كازاخستان والأردن ... 30 عامًا من الصداقة والتعاون

{title}
صوت الحق - في 9 شباط / فبراير 2023 ، تحتفل كازاخستان والأردن بتاريخ مهمّ وهو الذكرى الثلاثين لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين البلدين الصديقين.

فهناك الكثير من القواسم المشتركة بين كازاخستان والأردن. إن بلدينا ، بفضل شعبيهما هما نموذج للعلاقات الدولية المعتمد، دولتان متسامحتان تراكمت لديهما خبرة ملحوظة في ترسيخ فكرة التعايش السلمي ومكافحة العنف والتطرف الديني. وتتميز بلادنا بوجود تقاليد الضيافة والود التي أرساها أجدادنا وامتدت عبر القرون.

خلال سنوات الحرب الصعبة للحرب العالمية الثانية ، أصبحت كازاخستان موطنًا لعدة ملايين من شعوب القوقاز والجنسيات الأخرى ، وتم ترحيلهم، ووجدوا أنفسهم في ظروف معيشية صعبة ، دون سقف فوق رؤوسهم وبلا طعام وسبل عيش. وعلى الرغم من الأوقات الصعبة ، رحبت كازاخستان وتبنت هؤلاء الأشخاص بأذرع مفتوحة ، مما أتاح لهم الفرصة لمواصلة العيش. واليوم ، يطلق العديد من هذه الشعوب بامتنان على كازاخستان وطنهم الثاني. ويمكننا رؤية الصورة نفسها اليوم في الأردن ، الذي يستضيف ملايين اللاجئين من سوريا وفلسطين والعراق ودول أخرى على أرضه الكريمة.

وتجدر الإشارة إلى أن المساجد والكنائس في بلدينا جنباً إلى جنب ، مما يدل على أن شعوبنا لديها مبادئ سامية ومشرقة للتسامح.

ومع وضع هذا في الاعتبار ، يمكن أن تصبح كازاخستان والأردن نوعًا من الجسر الثقافي والتاريخي الذي يربط بين الشرق الأوسط وآسيا الوسطى ، والذي من خلاله يمكن لمنطقتنا إقامة تعاون متعدد الجوانب متبادل المنفعة في مختلف القطاعات.

إن تفاعلات شعوبنا متجذرة في الماضي العميق. فكما تعلمون ، فإن مواطناً من القبيلة الكازاخستانية "بيرش" المملوكي السلطان الظاهر بيبرس عاش أيضًا في الأردن. ومعروف عن دوره في إعادة إعمار قلعتي الكرك وعجلون.

ويمكن القول بأنه منذ اليوم الأول لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين بلدينا ، توحدنا من خلال التقارب أو تشابه المواقف بشأن القضايا العالمية والإقليمية الرئيسية. حيث يتفاعل بلدانا بشكل فعال على منصات متعددة الأطراف ، بما في ذلك الأمم المتحدة ومنظمة المؤتمر الإسلامي ومنظمة التفاعل واجراءات بناء الثقة في أسيا (CICA) ، من خلال التنسق بشكل وثيق لحل المشاكل الدولية الملحة. وبهذا يمكن اعتبار الأردن اليوم من أكثر الشركاء الواعدين لكازاخستان في العالم العربي ، ولا شك أن مثل هذا التعاون أصبح ممكناً بفضل وجهات النظر الاستراتيجية لقادة بلدينا.

وبحمد الله اليوم ، العلاقات الكازاخستانية الأردنية تتطور بشكل ديناميكي. فخلال عامي 2006 و 2009 تمت زيارتان رسميتان للرئيس الأول لكازاخستان السيد نور سلطان نزارباييف إلى الأردن. بدوره قام جلالة الملك عبد الله الثاني بزيارة كازاخستان سبع مرات.

