة النمطية تجاهها في حالة لجؤها إلى المحاكم، وتكون الصورة أكثر تمييزا إن كانت المرأة مطلقة، وتتعاظم التحديات بضعف قدرة بعض النساء على دفع تكلفة رسوم التقاضي وأتعاب المحاماة سواء في القضايا الجزائية، وخاصة تلك المتعلقة بالعنف الواقع على المرأة، أو بقضايا الأحوال الشخصية.

وقال التقرير إن تطبيق قانون منع الجرائم لعام 1954 الخاص بالاعتقال الإداري واستخدامه كإجراء “وقائي” للنساء المعرضات لخطر القتل من قبل أفراد الأسرة يعد انتهاكا بحقها بذريعة الحماية.

وفي مراجعته لحقوق الطفل، بين التقرير أن قانون الجنسية الأردني لا يسمح لأطفال الأردنيات اكتساب جنسية أمهاتهم إذا كنّ متزوجات من غير أردني، وهو ما يترتب عليه عدم حصول الأطفال على حقوقهم، كالتعليم، والرعاية الصحية المدعومة، وغيره.

ورصد التقرير ارتفاعا بنسبة الأطفال الذكور والإناث الذين تعرضوا للعنف خلال السنوات الأخيرة، وكذلك تعرض الأطفال في المدارس للعقاب البدني بعدة مستويات منها الطفيف ومنها المتوسط وقد يصل إلى درجة الخطير في بعض الحالات، عدا عن تعرض الطلبة للإساءة اللفظية والمعنوية وسوء المعاملة الذي قد يصل إلى امتهان الكرامة، وهو أكثر أنواع العنف شيوعا في المدارس.

ومن ناحية أخرى فإن زواج الأطفال ما زال مستمرا رغم التعديل على قانون الأحوال الشخصية، كما يشكل الأطفال فئة ضحايا التفكك الأسري نحو 75% من الأطفال في دور الرعاية.

وأضاف التقرير أنه على الرغم من أهمية النصوص الواردة في قانون الأحداث، فهي لا تكفل إيجاد نظام قضاء شامل متخصص، عدا عن أن قانون المخدرات والمؤثرات العقلية قد نص على أنه وعلى الرغم مما ورد في قانون الأحداث تنعقد محكمة أمن الدولة بصفتها محكمة أحداث للنظر في الجرائم التي يرتكبها الأحداث والمنصوص عليها في هذا القانون، وهو ما يضعف الضمانات الفعلية لحماية حقوق الأحداث.

وأوضح التقرير حول حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، إلى أن جائحة كورونا كشفت الخلل على مستوى التعليم في شمولية الإجراءات الحكومية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة سواء المطبقة قبل الجائحة، أو الإجراءات التي تم تنفيذها استجابة للجائحة، ومن الأمثلة على ذلك قرار إغلاق مراكز ومؤسسات التربية الخاصة كافة دون مراعاة لحاجاتهم، وبشكل عام لم يتم شمول متطلباتهم في برامج التعليم عن بعد ضمن منصة التعليم عن بعد.

ولاحظ التقرير عدم توفر مخصصات مالية لدى الجهات المعنية لتنفيذ إمكانية الوصول للأشخاص ذوي الإعاقة، إضافة إلى ضرورة العمل على بناء قدرات المهندسين في مجال كودة متطلبات البناء للأشخاص

ذوي الإعاقة، مؤكدا أنه وخلال جائحة كورونا كان هناك ضعف في آليات التواصل والتنسيق مع الجهات المعنية لتوفير متطلبات الوصول للأشخاص ذوي الإعاقة.

وفي المشاركة السياسية، سجل التقرير تحديا في عملية تطبيق مذكرة التفاهم ما بين المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والهيئة المستقلة للانتخاب من أجل الاستعداد للمشاركة في الانتخابات النيابية، حيث تم الاتفاق قبل بداية الانتخابات عليها بوقت قصير، وبناء عليه تم اختيار مراكز نموذجية للأشخاص ذوي الإعاقة من قبل الهيئة، إلا أنه تم رصد تحديات واجهت الأشخاص ذوي الإعاقة، خاصة مستخدمي الكراسي المتحركة.

تابع التقرير واقع حقوق اللاجئين في الأردن، وأشار إلى أن الأردن لم يصادق على اتفاقية اللاجئين 1951، إلا أنه استقبل أعدادا كبيرة من اللاجئين السوريين، ومن الضروري مصادقة المملكة على الاتفاقية، أو سن تشريع وطني ينظم اللجوء، وقد قدم الأردن العديد من الخدمات للاجئين ويسر لهم الإقامة والمعيشة، لافتا أن الحكومة سمحت لبعض الفئات من اللاجئين بالعمل في مهن معينة بصورة نظامية، إلا أن العديد من اللاجئين غير المصرح لهم بالعمل يعملون بصورة غير نظامية.

