مهرجان الطعام .. نكهات تدعم الإنسانية ومكانة الأردن كوجهة سياحية استثنائية مسؤولة

صوت الحق -
في خطوة تُجسّد روح التضامن الأردني مع القضية الفلسطينية، أعلنت هيئة تنشيط السياحة في بيان لها أمس الأربعاء، عن تخصيص ريع تذاكر "مهرجان الأردن العالمي للطعام 2025" بالكامل لدعم أطفال غزة، معتبرة أن هذه الخطوة الإنسانية تعبّر عن تضامن الأردن المستمر مع أهلنا في قطاع غزة وفلسطين.
ويشارك في المهرجان 165 مشروعًا أردنيًا رياديًا، و76 سيدة من المجتمع المحلي، و180 مطعمًا أردنيًا، و20 مصنعًا للمواد الغذائية، إضافة إلى دعم 38 مؤسسة مجتمع محلي من خلال مطابخ إنتاجية وحرف يدوية وتجارب أصيلة، على اعتبار أن هذه الجهود لا تُسهم فقط في تنشيط السياحة وتوفير فرص عمل، بل تُعزّز أيضًا الاقتصاد المحلي، وتُبرز الدور الإنساني للسياحة الأردنية.
معنيون أكدوا في أحاديثهم لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) أنه من خلال هذا الحدث تُؤكّد المملكة التزامها بالقيم الإنسانية والمسؤولية الاجتماعية، وتُوجّه الأنظار إلى عمان كوجهةٍ سياحيةٍ تجمع بين التجربة الثقافية والدور الإنساني، فالأردن سيظل متمسكًا برسالته القومية والتاريخية والإنسانية، متمترسًا في خندق الدفاع عن قضايا أمته، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
ولفتوا إلى أن المهرجان يسهم في تحفيز النمو الاقتصادي المحلي من خلال دعم قطاع الضيافة والمطاعم والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، مع جذب سياح مهتمين بالسياحة المسؤولة في احتفاء ثقافي يجمع بين النكهة والمضمون، في رسالة ضمنية واحدة قويةً للعالم بأن الإنسانية هي القيمة العليا التي تُوحّد الشعوب.
رئيس لجنة السياحة والتراث في مجلس الأعيان العين ميشيل نزال، قال: "إن توجيه ريع مهرجان الطعام هذا العام لصالح أطفال غزة تعكس موقف الأردن الأصيل، قيادةً وشعبًا، في الوقوف مع أهلنا في فلسطين، وخاصة في غزة، التي تعاني من أزمة إنسانية غير مسبوقة، فهذا الموقف ليس جديدًا على الأردن، بل هو امتداد لنهج ثابت يربطنا بالقضية الفلسطينية وجدانًا وموقفًا وممارسة".
وأضاف "كممثل للقطاع السياحي وعضو في مجلس الأعيان، أؤكد أن لهذه المبادرة أبعادًا وطنية واقتصادية أيضًا، فهي تعبّر عن السياحة الأردنية في وجهها الأصيل، خاصة أن السياحة تحمل قيم التضامن والإنسانية، وتُوظف النشاطات السياحية والثقافية في خدمة قضايا عادلة، وتُسهم في بناء صورة حضارية راقية للمملكة في الخارج".
وأشار نزال إلى أن هذه المبادرات تُعزز من سمعة الأردن كمقصد سياحي لا يقتصر على المعالم والمواقع، بل يحمل رسالة وقيمًا، وهو ما يجذب فئة متنامية من الزوار حول العالم ممن يقدرون السياحة المسؤولة اجتماعيًا وأخلاقيًا، وبالتالي، فهي تُسهم أيضًا في تحريك العجلة الاقتصادية ودعم المجتمعات المحلية ضمن نموذج سياحي متكامل ومستدام.
