الأحزاب السياسية ودورها القادم
صوت الحق -
بقلم: باسمة راجي غرايبة
منذ أن صدر قانون الاحزاب وقانون الإنتخاب، اللذان كانا أهم مجزات اللجنه الملكية لتحديث المنظومة السياسية بدأت الأحزاب بخوض غمار الحصول على الترخيص وفقا للشروط التي وضعها القانون، من حيث العدد المطلوب للترخيص ومن حيث نسب مشاركة الشباب والمرأه وذوي الإحتياجات الخاصة التي حددها القانون بنسبة 20% من الأعضاء المنتسبين من الشباب و 20% من التساء من بين الاعضاء المنتسبين للحزب ولضمان الحصول على ترخيص الحزب وعقد مؤتمره التأسيسي، هذا بالنسبه للأحزاب التي تشكلت حديثا وكذلك للاحزاب الموجودة وتعمل على الساحة السياسية كان لزاما عليها تصويب أوضاعها وفقا للقانون وهذا بالطبع تطلب جهدا كبيرا من الاعضاء المؤسسين، وتطلب ايضا عقد ندوات واجتماعات وورشات عمل في كل محافظات المملكة وألويتها من أجل تشجيع الناس على الإنخراط بالأحزاب وإقناعهم بجدوى العمل الحزبي والمشاركة السياسية من أجل التغيير السياسي والاقتصادي وتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين من خلال بعض الطروحات لبرامج حزبية لم تستند الى برامج فكرية حقيقية ونهج وبرنامج معين للسعي نحو بناء أردن ديمقراطي يشارك فيه الجميع ضمن هذه البرامج بل كانت عبارة عن شعارات وطروحات تنظيرية تستند الى نظام ( الفزعة) وليس نظام داخلي وبرنامج حقيقي، يتضمن حلولا واقعية للمشاكل التي يعاني منها الشعب الاردني بكافة طبقاته ومكوناته
خاصة أن معيقات الانخراط بالأحزاب كانت مازالت تؤثر بشكل كبير في المجتمع الاردني وكانت هاجسا مخيفا للكثيرين فالملاحقه الأمنيه وشبح الإعتقالات وعدم الحصول على الوظائف، كانت الهاجس الاكبر والمعيق الذي سيطر على الشباب ومنعهم من الإنتساب للاحزاب في المراحل السابقة ولذلك كان لابد من الوصول إلى الشباب في الجامعات وعمل ورشات تدريبية وندوات تثقيفية ولقاءات للحديث عن الاحزاب واهميتها في بناء وطن ديمقراطي ودورها في التغيير السياسي والاقتصادي وتفعيل الدستور وخلق بيئة مناسبة وحاضنه للاحزاب خاصة بعد معاناة الشباب من الفراغ الفكري والبعد عن مراكز صنع القرار من أجل التغلب على هذه المعيقات
ومن هنا لابد من الإشاره إلى أن الأحزاب التي تشكلت حديثا منحت فرصا عديده للتغلب على هذه المعيقات، حيث فتحت لها المنابر في الجامعات الحكومية والخاصه ومراكز الشباب والأندية الرياضية والملتقيات الثقافيه ومنظمات المجتمع المدني كالجمعيات حيث إنتسب اليهاعدد كبير من الشباب والنساء وخاصة للأحزاب الحديثة بسبب التسهيلات التي قدمت لها وعلى قاعدة أنها أحزاب برامجية، تحمل رؤيا جديده لمشاركة الشباب في العمل السياسي وأنهم صانعو التغيير حيث منحتهم الفرصة للتعبير عن ذاتهم وطموحاتهم ومنافشة القضايا الأساسية التي يعاني منها الشباب كالبطالة والفقر وعدم الحصول على فرص للعمل والتدريب ولقد حظيت هذه الأحزاب بهذه الفرصة وعقدت مؤتمراتها التأسيسية وحصلت على الترخيص للعمل على الساحة السياسيةالأردنية وبدأت مرحلة أخرى وهي المشاركة في الانتخابات النيابية لعام 2024 بينما وضعت العراقيل والمعيقات أمام ( الاحزاب الأيدلوجيه)
للحصول على الترخيص بسبب الملاحقة الامنية ومحاولات إقصاء الشباب لمنعهم من الإنتساب لهذه الاحزاب حيث وصل الأمر إلى الاجبار على تقديم الإستقالات لمن سجل أسمه للإنضمام الى هذه الاحزاب ، مما خلق فجوه عميقة بين مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المتظومة السياسية وبين الواقع الذي شهدته الساحة السياسية في الأردن قبيل الإنتخابات النيابية وخاصة في ظل الظروف السياسية وفي ظل حرب غزه، حيث تعرض عدد من المنتسبين للأحزاب للمضايقات والإعتقالات خلافا لما كان متوقعا