وخلال زيارة جلالته الرسمية الأخيرة إلى كازاخستان ، والتي تمت في الفترة من 31 تشرين الأول / أكتوبر إلى الأول من تشرين الثاني / نوفمبر 2017 ، حصل جلالة الملك على "جائزة نور سلطان نزارباييف لمساهمته في بناء عالم خالٍ من الأسلحة النووية والأمن العالمي". كما التقى قاسم جومارت توكاييف وجلالة الملك عبد الله الثاني على هامش الدورتين 74 و 77 للجمعية العامة للأمم المتحدة في 2019 و 2022 في نيويورك.

كما تتطور العلاقات البرلمانية الثنائية بنشاط واسع. حيث شارك رئيسا مجلسي البرلمان الأردني في الاجتماع الرابع لرؤساء برلمانات الدول الأوراسية ، الذي عقد في الفترة من 23 إلى 24 أيلول / سبتمبر 2019 في عاصمة جمهورية كازاخستان / أستانا.

ولأن المملكة دولة تدعم التسامح في العلاقات بين الأديان ، تشارك بنشاط في أعمال مؤتمر قادة الأديان العالمية والتقليدية ، وهو منبر دولي مهم تم إنشاؤه لتطوير الحوار بين الطوائف العالمية.

وفي 10-11 يونيو 2015 ، شارك جلالة الملك عبد الله الثاني في المؤتمر الخامس لقادة الأديان العالمية والتقليدية. وحضر المؤتمر السابع ، الذي عقد في أيلول / سبتمبر 2022 ، وفد أردني برئاسة مديرة المعهد الملكي للدراسات الدينية الدكتورة رينيه حتر.

وتدعم كازاخستان والأردن جميع الجهود الدولية الهادفة إلى حل الأزمة السورية ، ونعلم أن المملكة كدولة مجاورة لسوريا تتحمل مسؤولية كبيرة لاستقبال واستيعاب أكثر من مليون لاجئ سوري. وفي هذا السياق تقدم كازاخستان مساعدة للاجئين السوريين في الأردن ، وبالتحديد قمنا بتقديم المساعدة الإنسانية إلى مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين للسوريين الذين يعيشون في مخيم الزعتري ، كما نقدر دور الاردن الذي شارك بنشاط كمراقب في مفاوضات (أستانا) وقدم مساهمة كبيرة في حل الصراع في سوريا.

واليوم أيضاً فإن كازاخستان والأردن هما في تعاون بنّاء في إطار المنظمات الدولية والإقليمية ، ودعمهما المتبادل لمبادراتهما الدولية . وكازاخستان تتعاون بنشاط مع الأردن ضمن الأمم المتحدة. حيث يدعم الأردن باستمرار منظمة التفاعل وتدابير بناء الثقة في آسيا (CICA) والرئاسة الكازاخستانية الحالية لها. حيث تواصل هذه المنظمة سياستها المتسقة لتعزيز الأمن في آسيا ، بما في ذلك في إطار هذه المنصة.

وتتعاون كل من كازاخستان والأردن ، باعتبارهما أعضاء في المجتمع الإسلامي ، عن كثب في إطار منظمة التعاون الإسلامي (OIC).

هذا إضافة إلى أن بلدينا يهتمان بالتعاون الاستثماري والتجاري والاقتصادي مع الأردن ، إلا أنه لعدد من الأسباب الموضوعية ، فإن حجم التبادل التجاري الحالي في مستوى منخفض. والسبب الرئيسي هو عدم وجود طرق لوجستية سريعة ورخيصة بين بلدينا. لهذا نتطلع إلى تطوير آلية محددة لتبادل البضائع من البلدين بمشاركة شركات لوجستية كبيرة.

ونحن على ثقة من أننا لا نستطيع البقاء مع هذا الوضع ويجب أن نتخذ تدابير فعالة لبناء ممرات تجارية فعالة. وهذا يتماشى تمامًا مع خططنا لتنويع العلاقات التجارية والاقتصادية ، ولا سيما مع مراعاة القرب الإقليمي والتاريخي لمناطقنا.

