أسعار الدجاج.. أزمة متفاقمة والحكومة تراقب

{title}
صوت الحق - على الرغم من أن حملات مقاطعة شراء الدجاج تجتاح وسائل التواصل الاجتماعي منذ أسبوع إلا أن أسعارها ما زالت تواصل الارتفاع إلى مستويات قياسية بينما تكتفي الحكومة بإصدار تصريحات إعلامية تتعلق بمراقبة الأسعار وتوفر الكميات.


وما زالت حملات مقاطعة شراء الدجاج المحلي تجتاح مواقع التواصل الاجتماعي سيما من خلال “فيسبوك” احتجاجا على ارتفاع أسعارها تحديدا بعد وقف الحكومة العمل بالسقوف السعرية.
ولم تقتصر حملات المقاطعة عند هذا الحد بل رافقها قيام مواطنين بنشر صور لأطباق تقليدية مثل “المقلوبة والمنسف والكبسة” تخلو من الدجاج في خطوة تهدف إلى تحفيز الآخرين للاستمرار في مقاطعة شراء الدجاج حتى انخفاض أسعارها.


غير أن الرصد المحدود الذي أجرته “الغد” في أسواق العاصمة أظهر مواصلة ارتفاع أسعار الدجاج رغم حملات المقاطعة خصوصا الطازج منها إذ وصل سعر الكيلو أمس إلى 2.75 دينار بزيادة نسبتها 38 % مقارنة بالأسعار التي كانت محددة بالسقوف السعرية والبالغة دينارين للكيلو غرام الواحد.


كما أن أسعار دجاج “النتافات” ما زالت تسجل مستويات مرتفعة إذ وصل سعر الكيلو أمس إلى 1.9 دينار مسجلة بذلك زيادة نسبتها 15 % مقارنة بالمستويات التي كانت محددة بالسقوف السعرية والبالغة 1.65 دينار.
بدورها، دعت حماية المستهلك المواطنين إلى الاستمرار في مقاطعة شراء واستهلاك الدجاج بكافة أنواعه المحلي والمستورد لتكون أداة ضغط على المزودين، لكن في المقابل تؤكد جمعية مستثمري الدواجن والأعلاف أن ارتفاع الأسعار يعود بالدرجة الأولى إلى ارتفاع مدخلات الإنتاج خصوصا فيما يتعلق بالأعلاف التي زادت بنسب وصلت إلى 42 %.


وقال رئيس الجمعية د. محمد عبيدات إن “لجوء المواطنين إلى حملات المقاطعة ناتج عن ضعف الخطط الحكومية وإجراءات الرقابة على الأسواق لضبط الأسعار وتوفير الدجاج بالسوق المحلية بأسعار مقبولة”.


وأضاف عبيدات أن الجمعية من خلال جولاتها الميدانية في الأسواق رصدت أن هنالك استجابة لحملة المقاطعة وخاصة على الدجاج الطازج الذي وصل سعر بيعه الى 2.90 دينار في بعض الأماكن، معبرا عن أمله أن تتزايد الأعداد بحيث يشارك في حملة المقاطعة كافة شرائح المجتمع.


واستهجن عبيدات مسألة البيانات المشتركة الصادرة من الوزارات ذات العلاقة التي تسوق المبررات والحجج للارتفاعات المتتالية التي حصلت على مدخلات الإنتاج في البورصات العالمية دون الإشارة أو الحديث أو حتى التطرق إلى الإجراءات التي من المفترض أن تقوم بها هذه الجهات للتخفيف عن الأعباء المالية على جيمع حلقات التسويق.


ودعا عبيدات الحكومة إلى إلغاء جميع الرسوم الجمركية والضرائب على مدخلات الإنتاج وأيضا إلغاء الضريبة المفروضة على المشتقات النفطية من أجل تقليل أو تخفيض كلف الإنتاج على المنتجين وبالتالي التخفيف على المواطنين لتكون الأسعار تتناسب مع القدرات الشرائية لهم في ظل ثبات الدخل.


من جهته، قال رئيس جمعية مستثمري الدواجن والأعلاف عبدالشكور جمجوم إن “ارتفاع الاسعار يعود بالدرجة الاولى الى ارتفاع مدخلات الإنتاج خصوصا فيما يتعلق بالأعلاف التي زادت بنسب وصلت إلى 42 % حيث يبلغ سعر طن الأعلاف اليوم 540 دينارا بعد أن كان 380 دينارا منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية”.


وأكد جمجوم أن التاجر ليس من مصلحته زيادة الأسعار في ظل ثبات الدخل وضعف الأسواق مشيرا إلى أن أسعار الدجاج ستبقى مرتفعة طالما أن أسعار الأعلاف وكلف التربية في ازدياد.


ولفت الى وجود حلول بيد الحكومة لتخفيض أسعار الدجاج بالسوق المحلية من خلال عدة إجراءات منها تخفيض ضريبة المبيعات على الأعلاف البالغة 5 % والتي يكون لها أثر مباشر على تخفيض الكلف وتراجع الأسعار.
وأوضح جمجوم أن معدل الإنتاج اليومي من الدجاج يتراوح بين 600 و 700 ألف طير يوميا وهذا يغطي الاستهلاك المحلي مشيرا إلى أن ارتفاع الأعلاف أدى لتوقف عدد كبير من صغار المربين عن التربية.


