ليعذرني من لا يعجبه هذا الكلام
صوت الحق -
ماهر ابو طير
نحن بلد لا يتغير إلا إلى الأسوأ وليعذرني من لا يعجبه هذا الكلام، وكل شعوب العالم تلتقط المؤشرات وتتغير نحو الافضل، فيما نبقى نحن كما نحن، ولا كأن شيئا يستجد علينا في الحياة.
في أميركا وبريطانيا وهي دول عظمى هناك ازمة ماحقة تسمى ازمة قروض الطلبة، فكل طلبة الجامعات يقترضون رسومهم الجامعية، عبر آليات محددة، ويتخرجون وقد حملوا قروضا بعشرات آلاف الدولارات لكل واحد، وتصل قيمة القروض الطلابية المتراكمة مع فوائدها الى تريليون ونصف تريليون دولار، وكل مرشحي الرئاسة الأميركية يدخلون على خط هذه الازمة ويتحدثون عن ضرورة مساعدة الطلبة، والبحث عن حلول لهم، فيما المشكلة تتفاقم.
مقابل الولايات المتحدة، تأتي بريطانيا وفيها ذات ازمة القروض الطلابية الجامعية، حيث إن 4.5 ملايين طالب، في بريطانيا، لديهم ديون يصل مجموعها إلى 100 مليار جنيه إسترليني، وهي مبالغ تتصاعد وتزيد في الحالتين الاميركية والبريطانية، بسبب الفوائد، والعجز عن السداد.
لم تتغير تلك المجتمعات كثيرا، على الرغم من وجود اتجاهات للحصول على شهادة الدبلوم لفترات قصيرة، من اجل خفض مدة الدراسة، او البحث عن دورة مفيدة مهنيا كحل بديل.
الأردن الفقير لا يقارن بالولايات المتحدة الغنية ولا بريطانيا الميسورة، حيث لنا نموذجنا المليء بالثغرات اصلا، حيث ان عدد الطلبة في الأردن على مقاعد الدراسة بلغ في جميع الجامعات الرسمية والخاصة لجميع الدرجات بداية العام الجامعي (2020 – 2021) (322349) طالباً وطالبة، وهذا رقم مذهل، بالنسبة للموارد البشرية، وقدرات البلد والاهالي، فيما يتقدم اكثر من 74 ألف طالب وطالبة هذا العام للحصول على قروض كلية او جزئية، ومنح كلية او جزئية، في مشهد يؤشر على عجز الاهالي عن تمويل تعليم الابناء، والاضطرار الى القروض والمنح.
في ديوان الخدمة المدنية مئات آلاف طلبات التوظيف، وفي الشارع اكثر من نصف مليون عاطل عن العمل، وهذا يعني من ناحية اقتصادية ان التعليم في الأردن، كما يقال بالعامية ” مش جايب راس مالو” اذا جاز التعبير، فالطالب في الأردن، يستدين، او يستدين اهله، او يأخذون قرضا، او يبيعون ارضا، من اجل الحصول على تعليم غير منتج اقتصاديا، حيث بيننا مئات الآلاف ممن يحملون تخصصات لا وظائف متاحة لها من اللغة العربية، الى الانجليزية، الى ادارة الاعمال، وتربية الصف وغير ذلك من تخصصات بلا جدوى، وحتى لو حصلوا على وظائف فهي لا تأتيهم بأجور مواصلاتهم وكلفة فواتير هواتفهم النقالة، ولا ساندويشات الظهيرة حيث يعملون.
هل تغيرنا ام ما نزال نواصل ذات السياسات على مستوى الاهالي؟ والاجابة عن السؤال سهلة، فالكل يقول لك ان التعليم حق للإنسان، وان الشاب مثلا إذا اراد خطبة فتاة، فأول سؤال سوف يسمعه حول دراسته وماذا تعلم، في سياقات ” العرط الاجتماعي” التافه الذي لا يغني ولا يسمن من جوع، وهو نفخ يتواصل حتى في كلف الزواج، حين لا يتغير الاهالي، ولا تتغير البنات، ولا يجد الشاب من يرحمه ايضا، بل يجد من يعايره بقلة الحيلة والامكانات فتشيع العزوبية.
ماذا نقول عن بلد فيه اكثر من 38 ألف طالب وطالبة. يدرسون الطب وطب الأسنان بجميع المستويات من السنة الأولى وحتى الأخيرة، 19 ألفا داخل المملكة، و19 ألفاً خارج المملكة؟ هذا على الرغم من صياح كل الخبراء، ونشوء ظاهرة الاطباء العاطلين عن العمل في المملكة وعددهم بالآلاف على طريقة النموذج المصري، لكن النفخ الاجتماعي يتواصل، من اجل ان يقال جاء الطبيب ابن والده، وغادرت الطبيبة السنيورة، في سياقات اجتماعية غير منتجة في هذا الزمن.
لقد آن الأوان أن يصحو الناس، لهذه الازمة، الجامعات ترسل مئات آلاف الخريجين سنويا، من الداخل والخارج، والآباء يتسولون الملح لتعليم الابناء، والتعليم ذاته مكلف، والآفاق شبه مسدودة، بعد التخرج، ولو امتلك المجتمع الجرأة لتغير بدلا من ان يتغير تحت ضرب المطارق، امام الواقع الذي نراه، ما بين ديون الطلبة، وانعدام الفرص، وثبوت ان الوجاهة الاجتماعية المرتبطة بتخصص الابن والابنة، مجرد وهم كاذب، يسقط سريعا، بعد اول يوم من التخرج.
