مليونا أردني مصابون بضغط الدم المرتفع
وتاليا نص التقرير كما أوردته الجزيرة نت:
بين عيادات الأطباء والمختبرات الطبية، يتنقل المريض يوسف أبو العدوس (32 عاما) حاملا في يده كيسا من الأدوية والعلاجات، وفي الأخرى نتائج لفحوصات مخبرية وصور أشعة، ليراجع بها طبيبه بالمركز الوطني للسكري والغدد الصماء في العاصمة الأردنية عمّان.
أصيب أبو العدوس بمرض السكري منذ 4 أعوام -يقول للجزيرة نت- وبدأ بمراجعة الأطباء بالمركز الوطني للحصول على وجبته الشهرية من إبر الإنسولين وأدوية السكري والأعصاب، ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل فقد إحدى عينيه بسبب السكري، ويعاني أمراضًا بالكلى.
حالة أبو العدوس ليست الوحيدة، فالمتجول بين قاعات انتظار المرضى بالمركز، يرى المئات من مرضى السكري وتصلب الشرايين والقلب والقدم السكرية والكلى والأعصاب وغيرها، منهم الطاعن في السن، ومنهم الشاب والطفل وطالب الجامعة، ومنهم الذكور والإناث.
وبين مقاعد المرضى، يجلس الستيني محمود الصعوب (68 عاما) على كرسي طبي، بعدما فقد قدميه بسبب السكري، ويقول للجزيرة نت "خلال الشتاء الماضي، تعرضت قدمي للحريق دون أن أشعر بها، بسبب تلف الأعصاب الذي يتسبب به مرض السكري، ونتيجة تفاقم وضع قدمي الصحي وإصابتها بالغرغرينة قرر الأطباء، بترها، وكنت فقدت القدم الأولى عام 2019، بسبب الالتهابات والتقرحات".
سكري الحمل وتوريث المرض
إلى جوار الصعوب، تجلس المريضة سلمى (ذات الـ9 سنوات) التي ورثت مرض السكري عن والدتها، تقول أمها للجزيرة نت "أصبت بالسكري خلال الحمل، وبعد ولادة طفلتي أصيبت بالسكري في عامها الأول، وتتلقى العلاج بإبر الإنسولين منذ 8 أعوام".
وتتفاقم حالات الإصابة بمرض السكري ومضاعفاته بالأردن سنويا، وكشفت دراسة طبية وطنية أصدرها المركز الوطني للسكري والغدد الصم الأردني عن إصابة نحو 45% من الأردنيين بأمراض السكري، وقسمت الدراسة المصابين إلى 20% مصابون بأمراض السكري بنوعيه الأول والثاني، و25% مصابون بالسكري الكامن والذي يعرف بمرحلة ما قبل السكري.
وتصل نسبة المصابين بالسكري بين الأردنيين البالغين (فوق 18 عاما) نحو 20%، بعدد مليوني أردني، والسبب الرئيسي لإصابة الأردنيين بالسكري هو السمنة، إذ يعاني نحو 80% من الأردنيين من السمنة، مما يعرض حياتهم للخطر، ويرفع من تكاليف العلاج التي تصل إلى ملياري دينار سنويا (2.8 مليار دولار سنويا).
يضاف إليهم -بحسب الدراسة- 2 مليون أردني مصاب بمرض التوتر الشرياني (ضغط الدم المرتفع)، و2 مليون مصاب باختلاط الدهون، و4 ملايين مصابون بزيادة الوزن والسمنة.
تعريف السكري وأنواعه والفئات العمرية
يعرف استشاري الغدد الصماء والسكري بالمركز الوطني للسكري موسى أبو جبارة السكري بأنه فشل أو قصور في إفراز الإنسولين من غدة البنكرياس، أو وجود مقاومة للإنسولين في الأنسجة العضلية والدهنية.
ويقسّم أبو جبارة -في حديثه للجزيرة نت- السكري لعدة أنواعه:
أهمها السكري الكامن، ويكون فيه مستوى السكر بالدم أعلى من الحد الطبيعي، وأقل من حد تشخيص حالة المريض بأنه مصاب بالسكري، وفحوصات السكري لم ترقَ لتشخيص المريض بالإصابة بالمرض، لكنها غير طبيعية وفيها اختلال.
