الشرق الأوسط على صفيح ساخن – الواقع وسيناريوهات المستقبل

{title}
صوت الحق -  

 *الدكتور نعيم الملكاوي* 
تقف منطقة الشرق الأوسط على مفترق طرق جيوسياسي حاسم ، في ظل احتمالات الحديث عن صفقة إقليمية كبرى تضم دولاً رئيسية وكيانات عقائدية وعسكرية متنوعة . هذا السياق المعقد ينذر بمستقبل مليء بالتوترات والتنافس الإقليمي والدولي ، ما يضع الشرق الأوسط في مركز دوامة من الاضطرابات .

يتميز الوضع الراهن بالتحديات والغموض ، حيث تتشابك الصراعات متعددة الأبعاد مع الأزمات السياسية ، الاقتصادية والاجتماعية . يسود الخوف من اندلاع حرب إقليمية وتغييرات جذرية في خارطة النفوذ السياسي والاقتصادي ، وهو ما يعكس حالة عدم الاستقرار السائدة .


تحولات تعقد من المشهد السياسي والاجتماعي في المنطقة ، حيث تضع الصراعات المستمرة والتوترات الإقليمية والدولية الشرق الأوسط في قلب الحدث . انها اضطرابات تهدد بإعادة رسم خرائط النفوذ وتغيير لبعض الأنظمة السياسية ، مما ينذر بفترة من الاضطرابات والتحديات التي ستحدد ملامح العقود القادمة .

مع تصاعد احتمالاتها تتفاقم الخلافات بين القوى الكبرى والفاعلين الإقليميين ، ما يضع المنطقة في موقف معقد ومحوري ، لتلعب القوى الدولية مثل الولايات المتحدة ، روسيا والصين ، دوراً يزيد من التعقيدات السياسية والعسكرية ، مما ينبئ بتحولات كبرى في توزيع النفوذ الإقليمي القادم .

يبرز التنافس على الموارد والنفوذ كعامل رئيسي ، وتشكل الصراعات الحدودية والطائفية المتأججة بفعل التدخلات الخارجية التي تكتسب زخماً لمحاور توتر مركزية ، في هذا المناخ المتوتر ، يصبح الدور الذي تلعبه القوى الكبرى حاسما في تشكيل مستقبل المنطقة ، فدعمهم العسكري والسياسي لأطراف معينة يعقد الموقف أكثر ، مما يهدد بتصعيد شامل يمتد لما هو أبعد من الحدود الإقليمية ويزيد من مخاطر اندلاع حرب إقليمية لا عودة فيها .

جميع المؤشرات تشير  إلى إحتمال نشوب حرب إقليمية وتغييرات جيوسياسية محتملة في المنطقة، مع مراعاة العديد من العوامل المؤثرة مثل الصراع "الإسرائيلي"- الفلسطيني ، عدم الاستقرار في البحر الأحمر ، الأوضاع في ليبيا والسودان ، تأثيرات الحرب الروسية على أوكرانيا ، والتوجهات الأمريكية والغربية والحاجة الملحة لإعادة تأهيل المؤسسات الإقليمية العربية مثل الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي لتتماشى مع المتطلبات المستقبلية.

كل المعطيات على الارض تؤهل المنطقة لإمكانية تطور الأحداث لترتقي إلى حد الصراع الإقليمي وإحداث تغييرات جيوسياسية وديموغرافية محتملة في المنطقة يقودنا الى الفرضيات التالية :

1 *.       إمكانية حدوث حرب إقليمية :* 
•  تصاعد العدوان على غزة ، واحتمال تدخل جهات فاعلة إقليمية مثل إيران والحوثيين واحتمال حدوث هجرات بشرية (طواعية، ممنهجة، قصريه) من مناطق الصراع تظهر الإمكانية للتصعيد .

•  التوترات والأحداث الطارئة ، مثل اغتيال صالح العاروري في بيروت الجنوبية ، الهجمات المتزايدة من الحوثيين على السفن في البحر الأحمر ، والهجمات الإرهابية في إيران ، قصف إيران لأماكن في كردستان والباكستان و رد الأخيرة عليها بالمثل تسلط الضوء على تزايد التوتر مما سؤدي إلى تصعيد أوسع .

2 * إمكانية تغيير الأنظمة في المنطقة :* 
• ان تحليل الوضع الجيوسياسي يشير إلى أن بعض الأنظمة في المنطقة قد تواجه تحديات جديدة، خاصة في ضوء الصراعات المحلية والإقليمية المتزايدة .

•  هذه التحديات قد تؤدي إلى تغييرات في بعض الأنظمة الحاكمة ، لكن التنبؤ بحدوث ذلك يتطلب تحليل عميق للظروف الاقتصادية ، السياسية والاجتماعية الداخلية لكل دولة .

3 *.     
 إمكانية إعادة رسم خارطة المنطقة :* 
•  إن التحولات الجيوسياسية ، بما في ذلك النزاعات واحتمال تغيير الأنظمة بمجمله قد يؤدي إلى تغييرات في الخارطة السياسية وحدود الدول و/ أو النفوذ الإقليمي عليها .
• وهذا يعتمد على العديد من العوامل ، بما في ذلك الاتفاقيات الدولية والعلاقات بين الدول والتحالفات الإقليمية القائمة او المستقبلية .

في نهاية المطاف ، يعتمد مدى قبول وتنفيذ أي صفقة إقليمية للمنطقة مرهوناً بالمشهد السياسي والجيوسياسي المتقلب والمعقد ، حيث تتشابك العديد من العوامل والتحديات ، مما يجعل من التنبؤ بمستقبل المنطقة مهمة شديدة الصعوبة ، تتطلب هذه الديناميكيات ذات التغير السريع مراقبة دقيقة وتحليلات معمقة للتوجهات والأحداث ، لفهم التحولات المستمرة التي تشكل واقع هذه المنطقة الحيوية .

ينبغي الإقرار بأن السيناريوهات المحتملة في الشرق الأوسط تحمل في طياتها مخاطر وتحديات كبيرة، تتطلب من صناع القرار والمجتمع الدولي توخي الحذر واليقظة. حيث يلعب التعامل الدولي والسياسات العالمية دوراً حاسماً في رسم ملامح المستقبل الذي ينتظر هذه المنطقة الاستراتيجية ، مما يتطلب تعاوناً دولياً مدروساً وحكمة في التعامل مع التطورات الجارية .

الا انه وعلى الرغم من تقلبات هذه المنطقة وتحدياتها ، تكمن أيضا فرص للتعاون والتقدم ، شريطة أن يتم التعامل معها بحكمة ورؤية استراتيجية ثاقبة .