ماهر ابو طير
نحن بلد لا يتغير إلا إلى الأسوأ وليعذرني من لا يعجبه هذا الكلام، وكل شعوب العالم تلتقط المؤشرات وتتغير نحو الافضل، فيما نبقى نحن كما نحن، ولا كأن شيئا يستجد علينا في الحياة.
في أميركا وبريطانيا وهي دول عظمى هناك ازمة ماحقة تسمى ازمة قروض الطلبة، فكل طلبة الجامعات يقترضون رسومهم الجامعية، عبر آليات محددة، ويتخرجون وقد حملوا قروضا بعشرات آلاف الدولارات لكل واحد، وتصل قيمة القروض الطلابية المتراكمة مع فوائدها الى تريليون ونصف تريليون دولار، وكل مرشحي الرئاسة الأميركية يدخلون على خط هذه الازمة ويتحدثون عن ضرورة مساعدة الطلبة، والبحث عن حلول لهم، فيما المشكلة تتفاقم.
مقابل الولايات المتحدة، تأتي بريطانيا وفيها ذات ازمة القروض الطلابية الجامعية، حيث إن 4.5 ملايين طالب، في بريطانيا، لديهم ديون يصل مجموعها إلى 100 مليار جنيه إسترليني، وهي مبالغ تتصاعد وتزيد في الحالتين الاميركية والبريطانية، بسبب الفوائد، والعجز عن السداد.
لم تتغير تلك المجتمعات كثيرا، على الرغم من وجود اتجاهات للحصول على شهادة الدبلوم لفترات قصيرة، من اجل خفض مدة الدراسة، او البحث عن دورة مفيدة مهنيا كحل بديل.
الأردن الفقير لا يقارن بالولايات المتحدة الغنية ولا بريطانيا الميسورة، حيث لنا نموذجنا المليء بالثغرات اصلا، حيث ان عدد الطلبة في الأردن على مقاعد الدراسة بلغ في جميع الجامعات الرسمية والخاصة لجميع الدرجات بداية العام الجامعي (2020 – 2021) (322349) طالباً وطالبة، وهذا رقم مذهل، بالنسبة للموارد البشرية، وقدرات البلد والاهالي، فيما يتقدم اكثر من 74 ألف طالب وطالبة هذا العام للحصول على قروض كلية او جزئية، ومنح كلية او جزئية، في مشهد يؤشر على عجز الاهالي عن تمويل تعليم الابناء، والاضطرار الى القروض والمنح.
في ديوان الخدمة المدنية مئات آلاف طلبات التوظيف، وفي الشارع اكثر من نصف مليون عاطل عن العمل، وهذا يعني من ناحية اقتصادية ان التعليم في الأردن، كما يقال بالعامية ” مش جايب راس مالو” اذا جاز التعبير، فالطالب في الأردن، يستدين، او يستدين اهله، او يأخذون قرضا، او يبيعون ارضا، من اجل الحصول على تعليم غير منتج اقتصاديا، حيث بيننا مئات الآلاف ممن يحملون تخصصات لا وظائف متاحة لها من اللغة العربية، الى الانجليزية، الى ادارة الاعمال، وتربية الصف وغير ذلك من تخصصات بلا جدوى، وحتى لو حصلوا على وظائف فهي لا تأتيهم بأجور مواصلاتهم وكلفة فواتير هواتفهم النقالة، ولا ساندويشات الظهيرة حيث يعملون.
هل تغيرنا ام ما نزال نواصل ذات السياسات على مستوى الاهالي؟ والاجابة عن السؤال سهلة، فالكل يقول لك ان التعليم حق للإنسان، وان الشاب مثلا إذا اراد خطبة فتاة، فأول سؤال سوف يسمعه حول دراسته وماذا تعلم، في سياقات ” العرط الاجتماعي” التافه الذي لا يغني ولا يسمن من جوع، وهو نفخ يتواصل حتى في كلف الزواج، حين لا يتغير الاهالي، ولا تتغير البنات، ولا يجد الشاب من يرحمه ايضا، بل يجد من يعايره بقلة الحيلة والامكانات فتشيع العزوبية.
ماذا نقول عن بلد فيه اكثر من 38 ألف طالب وطالبة. يدرسون الطب وطب الأسنان بجميع المستويات من السنة الأولى وحتى الأخيرة، 19 ألفا داخل المملكة، و19 ألفاً خارج المملكة؟ هذا على الرغم من صياح كل الخبراء، ونشوء ظاهرة الاطباء العاطلين عن العمل في المملكة وعددهم بالآلاف على طريقة النموذج المصري، لكن النفخ الاجتماعي يتواصل، من اجل ان يقال جاء الطبيب ابن والده، وغادرت الطبيبة السنيورة، في سياقات اجتماعية غير منتجة في هذا الزمن.
لقد آن الأوان أن يصحو الناس، لهذه الازمة، الجامعات ترسل مئات آلاف الخريجين سنويا، من الداخل والخارج، والآباء يتسولون الملح لتعليم الابناء، والتعليم ذاته مكلف، والآفاق شبه مسدودة، بعد التخرج، ولو امتلك المجتمع الجرأة لتغير بدلا من ان يتغير تحت ضرب المطارق، امام الواقع الذي نراه، ما بين ديون الطلبة، وانعدام الفرص، وثبوت ان الوجاهة الاجتماعية المرتبطة بتخصص الابن والابنة، مجرد وهم كاذب، يسقط سريعا، بعد اول يوم من التخرج.