السكري من النوع الأول، فيكمن سببه في إصابة المريض بالتهاب مناعي مزمن وأجسام مضادة تهاجم البنكرياس وتحطمه، مما يتسبب في فشل كلي لغدة البنكرياس، ويشمل سكري حديثي الولادة والأطفال واليافعين، وعلاجه بالإنسولين مدى الحياة، ومضاعفاته خطيرة، على قول أبو جبارة.
أما السكري النوع الثاني، فسببه اعتلال أو قصور في وظائف البنكرياس، إضافة للسمنة وزيادة الوزن، ونمط الحياة الكسول، وتناول الأغذية الغنية بالدهون والسكريات، وعدم ممارسة الرياضة، ويصيب البالغين من 18 عاما وأعلى، ويشكل 95% من حالات الإصابة بالسكري.
نوع مهم يعرف بـ"سكري الحمل"، وتحدث الإصابة بهذا النوع من السكري للنساء الحوامل. ويضيف أبو جبارة أن هناك دراسة طبية حديثه تشير إلى إصابة 14% من النساء الحوامل في الأردن بسكري الحمل، ويتكرر سكري الحمل مع الأحمال والولادات، و60% من السيدات المصابات بسكري الحمل يتعرضن للإصابة بالسكري الدائم من النوع الثاني، و50% منهن معرضات لأمراض القلب والشرايين والجلطات القلبية والدماغية.
وبخصوص مضاعفات مرض السكري، فتقسمها استشارية أمراض السكري والغدد الصماء دانا حياصات لنوعين: مزمنة وحادة. أما المضاعفات المزمنة، فتكمن في مخاطر تدهور وظائف العيون والإصابة بالعمى، وتدهور وظائف الكلى، واعتلال الأطراف الحسية، وفقدان الشعور بها مما يترتب عليه الإصابة بالقدم السكرية وتقرح القدمين.
وتضيف حياصات -في حديثها للجزيرة نت- أن مريض السكري معرض للإصابة بأمراض تصلب الشرايين وحدوث الجلطات القلبية والدماغية، خاصة أن 75% من مرضى السكري معرضون للإصابة بأمراض القلب والشرايين.
ومريض السكري معرض لمخاطر عدم التئام الجروح والإصابة بالغرغرينة، خاصة في الأطراف، في حين أن السكري هو السبب في عمى الفئات العمرية من 20-70 عاما، كما أنه السبب الأول في الفشل الكلوي ومسؤول عن 60% من عمليات بتر الأطراف.
أما المضاعفات الحادة -والحديث للحياصات- فتتمثل في ارتفاع السكر للأطفال والإصابة بالحموضة الكيتونية بالدم، أو إصابة المرضى الكبار بخلل بأملاح الجسم، مما يستدعي دخول المريض المستشفى، إضافة إلى هبوط مستويات السكر بالدم وأعراضه الدوخة والتعرق والرجفان وخفقان القلب وفقدان الوعي، وفي حال تأخر تقديم العلاج للمريض قد يفقد حياته.
تكاليف العلاج
يؤكد أبو جبارة ارتفاع تكاليف العلاج، خاصة الأدوية الحديثة وأنواعا من الإنسولين، ومنها علاجات جديدة تقدم لمريض السكري حماية من الأمراض المزمنة.
ويشير إلى أن مريض السكري بحاجة لمتابعة يومية بفحوصات السكري من خلال شرائح فحص السكري؛ وهي مكلفة على المريض.
ويشكل مرض السكري أخطارا اجتماعية، أبرزها -بحسب حياصات- التسبب بتعطيل وتراجع إنتاجية المريض خاصة الشباب العاملين، نتيجة عدم مقدرة المريض على إنجاز الأعمال المطلوبة منه.
وتضيف أن ارتفاع تكاليف المرض ومستلزماته يؤثر على نفقات العائلة والدولة، علاوة على تكاليف غير مباشرة على المريض وعائلته والسلطات الصحية.
يشار إلى أن المركز الوطني للسكري يهتم بتقديم العلاج للمرضى، وتوعيتهم بمخاطر المرض والتعامل مع الأدوية، إضافة لتقديم عمل توعوي لشرائح المجتمع الأردني وسكان المملكة للوقاية من السكري والتوعية بمخاطره.
ويقدم المركز سنويا العلاج والخدمات الطبية لنحو 300 ألف مريض.