وتلعب اللجنة الكازاخستانية الأردنية الحكومية للتعاون التجاري والاقتصادي والثقافي والإنساني دورًا هامًا في تطوير العلاقات التجارية والاقتصادية. ونأمل أن يكون للاجتماع الخامس المقبل للجنة الحكومية الدولية في عمان في عام 2023 بمشاركة رجال الأعمال أثر إيجابي في توسيع التعاون التجاري والاقتصادي والاستثماري بين بلدينا ، علاوة على إقامة اتصالات مباشرة بين مجتمع الأعمال في البلدين. مما سيساهم في الكشف الكامل عن الفرص الوافرة للتعاون المتبادل في مختلف المجالات. مع الأخذ في الاعتبار الاهتمام المتزايد من قبل سياحنا بالوجهة الأردنية بسبب كثرة المواقع التاريخية ، الأمر الذي يستدعي إلى العمل على تحرير نظام التأشيرات وفتح رحلات جوية مباشرة بين بلدينا.

واستنادًا إلى القطاعات التي يُحتمل تطويرها في اقتصاد كازاخستان ، يمكن أن تصبح الزراعة والابتكارات والرقمنة مجالات ممكنة لتطوير التجارة الثنائية والتعاون الاقتصادي والاستثماري.

وهناك مجالات واعدة أخرى للتعاون كالأمن الغذائي. علماً بأن كازاخستان هي واحدة من رواد العالم في تصدير القمح ، ولديها أيضًا إمكانات هائلة في مجال الزراعة. لذلك ، يمكن لكازاخستان أن تعرض على الجانب الأردني تعاونًا متبادل المنفعة من خلال إنشاء مشاريع زراعية مشتركة أو استثمارات في مشاريع زراعية في كازاخستان أو التعاون في تنظيم توريد الحبوب واللحوم والدقيق الكازاخستاني إلى أسواق الأردن والشرق الأوسط.

ويمكن للجانب الأردني من جهته تصدير الخضار والفواكه وزيت الزيتون ومنتجات البحر الميت إلى كازاخستان.

تتوقع كازاخستان دخول المملكة في أقرب وقت إلى منظمة الأمن الغذائي الإسلامي التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي ، التي تم إنشاؤها بمبادرة من كازاخستان وتعمل بنجاح في العاصمة الكازاخية (أستانا) . وفي إطار هذه المنظمة ، يمكن للأطراف تطوير مشاريع مختلفة تهدف إلى حل قضايا الأمن الغذائي في منطقة البلدان الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي.

والأردن دولة رائدة في العالم العربي في مجال تطوير الطاقة المتجددة ويمكن لبلداننا إقامة تعاون واعد في تنفيذ مشاريع "الطاقة الخضراء".

وما من شك في أن التنمية الاقتصادية للدول في العقود المقبلة ستتحدد في المقام الأول من خلال مستوى الابتكار ورقمنة القطاع المالي وقطاعات الاقتصاد والأعمال الأخرى ، وفي هذا الصدد ، نعتقد أنه يمكن لكازاخستان والأردن تأسيس تعاون وثيق في مجال الرقمنة ، بما ينسجم مع المسار الذي أعلنه جلالة الملك الملك عبد الله الثاني لتحديث الاقتصاد.

ونحن في كازاخستان والأردن على يقين من أن العلاقات بين البلدين في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والإنسانية آخذة في التطور ، وهناك جميع المتطلبات الأساسية لتفعيلها في المستقبل. كما إنني على ثقة من أن العلاقات الودية بين بلدينا ستستمر في التعزيز بروح التعاون متبادل المنفعة الهادف إلى ازدهار شعبي البلدين.

لهذا فمن المتوقع في المرحلة القادمة سيكون هناك تقارب أكبر بين بلدينا في إطار حوار سياسي مستقر وتوسيع العلاقات الاقتصادية والثقافية والإنسانية.