الدور الأردني بين الدبلوماسية والتحديات - نحو مستقبل متغير في القضايا الإقليمية

{title}
صوت الحق -
بقلم الدكتور نعيم الملكاوي
تتنوع السيناريوهات المستقبلية لدور الأردن في الشرق الأوسط ، وخصوصاً فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والعدوان الهمجي على غزة .

يعتبر الأردن حليفاً رئيسياً للولايات المتحدة في الشرق الأوسط وثاني أكبر متلقٍ للمساعدات الأمريكية عالمياً ، يتمتع بشراكة أمنية ثنائية قوية وقيادة سياسية معتدلة .

ومع كل ذلك تظهر بعض التحديات كالتوترات الناتجة عن الأعمال العدائية على الحدود الاردنية والحرب الشرسة على الفلسطينيين ، وهذه القضايا قد تلعب دوراً في رسم علاقات الأردن الدولية والإقليمية .

ومن ناحية أخرى ، يواجه الأردن تحديات داخلية اخرى ، اساسها ديموغرافي بسبب وجود نسبة لا بأس بها من السكان من أصل فلسطيني مما خلق قوى للشد العكسي داخل مطابخ القرار والصالونات السياسية وبعض الحرس القديم ، وهذا الإختلال قد يؤثر على توازن القوى السياسية داخل البلاد . 

في حين يريد الأردن تجنب سيناريو استقبال موجة جديدة عبر نهر الأردن ، وهو ما يعتبره الكابوس الاستراتيجي للمملكة حيث صرحت الحكومة الاردنية بذلك في اكثر من مناسبة.

على الصعيد الإقليمي ، يُعد الأردن مؤثراً في القضية الفلسطينية ويتبنى موقفًا يدعم صمود الشعب الفلسطيني في إقامة دولتة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس . هذا الموقف قد يؤدي إلى تعزيز دور الأردن كوسيط في النزاعات الإقليمية ، ولكنه أيضاً يواجه تحديات كبيرة ، خاصة مع التغيرات في السياسات الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية وتطبيع بعض الدول العربية لعلاقاتها مع "إسرائيل" .

خلال الفترة الماضية، لعب الأردن دوراً مهماً فيما يتعلق بالعدوان على غزة والشعب الفلسطيني .

 على الرغم من العلاقات المتوترة في بعض الأحيان مع حماس بسبب ما اعتبرته الأردن أنشطة عسكرية لحماس على أراضيها ، استمرت العلاقات بين الطرفين ، وتم استقبال قيادات حماس في الأردن في عدة مناسبات ، تأكيداً على التزام الأردن بدعم القضية الفلسطينية .

وقد أصدرت وزارة الخارجية الأردنية بيانًا يدعو إلى "وقف التصعيد" ودانت الانتهاكات " الإسرائيلية" في حق الشعب الفلسطيني ومقدساته الإسلامية والمسيحية .

كما قام الأردن بإرسال إمدادات طبية عبر اكثر من طائرة إنزال جوي للمستشفى الميداني الأردني في غزة، ورفض طلبات "إسرائيلية" بإخلاء المستشفى ، محملاً "إسرائيل" المسؤولية عن أي محاولة اعتداء عليه.

أيضاً، أقام الأردن مستشفى ميدانياً جديداً في خان يونس جنوب قطاع غزة ، بالإضافة إلى إرسال قوافل من الإمدادات الغذائية للضفة الغربية من خلال الهيئة الهاشمية .

على الرغم من وجود معاهدة سلام مع "إسرائيل" ، فإن ألاردن يعتبر السلام خيارآٓ استراتيجيآٓ لا عودة عنه كما وبعتبر الدفاع عن القضية الفلسطينية وحماية الاماكن المقدسة في القدس وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة القابلة للحياة جزءا لا يتجزأ من مصالحه الوطنية العليا ، ويحافظ على موقف متوازن ما بين دعم الفلسطينيين والحفاظ على العلاقات الدبلوماسية مع الدول الأخرى .

بناءً على هذه المعطيات ، يمكن التوقع أن يستمر الأردن في لعب دور محوري في القضايا الإقليمية ، مع التركيز على استراتيجية الاستقرار الداخلي والتعاطي مع القضايا الإقليمية بحذر ودبلوماسية .

استنادًا إلى كل هذه المعلومات هناك نخلص الى عدة سيناريوهات محتملة لدور الأردن في المستقبل بخصوص الشرق الأوسط وفلسطين والحرب على غزة :

 *1. الوسيط الدبلوماسي :*

• الأردن يمتلك علاقات جيدة مع الدول الغربية والعربية ، مما يجعله مرشحاً للعب دور الوسيط في النزاعات الإقليمية ، خاصةً فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية .

• يمكن أن يسعى الأردن لتعزيز مبادرات السلام والدعوة لحل الدولتين .
 *2* *. الحفاظ على الاستقرار الداخلي :*

• يهتم الأردن بشدة بتجنب التوترات الديموغرافية والحفاظ على الاستقرار الداخلي ، والضغط بكافة الاتجاهات لحل الدولتين وتمكين الفلسطينيين من الصمود في ارضهم والدفع بعودة من يتمتعون بحق العودة في حال قيام الدولة الفلسطينية كاملة النصاب والاركان .

• يركز الأردن على تجنب استقبال موجات جديدة من اللاجئين الفلسطينيين لتجنب الكابوس الاستراتيجي المتمثل في اختلال التوازن الديموغرافي في ظل استضافة الاردن لاعداد كبيرة من لاجئين فلسطين ، سوريا ، العراق ، اليمن وليبيا .

 *3. التعامل مع الضغوط الإقليمية والدولية :*

• يواجه الأردن تحديات في التعامل مع الضغوط من الدول الغربية وبعض الدول العربية بشأن موقفه من القضية الفلسطينية والتعامل مع " إسرائيل " .

• التغيرات في السياسة الأمريكية وتطبيع بعض الدول العربية مع " اسرائيل " قد يؤثران على موقف الأردن ويضعانه في موقف حرج على الساحة الدولية .

• تراجع الالتزام والدعم العربي الذي كان يحضى به الاردن سابقاً .

 *4. الدور الأمني والعسكري :*
• نظراً لشراكته الأمنية القوية مع الولايات المتحدة والحلفاء الغربيين ، قد يعزز الأردن هذا التعاون لمواجهة التحديات الأمنية في المنطقة ، خاصة في مجالات التدريبات العسكرية المشتركة ، تبادل المعلومات الاستخباراتية ، ودعم العمليات الأمنية الإقليمية والاستفادة لتعزيز القدرات العسكرية الأردنية .

• الأردن يواجه تحديات أمنية على حدوده ، خاصة من عدة جهات كالتنظيمات الإرهابية وتهريب الأسلحة والمخدرات .

 لمواجهة هذه التحديات ، يستخدم الأردن تقنيات مراقبة متقدمة وينفذ عمليات أمنية نوعية على الحدود .

• يساهم الأردن بقوات في مهمات حفظ السلام الدولية ، مما يعكس التزامه بالاستقرار الإقليمي والدولي .


• الأردن يعتبر شريكاً رئيسياً في الحرب ضد الإرهاب ، ويشارك في التحالفات الدولية لمكافحته ويقوم بعمليات داخلية لضمان عدم تمكن الجماعات الإرهابية من استخدام أراضيه كقاعدة للعمليات .

تعتمد هذه السيناريوهات على تطور الأوضاع في المنطقة وسبل تعامل الأردن معها في ظل التحديات الداخلية والخارجية وكيفية استخدام واستغلال الاوراق المتاحة في كل قضايا المنطقة وآلية توظيفها .