ويبلغ عدد مزارع إنتاج الدجاج اللاحم والبياض والأمهات العاملة حاليا 1800 مزرعة من أصل 2500 مزرعة.
بدورها أكدت وزارة الصناعة والتجارة والتموين وجود رقابة مكثفة على الأسعار للتأكد من توفر الدجاج والبيع بأسعار مقبولة.
وأوضحت ردا على استفسارات “الغد” أن الارتفاعات التي طرأت على أسعار الدجاج الفترة الأخيرة ناتجة عن ارتفاع كلف التربية خصوصا بعد ارتفاع اسعار الاعلاف عالميا وانعكاسها محليا.


واشارت الى ان السقوف السعرية التي كانت محددة للدجاج وتوقف العمل بها جاءت بهدف تخفيف الأعباء عن المواطنين خلال شهر رمضان المبارك والحيلولة دون حدوث ارتفاعات كبيرة على الأسعار.


واشارت الى وجود متابعة ورصد يومي لواقع الاسعار بالسوق المحلية ورصد أي اختلالات سعرية تنطوي على مغالات أو ارتفاعات غير مبررة واتخاذ الإجراءات المناسبة لضبطها.


وقال الخبير الاقتصادي د.غازي العساف إن “حملات المقاطعة ومدى تأثيرها على الأسعار يعتمد على مدى الاستجابة لها من قبل المواطنين حيث تعتبر من أحد العوامل التي تؤثر على جانب الطلب.


وبين أن أحد محددات الطلب هو الأذواق وحملات المقاطعة تدخل ضمن هذا المحدد وهذا يعني أن تفضيل المستهلك لهذه السلع يقل وبالتالي حتما بأن جانب الطلب سيتأثر.


وأوضح العساف أن حملات المقاطعة تؤثر بالأسواق على المدى القصير بشكل سريع خصوصا وأنه قرار شعبوي مجتمعي وله أثر كبير لكنه لا يستمر لمدى طويل.


واعتبر العساف حملات المقاطعة السلاح الأسرع في مواجهة ضعف نفاذ القوانين لموجهة ارتفاع الاسعار وهي بمثابة طريق لبناء ثقافة لدرع اية محاولات لزيادة الاسعار بشكل غير مبرر


واوضح ان لجوء المواطنين الى المقاطعة ناتج عن ان ادوات التدخل الحكومي يحتاج الى وقت حتى يترجم على ارض الواقع اضافة الى ان كثير من القوانين يستطيع التجار الالتفاف عليها ولا تستطيع هذه القوانين كبح جماح الاسعار مؤكدا ان حملات المقاطعة في العديد من الدول اثبت انها وسيلة ناجعة في ضبط الأسعار.


وقال خبير المنافسة وحماية المستهلك بهاء العرموطي إن “المشكلة الأكبر في قطاع الدجاج وارتفاع الأسعار تكمن في أن وزارة الصناعة والتجارة لا تعرض بشفافية دراسة الكلفة التي تستند لها في رقابة هذا القطاع، حتى يتبين فيما اذا كان هناك مغالاة في أسعارها أم لا، خصوصا في هذه الظروف الدقيقة، وحتى لا يُظلم أحد في المعادلة”.


وأوضح أن أسعار الأعلاف عالميا ارتفعت بشكل جنوني في هذا الوقت(أكثر من الضعف)؛ وهذا لا شك كان له أثره على كلف الدواجن وأسعار بيعها في الأردن بالزيادة.


وبين أن التحولات الكبيرة في الأسعار العالمية للأعلاف يجب أن تدفع الحكومة لتوقيع اتفاقيات مع المزارعين الأردنيين لزراعة الأعلاف وشراء محصولها خصوصا أنها بعلية، هذا كان سيحافظ على أسعار الدواجن من الارتفاع .
وقال العرموطي “مع دخول الصيف كان من المفترض أن تنخفض كلف الدواجن بنسبة معقولة، إلا أن هنالك أزمة كبيرة في تكاليف الأعلاف ناتجة عن الحرب الروسية الأوكرانية وقيود التصدير التي باتت تضعها الدول على محاصيلها”.


وأكدت وزارتا الصناعة والتجارة والتموين والزراعة في بيان مشترك الأربعاء الماضي عدم وجود أي ممارسات احتكارية للدجاج في السوق المحلية وأن هنالك العديد من الشركات المنتجة كما أن عمليات الاستيراد متاحة من الخارج.


وأشار البيان إلى أن ارتفاع أسعار الدجاج في السوق المحلية جاء بسبب الزيادة التي طرأت على كلف الإنتاج محليا خاصة المواد العلفية، فمثلا؛ ارتفع سعر مادة الذرة من 170 إلى 360 دينارا، والصويا من 340 إلى 540 دينارا للطن، إضافة إلى المسلتزمات الأخرى بسبب القفزات السعرية التي شهدتها الأسواق العالمية.


وقالت الوزارتان إن الدراسات التي أجريت من قبل المختصين في وزارة الزراعة أظهرت ارتفاعا في كلف تربية وإنتاج الدجاج ورغم ذلك فإن الأسعار في السوق المحلية أقل من الأسواق المجاورة والتي لديها الأسعار لهذه المادة أعلى بكثير عن معدلاتها في الأردن.