وتابع "ندرك تمامًا أن ربط الفعاليات السياحية بالرسائل الإنسانية يعمّق الأثر، ويعزز المشاركة المجتمعية، لذلك فإننا نتطلع إلى تعميم وتكرار مثل هذه المبادرات في الفعاليات القادمة، ضمن استراتيجية وطنية تعكس التزامنا بالمسؤولية الاجتماعية، وتُبرز دور السياحة كأداة دعم ونمو اقتصادي في آنٍ معًا".
وأوضح في هذا الصدد، أن رسالتنا للمواطنين والزوار أن مشاركتهم في مهرجان هذا العام ليست فقط احتفالًا بثقافتنا ومذاقاتنا، بل هي أيضًا موقف تضامني فعّال، إذ نحث الجميع على الحضور، والدعم، والمساهمة في نشر هذه الرسالة؛ فكل تذكرة، وكل طبق، وكل مشاركة هي دعم مباشر لقضية إنسانية عادلة.
الدكتور إبراهيم الكردي من كلية السياحة والفندقة في الجامعة الأردنية فرع العقبة، أشار إلى دور هيئة تنشيط السياحة في توجيه الأحداث نحو المسؤولية الاجتماعية والتنمية المستدامة، حيث تلعب هيئة تنشيط السياحة دورًا محوريًا في توجيه الفعاليات والمهرجانات الكبرى نحو أهداف تنموية وإنسانية، ويُعد مهرجان الطعام 2025 فرصة نموذجية لدمج البعد الاجتماعي ضمن استراتيجية التسويق السياحي، من خلال ربط الفعاليات السياحية بقيم العطاء والمسؤولية الاجتماعية، تخلق الهيئة نموذجًا متقدمًا للسياحة المستدامة، وتُعزز من صورة الأردن كوجهة سياحية ذات رسالة إنسانية.
ولفت إلى أن تخصيص ريع مهرجان الطعام لدعم أطفال غزة يُعبر عن تكامل مميز بين السياحة الثقافية والرسالة الإنسانية، فمثل هذا التوجه يُعزز من مكانة الأردن إقليميًا ودوليًا كبلد يدمج الضيافة بقيم التضامن، ما يعزز صورة المملكة كمقصد سياحي لا يقتصر على الترفيه، بل يمتد إلى حمل رسائل سامية وقيم إنسانية راقية.
وعن الفوائد الاقتصادية والسياحية المحتملة، قال الكردي "يمتلك هذا الحدث القدرة على تحفيز النمو الاقتصادي المحلي من خلال دعم قطاع الضيافة والمطاعم والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، كما أن تسويقه بشكل ذكي يُمكن أن يجذب السياح الراغبين في تجربة سياحية ذات طابع أخلاقي وإنساني، ما يسهم في توسيع قاعدة الزوار المهتمين بالسياحة المسؤولة، ذلك أن الأثر يتضاعف عندما تكون القضية المدعومة إنسانية ونبيلة مثل دعم أطفال غزة، ما يمنح الحدث صدى أوسع وتأثيرًا أعمق".
وبين في هذا السياق، أنه يمكن للهيئة أن توظف أدوات التسويق الرقمي والحملات الترويجية للربط بين الفعالية وأهدافها الإنسانية، مع التركيز على القصص الإنسانية وقيم المشاركة المجتمعية، كما يمكن توثيق هذه المبادرات إعلاميًا ونقلها إلى الجمهور الدولي كجزء من سردية الأردن كدولة ذات مسؤولية عالمية، ما يعزز الثقة، ويجذب فئة جديدة من السياح المهتمين بالتغيير الإيجابي.
وأكد الكردي أن تنظيم مهرجانات ذات طابع إنساني يُسهم في رفع جاذبية الأردن كوجهة سياحية متفردة تجمع بين التجربة الثقافية والمعنى الإنساني، فمثل هذه الفعاليات تُضيف بُعدًا وجدانيًا لتجربة الزائر، وتمنحه شعورًا بالمشاركة في مبادرة ذات مغزى، ما يعزز الانطباع الإيجابي، ويُشجع على التوصية بالوجهة لأشخاص آخرين.