أخيرا عالج التقرير حقوق الأشخاص المتعايشين مع مرض نقص المناعة البشري، ففي ضوء وجود العديد من التشريعات الوطنية والتي لا تميز عموما ضد الأشخاص المتعايشين مع الإيدز، إلا أن الممارسة والفهم العام لها يخلق عدة تحديات تستوجب ضرورة اعتماد هدف جديد للوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية بين متعاطي المخدرات بالحقن، والالتزام بضمان توافر العلاج القائم على الأدلة وإمكانية الوصول إليه، بما في ذلك برامج الحد من الضرر، بالإضافة إلى الحاجة لإدماج الخدمات الخاصة بفيروس نقص المناعة البشري في البرامج الاجتماعية، والرعاية الصحية، وغيرها من برامج التنمية؛ وتشجيع الشراكة على جميع المستويات وتقوية الهياكل المتعددة القطاعات بشراكة القطاعات الرئيسية مثل التعليم، والشباب، والعمل والإعلام، إلخ.

اعتمدت منهجية التقرير على تقييم التشريعات والسياسات والممارسات الوطنية بموجب اتفاقيات حقوق الإنسان الدولية وتفسيراتها، وخاصة تلك التي صادق عليها الأردن، إلى جانب توصيات الاستعراض الدوري الشامل؛ إذ تم العمل على تحليل الواقع، مركزاً على التطورات التي طرأت في عام 2020، من حيث أبرز الإيجابيات والانتهاكات الواقعة في مجال حقوق الإنسان.

وقدم التقرير توصيات خاصة بكل قسم من أقسامه الثلاث يمكن تلخيص أبرزها بـما يلي:

1. العمل على وقف تنفيذ عقوبة الإعدام، تمهيدا لإلغائها، وإيجاد عقوبات بديلة.

2. النص صراحة على عدم شمول جريمة التعذيب بالتقادم والعفو العام والخاص.

3. إعادة الاختصاص بنظر الدفوع بدستورية القوانين إلى المحاكم النظامية وتحت رقابة من المحكمة الدستورية.

4. إلغاء قانون منع الجرائم و/أو إلغاء صلاحية الحاكم الإداري بالتوقيف، وحصر هذه الصلاحية في القضاء.

5. تعديل قانون التنفيذ وإعادة النظر في المادة 22 منه، وعلى وجه التحديد العمل على إلغاء الحبس المدني بشكل كامل.

6. إلغاء المادة (11) من قانون الجرائم التي تجيز توقيف وحبس للإعلاميين والإعلاميات، ومستخدمي منصات التواصل الاجتماعي.

7. مراجعة قانون الاجتماعات العامة، وتعديل المادة الثانية من القانون المتعلقة بتعريف الاجتماع العام.

8. إعادة النظر بقانون الأحزاب بحيث يتم تسجيل الأحزاب وليس بالحصول على الموافقة من قبل الحكومة على إنشائها.

9. إصدار نظام لتصنيف المدارس الخاصة، استجابة للمادة 32/ب من قانون التربية والتعليم، وضبط زيادة الرسوم المدرسية وأجور النقل بالباصات التي تتقاضاها تلك المدارس.

10. إعادة النظر في أسس القبول في الجامعات الرسمية، وتقليص الاستثناءات من أجل إيجاد نظام تعليمي أكثر عدلاً ومساواة.

11. وقف العمل بقانون الدفاع وأوامره.

12. العمل على تطبيق القوانين التي تحظر عمالة الأطفال، وتشديد الرقابة على المخالفين وفرض عقوبات رادعة.

13. المصادقة على اتفاقية حماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم.

14. تعديل قانون منع الاتجار بالبشر، لجعله أكثر توائما التزاما مع القانون الدولي.

15. إضافة نص قانوني يوضح صراحة الحق بتمتع جميع الأفراد بمستوى معيشي لائق وفق مؤشرات واضحة لقياسها.

16. إضافة الحق بالصحة صراحة إلى الدستور الأردني في المادة السادسة منه.

17. استحداث نظام تأمين صحي يشمل جميع المواطنين، دون استثناءات، وإصدار أرقام واضحة في هذا الخصوص من قبل وزارة الصحة.

18. تعديل المادة 6/1 من الدستور بحيث يضاف الجنس لعناصر المساواة بين الأردنيين.

19. وقف تطبيق قانون منع الجرائم كإجراء “وقائي” ضد النساء المعرضات للعنف.

20. شمول الطلاب ذوي الإعاقة في المدرس الدامجة ببرامج التعلم عن بعد خاصة الطلبة المكفوفين.

21. توفير الترتيبات التيسيرية المعقولة في كافة مؤسسات الدولة وفي القطاع الخاص في مجالي الصحي والتعليمي وغيره.

22. مصادقة الأردن على الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين 1951، أو إنشاء قانون وطني للجوء كي ينظم عملية اللجوء.

23. إلغاء الفحص الطبي لفيروس نقص المناعة البشري من الفحوصات المعتمدة للتعيين الحكومي، وإلغاء فحص فيروس نقص المناعة البشري من الفحوصات المعتمدة لمنح الإقامة للوافدين.