ديوان المحاسبة.. ضرورة الاستقلالية وحصانة الرئيس

{title}
صوت الحق - أكد خبراء في مجال القانون الحاجة نحو مراجعة وتطوير الأطر التشريعية والسياسات والممارسات التابعة لديوان المحاسبة، رغم دوره الكبير في مراقبة الإنفاق على المال العام.
وأشار القانونيون في تصريحاتهم لـ “الغد”، أنه رغم الدور المهم الذي يقوم به ديوان المحاسبة، الذي يعد من مؤسسات النزاهة الوطنية التي تشرف وتراقب آليات إنفاق المال العام، إلا أن تعاظم هذا الدور؛ يتطلب بالضرورة أن يتمتع الديوان بالاستقلال الكامل الإداري والمالي والفني في ممارسة اختصاصاته.
وفي هذا الإطار، دعا الرئيس السابق لديوان المحاسبة عبد الخرابشة لضرورة تطوير قانون ديوان المحاسبة ليحصل على الاستقلال المالي والإداري ليكون حقيقيا وليس شكليا.
ومن أجل تفعيل دور العلاقة بين ديوان المحاسبة ومختلف مؤسسات الدولة، أكد الخرابشة أهمية تطوير علاقة الديوان بمختلف المؤسسات والدوائر الرسمية وصولا لتحقيق دوره الأساسي في الكشف عن الخلل في تطبيق الأنظمة والقوانين.
وشدد الرئيس السابق لديوان المحاسبة على ضرورة توطيد العلاقة ما بين الديوان ومجلس الأمة، خاصة وأنه يقدم له التقرير المتعلق بالكشف عن المخالفات، وذلك بهدف معالجة الخلل المالي والإداري الذي يشمله التقرير.
وقال الخرابشة إنه لابد من اهتمام ديوان المحاسبة بالإعلام والتثقيف تأكيدا على محاربة الفساد، مشيرا لضرورة الانفتاح ما بين إدارة ديوان المحاسبة والمدققين في الميدان لتكون متبادلة سواء من القمة للقاعدة أو من القاعدة للقمة.
وبين الخرابشة أنه لابد من التعليم والتدريب المستمر والذي يفترض أن يكون مخصصا في عمل الديوان حول رقابة الأداء، وضبط النوعية، والحاكمية، وذلك وصولا لمستوى العلاقات العامة سواء المؤسسات أو الدوائر الرسمية.
أما عن تطوير آليات عمل ديوان المحاسبة، فدعا المحامي صدام أبو عزام في هذا الشأن، لضرورة الإسراع في تطوير آليات عمل ديوان المحاسبة، وذلك بالاستناد لتقرير تقييم النزاهة الوطني الصادر عن منظمة الشفافية الدولية، والذي أظهر أن ديوان المحاسبة حصل على مجموع علامات 58 من 100 “وهذه درجات متدنية جدا”.
ويعد ديوان المحاسبة أحد المؤسسات الدستورية حيث تم النص عليه بموجب المادة 119 من الدستور الأردني، وذلك وفق أسس ومعايير عالمية تقوم على الشفافية والنزاهة ومحكافحة الفساد.
واعتبر أبو عزام أن التقرير العام الذي يقدمه ديوان المحاسبة لمجلسي الأعيان والنواب والمتضمن المخالفات المرتكبة والمسؤولية المترتبة عليها وملاحظاته، “غير كاف لتعزيز آليات الرقابة على المال العام”، موصيا بهذا الخصوص أن “تتم إحالة المخالفات التي يتم الكشف عنها مباشرة الى السلطة القضائية”.
وأشار أبو عزام لأهمية أن يقوم ديوان المحاسبة بتعزيز وتطوير آليات عمله من خلال انتهاج اليات الرقابة المسبقة على النفقات، وذلك توازيا وتبني نظام وآلية وطنية من شأنها أن تسهم في تعزيز الرقابة السباقة على الإنفاق.
وأوصى أيضا بتعزيز الحصانة الكاملة لرئيس الديوان والقائمين عليه، وألا يتم عزلهم أو نتحيتهم عن العمل إلا لأسباب صحية أو بلوغ سن معينة، مقترحا أن يتم إجراء توحيد في المراجع المؤسسية ذات الطابع الرقابي من ديوان محاسبة ووحدات رقابة داخلية في المؤسسات وهيئة النزاهة ومكافحة الفساد لتعزيز وتوحيد الجهود الوطنية في الرقابة على المال العام.