وركز على أن نجاح مهرجان الطعام في هذا السياق يُقاس من خلال مجموعة مؤشرات، أبرزها، عدد الزوار، وحجم المشاركة المجتمعية، والعائدات الموجهة للدعم الإنساني، ومستوى التغطية الإعلامية، وانعكاسات الحدث على صورة الأردن دوليًا، كما يُمكن تقييم الأثر الاجتماعي من خلال مستوى التوعية الذي يُحدثه المهرجان حول قضية الأطفال في غزة، وما إذا نجح في تحفيز مبادرات مشابهة مستقبلًا.
ودعا الكردي الهيئة إلى أن تتبنى النهج المؤسسي في دمج البعد الإنساني في برامجها، من خلال عقد شراكات دائمة مع منظمات المجتمع المدني، وتخصيص جزء من فعالياتها السنوية لدعم قضايا اجتماعية، وإلى إنشاء منصة إلكترونية توثق وتُتابع أثر هذه المبادرات بما تُعزز من شفافيتها ومصداقيتها.
وأشار إلى أنه من المتوقع أن تترك مثل هذه المبادرات أثرًا طويل المدى في وعي الجمهور، خصوصًا إذا ما تم إبرازها إعلاميًا ومتابعة نتائجها بوضوح، إذ يمكن قياس هذا الأثر من خلال استطلاعات الرأي، ومعدلات التفاعل عبر وسائل التواصل، وظهور مبادرات مجتمعية موازية مستوحاة من الحدث، إضافة إلى عدد التبرعات والمشاركات التطوعية التي تُسجل خلال وبعد المهرجان.
أستاذ علم الاجتماع والخدمة الاجتماعية المشارك في جامعة البلقاء التطبيقية الدكتور يوسف محمد الشرمان، قال: "تعد مبادرة مهرجان طعام الأردن العالمي التي تقام في العاصمة عمان للسنة الثانية على التوالي من المبادرات المجتمعية التي يشارك بها العديد من المؤسسات الأهلية والمطاعم المميزة إلى جانب طهاة وخبراء طهي، إضافة إلى سيدات من المجتمع الأردني، ولعل إعلان هيئة تنشيط السياحة بالأردن عن تقديم ريع جميع تذاكر هذا المهرجان لصالح دعم أطفال غزة هو رسالة تضامن أردنية تبيّن للسياح القادمين للأردن أن الشعب الأردني يعيش معاناة أبناء غزة، وأن حال أبناء غزة وفلسطين لا يفارق وجداننا، وقد جاءت هذه المبادرة".
وتابع "أن هذه المبادرة هي مبادرة مجتمعية هدفها إنساني، وإن اقترن ذلك بانعكاسها الإيجابي على القطاع السياحي بالأردن، حيث أنها أبرزت نوعاً من التغيير في نمط السياحة المعتاد والتقليدي بأن جمعت فن الفلكلور الشعبي للطعام الأردني المقدم من سيدات أردنيات من مناطق مختلفة وبطرق طهي وأنواع طعام مختلفة إلى جانب الطعام المعدّ من قبل مطاعم شهيرة وخبراء طهي عالمين وفنادق، وكل ذلك في مكان واحد حيث تظهر الأصالة والعراقة إلى جانب الحداثة والتغيير، فمن الأكلات الفلكلورية الشعبية ومرورا بالوجبات السريعة ووصولا إلى الأطعمة العالمية، وفي هذا يجد السائح نفسه أمام العديد من الخيارات التي ترضي مختلف الأذواق، والتي تخرجه عن المألوف الذي اعتاده السيّاح".
وأوضح أن هذه المبادرة تتيح للسائح فرصة الاطلاع على التنوع الثقافي الحقيقي لجوانب ثقافية معينة من حياة المجتمعات الأخرى والمغايرة ربما لانطباعاتهم السابقة التي كانوا يحملونها عن هذه المجتمعات قبل حضورهم ومشاهدتهم لما تمّ خلال هذه المبادرة.
( بترا - بشرى نيروخ )