المال الأسود يهدد نزاهة الانتخابات النيابية المقبلة: تحذيرات من خطر التلاعب بالإرادة الشعبية
لوزان عبيدات
لا شك أن الوصول إلى انتخابات نيابية نزيهة وبإرادة شعبية يتطلب انتخابات حرة، وطنية، وشفافة بعيدة عن تأثير "المال الأسود، الذي يشكل خطرًا وتحديًا واضحًا على عملية التمثيل النيابي في الأردن.
رغم أن الطريق إلى البرلمان محدد بتعاليم ومبادئ ديمقراطية تراعى فيها الإرادة الشعبية، لا يزال هناك من يسعى لإدخال المال الأسود وإضعاف العملية الديمقراطية، التي تعتمد على اختيار الناخب لممثليه في مجلس النواب بحرية وشفافية.
الدعجة: المال الأسود طريق الدخلاء إلى مجلس النواب
أوضح النائب الأسبق الدكتور هايل ودعان الدعجة، دكتور العلوم السياسية في الشؤون البرلمانية، أن مجلس النواب يجب أن يمثل الإرادة الشعبية ويعبر عن مصالح المواطنين وتطلعاتهم من خلال ترجمة أصواتهم في صناديق الاقتراع.
وقال الدعجة لـ"صوت الحق" إن الأساس في العمل النيابي الديمقراطي هو اختيار الناخبين لممثليهم في مجلس النواب ممن يحظون بثقتهم، واصفًا ذلك بأنه مشاركة فاعلة في عملية صنع القرار وإدارة الشأن العام.
الأساس الذي تُبنى عليه البرلمانات
بيّن الدعجة أن الطريق إلى البرلمان واضح ومحدد بتعاليم ومبادئ ديمقراطية تراعى فيها الإرادة الشعبية، مبينًا ضرورة الابتعاد عن التحايل أو التلاعب بالإرادة الشعبية.
وأضاف: "إن التعامل بالمال الأسود يخرج المنظومة البرلمانية عن مسارها الديمقراطي الصحيح الذي يعتمد على اختيارات الناخب لممثليه في مجلس النواب بتمثيل حر نزيه وشفاف.
أساليب غير شرعية
ولفت إلى أنه في المجالس النيابية التي تشكلت في السنوات الأخيرة، لوحظ اعتماد بعض المرشحين على أساليب انتخابية تحايلية وغير شرعية، أساسها ما يعرف بالمال الأسود لشراء أصوات الناخبين، تعويضًا عن عدم تمتعهم بالكفاءة والأهلية أو بقواعد شعبية تؤهلهم لدخول البرلمان.
وأشار إلى أن هذه الأساليب الخطيرة وغير القانونية يجرمها قانون الانتخاب، كونها تنسف القواعد القانونية والشرعية والديمقراطية التي تقوم عليها البرلمانات، مؤكدًا خطرها بتحويل القبة إلى مكان للدخلاء والغرباء على العمل النيابي، وتحويلها عن أهدافها المتمثلة في التعبير عن مصالح المواطنين وآمالهم من خلال الأدوار التشريعية والرقابية، وخدمة مصالح نواب المال الأسود.
المصالح الخاصة
وأوضح أن النواب الذين يستخدمون المال الأسود تجمعهم مصالحهم الخاصة وليس مصالح الوطن والمواطن، مؤكدًا أنهم يحرفون مهام السلطة التشريعية عن مسارها الدستوري والقانوني الصحيح.
وأضاف: "مع الوقت، يتحول هؤلاء إلى ما يشبه العصابة تحت القبة، وقد يسعون لاحتلال مواقع في المكتب الدائم أو رئاسة الكتل واللجان النيابية ليكونوا أكثر تأثيرًا ونفوذًا وسيطرة على المجلس وبالتالي التحكم بمخرجاته وقراراته بما يخدم مصالحهم."
البرستيج والجلسات الاجتماعية
وأشار الدعجة إلى أن بعض النواب الذين وصلوا بالمال الأسود يتحولون إلى "شلة" داخل المجلس وخارجه، يدعمون ويساعدون بعضهم خلال الحملات الانتخابية لضمان تواجد أكبر عدد منهم تحت القبة وفي أكثر من مجلس نيابي، واصفًا هذا التوجه بـ"التعليلة والبرستيج والجلسات الاجتماعية" التي تضعف المجالس النيابية وتخرجها عن أدوارها الدستورية والديمقراطية.
وشدد على أن الشارع الأردني مطالب بسد هذه الثغرة في الجسم النيابي وحماية المؤسسة التشريعية من أجندات "عصابة" المال الأسود، وذلك عبر التوجه بكثافة إلى صناديق الاقتراع واختيار الأصلح، حيث إن زيادة نسبة الإقبال على الانتخابات هي السلاح الأقوى ضد المال الأسود، إذ تقل فرص نجاح مرشحي المال الأسود مع زيادة نسبة الإقبال على التصويت.
وختم الدعجة بتأكيد على أن مصير من يستخدمون المال الأسود بيد الناخبين، مبينًا أن المشاركة الواسعة في التصويت بالانتخابات تساعد المجالس النيابية على التخلص من هذه الآفة الخطيرة التي تضر بالمسار البرلماني وتحرفه عن مساره الديمقراطي الصحيح.