ويقع على ديوان المحاسبة، وفق أبو عزام، دور بأن يبادر لاستخدام كافة الوسائل والصلاحيات الممنوحة له بموجب القانون، بالإضافة للقيام بتشكيل لجان ولإصدار تقارير متخصصة في بعض القضايا التي تشغل الرأي العام او التي تشكل استطالة كبيرة على المال العام.
كما يتطلب الأمر تعديل قانون الديوان بأن يضمن تعاون كافة المؤسسات الوطنية ذات العلاقة مع الديوان تزامنا وتقديم المعلومات والبينات اللازمة في الوقت المناسب، بحسبه.
واعتبر أبو عزام أن دور الديوان لا ينحصر بممارسة أدوار ذات بعد رقابي على المشاريع الرأسمالية وليس فقط على سلامة النفقات المالية من حيث الشكل، إنما يقع على عاتقه، مراقبة مدى انسجام النفقات مع الأولويات الوطنية والخطط الاستراتيجية، ومدى ملاءمة المشاريع المقترحة مع النفقات المطلوبة.
واتفق أستاذ القانون الإداري في الجامعة الأردنية محمد المعاقبة مع سابقه إزاء ضرورة تطوير المفاهيم الرقابية لدى ديوان المحاسبة تحقيقا للصالح العام والمحافظة على المال العام.
وأدرج المعاقبة تساؤلا حول فاعلية الضمانات القانونية لضمان رقابة ديوان المحاسبة، وهو جهة رقابية لها وجود وأساس دستوري نص عليه الدستور الأردني في المادة 119 بإنشاء ديوان المحاسبة لمراقبة إيرادات الدولة ونفقاتها وطرق صرفها.
ورغم التعديلات المهمة التي طرأت على قانون ديوان المحاسبة والمتعلقة بإلزامية تعاون الجهات الرسمية مع الديوان خاصة فيما يرتبط بالرقابة على الأموال العامة من خلال الكتب الرسمية أو الاستيضاحات، إلا أن المعاقبة اعتبر أن النص جاء “فضفاضا ولم يضع تكييفا قانونيا لهذا الفعل”.
وأكد المعاقبة الحاجة لمراجعة قانون ديوان المحاسبة فيما يتعلق بالبت في أي خلاف بين الديوان أو أي جهة إدارية، لافتا لأهمية ان تكون جهة أخرى غير مجلس الوزراء، كلجنة برئاسة رئيس المحكمة الإدارية العليا، “وهذا يشكل ضمانا لاستقلالية ديوان المحاسبة وتقود لأن يكون القرار سليما ومشروعا”.
وبين أستاذ القانون الإداري أن استقلالية ديوان المحاسبة يجب أن تكون بشكل تام عن السلطة التنفيذية بعيدا عن أي صلاحية أو سلطة في مجلس الوزراء فيما يتعلق بعمله وفيما يتعلق أيضا بتعيين رئيس ديوان المحاسبة أو أي من موظفيه.
واقترح المعاقبة أن يكون تعيين رئيس ديوان المحاسبة بإرادة ملكية، توازيا وأن يكون عبر تنسيب من رئيس المجلس القضائي ورئيس مجلس الأمة بشقيه الأعيان والأمة وذلك أسوة بتعيين رئيس الهيئة المستقلة للانتخاب، وهو ما يتطلب تعديلا دستوريا.
وأوصى المعاقبة بأهمية التوسع في وضع قواعد قانونية تؤطر وتنظم رقابة ديوان المحاسبة بالاستناد لقانون الديوان، داعيا لتعديل قانونه بأن يتم تشكيل هيئة جديدة من شخصيات وازنة ذات بعد مهني وسياسي.
وشدد على ان يكون لكوادر ديوان المحاسبة استقلالية، مع إقرار نظام خاص بهم وفق نظام وظيفي بعيدا عن نظام الخدمة المدنية وأن يكون تعيين موظفيه وفق آلية يتضمنها النظام الوظيفي يراعي الكفاءة والمؤهل.