وما أن تم الإعلان عن موعد الإنتخابات النيابية حتى عاد الحراك الحزبي إلى الشارع واصبح يتحول إلى بناء تحالفات سواء حزبية اي بين الأحزاب فيما بينها، أو تحالفات عشائرية او تحالفات بنيت على أساس رأس المال او مايسمى( بالمال السياسي) من أجل تشكيل القوائم العامة أو القوائم المحلية لخوض الانتخابات النيابيه واصبحت هذه التحالفات تطغى على المفاهيم الديمقراطية ومفاهيم العمل السياسي والحزبي
وقد نتج عن هذا الحراك العديد من التحالفات التي قررت خوض الانتخابات النيابية سواء كانت على صعيد القائمة العامة أو القائمة المحلية لضمان الحصول على عدد أكبر من المقاعد في مجلس النواب حيث تفاعلت هذه الاحزاب مع الحدث الأكبر والاهم وهو ( طوفان الاقصى) والحرب على غزة وجرائم الإبادة التي إرتكبها الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني في غزة وإنعكاس ذلك على جوهر الصراع في المنطقه وهو القضية الفلسطينية ودور الأردن في مواجهة ((خطر التهجير مشروع الوطن البديل))
حيث شاركت معظم الأحزاب في المسيرات والوقفات التي نددت بهذه الجرائم، وكان على رأس أولوياتها هو إلغاء معاهدة وادي عربة وإغلاق سفارة الكيان الصهيوني حيث كان محيط السفارةهو الذي شهد أقوى الحراكات الشعبية والحزبية وكذلك إصدار البيانات التي تقف إلى جانب المقاومه وضرورة إرسال المساعدات إلى غزة، والمطالبة بوقف الحرب على غزة
وهذه المشاركة أعطت فرصة للأحزاب للحصول على تأييد الشعب الاردني وخاصة تلك الأحزاب التي كان لها موقف واضح ومتشدد في الوقوف إلى جانب غزة ومقاومتها الباسلة والمطالبة بتوحيد الموقف الرسمي والشعبي واستمر هذا الدعم والحراك حتى موعد الانتخابات ولكن
قبيل الانتخابات حصلت بعض الإشكاليات داخل الاحزاب والتحالفات وتعود اسبابها إلى إختلافات على ترتيب المقاعد في القوائم خاصة الأسم الاول والثاني والثالث أدت الى إنسحاب بعض الاسماء من هذه التحالفات أو داخل الحزب الواحد حيث حصلت إستقالات بناء على أختلافات على شواغر المقاعد ونتيجة إستخدام المال السياسي لبيع وشراء هذه المقاعد
وبعد ان إستقرت هذه التحالفات نوعا ما
خاضت الانتخابات النيابية لضمان الحصول على مقاعد في مجلس النواب وجاءت النتائج مختلفه جدا عما كان متوقعا وخاصة بالنسبة للأحزاب التي تشكلت حديثا وكانت تتوقع ان تشكل الحكومة البرلمانية التي كانت ضمن الاهداف الرئيسية التي تشكلت من اجلها لجنة تحديث المنظومة السياسية وكانت من رؤى جلالة الملك نحو أردن ديمقراطي
وقبيل ان يعقد مجلس النواب اولى جلساته تحت القبه
حدثت بعض المفاجئات سواء كانت استقالات بعض أمناء الاحزاب أو استقالة بعض الاعضاء
بل تعدى ذلك الى تغيير في الموقف السياسي لبعض الاحزاب بخصوص غزة والدور الاردني واهمية بناء موقف سياسي موحد ويعود ذلك الى حسابات خاصة لبعض الاحزاب او من منظور رؤيتهم لمصلحة الاردن وتقوية جبهته الداخليه والوقوف ضد المشروع الصهيو امريكي والتهديد الواضح للأردن ومشروع التهجير وكذلك فرض بعض السيناريوهات للحل على حساب الاردن
وإحتمالات الحرب الإقليميه وضرورة حماية الاردن وسيادته على أرضه وضرورة وجود للدور الاردني في دعم المقاومة وفي مفاوضات الحل النهائي
كل ذلك خلق مناخا سياسيا صعبا ويتطلبأ ان تقوم الأحزاب بدورها الحقيقي على الساحة السياسية وفي معركة الدفاع عن الأردن من الخطر القادم ((التهجير والوطن البديل وضم اراضي الغور ))وهذا الدور هو الأساس في الحفاظ على الأردن وسيادته وحمايةحدوده فالتهديد واضح جدا من قبل الكيان الصهيوني وساسته الذين يلوحون بإستمرار بالخرائط التوسعيه للكيان الصهيوني من جهة الاردن وهذا يتطلب تقوية جبهة الأردن الداخليه والبعد عن التشرذم ومواجهة هذا الخطر بكل الوسائل
وهنا لابد للأحزاب أن تكون على قدر المسؤولية فهي الرافعة الحقيقية للعمل السياسي ولها دور مهم جدا في حماية الأردن والحفاظ على سيادته
وأمنه واستقراره والوقوف مع الشعب الفلسطيني ومساندته ومع المقاومة الصامده