تربويون يحذرون من تداعيات سلبية لاستمرار نظام التوجيهي الحالي ويدعون لتطوير العملية التعليمية

{title}
صوت الحق -

 عقدت لجنة التربية والتعليم في حزب "جبهة العمل الإسلامي" ندوة حوارية بعنوان "الثانوية العامة في الأردن.. إلى أين؟"، تناولت واقع امتحان التوجيهي في المملكة وآفاق تطويره والتحديات التي تواجه العملية التعليمية.


وشارك في الندوة التي أدارها النائب الدكتور ناصر نواصرة كل من الدكتور فايز السعودي وزير التربية والتعليم الأسبق، والدكتور ذوقان عبيدات الخبير التربوي، والدكتور محمود مساد رئيس المركز الوطني لتطوير المناهج السابق.


وتطرق المتحدثون إلى أزمات نظام الثانوية العامة بين تكرار الإصلاحات وتبدّل السياسات التعليمية، مؤكدين ضرورة تبني رؤية وطنية شاملة تعيد الاعتبار للتعليم العام، وتربط المناهج باحتياجات المجتمع وسوق العمل.


كما ناقشت الندوة أثر التوجيهي على الطلبة والأسر الأردنية، ودور وزارة التربية والتعليم في تحقيق العدالة وتكافؤ الفرص بين الطلبة، إضافة إلى أهمية الانتقال من نظام الامتحان الواحد إلى نظام تقويمي أكثر شمولية وعدالة.


السعودي: نظام الثانوية العامة الحالي يركز بشكل مفرط على الامتحان وتطويره يحتاج رؤية طويلة المدى تشمل كل النظام التعليمي


وأكد الدكتور فايز السعودي إلى أن ما جرى من مشاريع وخطط لتطوير الثانوية العامة بقيت جزئية ولم تمس جوهر المنظومة التعليمية، مشيراً إلى أن الثانوية العامة ليست سوى جزء من نظام تعليمي متكامل، ولا يمكن إصلاحه بمعزل عن إصلاح باقي مكوناته، موضحاً أن "المنظومة التعليمية تتكون من أنظمة فرعية تشمل المناهج، والمعلمين، والطلبة، وطرق التقويم، والإدارة المدرسية، ولا يمكن تحقيق التطوير الحقيقي دون النظر إليها كوحدة واحدة".


وأشار إلى أن مشكلة التوجيهي تكمن في التركيز المفرط على الامتحان النهائي باعتباره معياراً وحيداً لتقييم الطلبة، في حين أن التعليم الحديث يعتمد على التقويم المستمر والمتنوع الذي يشمل المشاريع، والاختبارات الشهرية، والمقابلات، وتقييم المهارات العملية.


وقال السعودي: "الامتحان يجب ألا يكون الغاية، بل وسيلة ضمن منظومة تقويمية شاملة، تتيح للمعلم استخدام كل أدواته لقياس أداء الطلبة على مدار العام الدراسي، وليس في يوم واحد فقط".


وأضاف أن تطوير نظام الثانوية العامة يحتاج إلى رؤية طويلة المدى تمتد لعشر سنوات على الأقل، تراعي مراحل التعليم المختلفة منذ الصفوف الأساسية الأولى وحتى المرحلة الجامعية.


مساد: إصلاح امتحان الثانوية العامة يجب أن يكون جزءاً من إصلاح شامل للمنظومة التعليمية


من جهته أكد الدكتور محمود مساد أن امتحان الثانوية العامة في الأردن لا يعكس بصورة حقيقية مخرجات العملية التعليمية، مشيراً إلى أنه يقيس فقط نحو 10% من أهداف التعليم المرتبطة بالحفظ واسترجاع المعلومات، في حين يُهمل الجوانب المتعلقة بالقيم والمهارات والتفكير النقدي وبناء الشخصية.


وقال مساد إن امتحان الثانوية العامة بصورته الراهنة يمثل أول إخفاق رئيسي في النظام التعليمي، لأنه يُجرى في منتصف المرحلتين التعليميتين (قبل الجامعة وبعد المدرسة)، رغم أن نظام التعليم ينص على أن يكون الامتحان بعد إكمال الطالب مرحلة التعليم العام بالكامل، متسائلاً عن مدى قانونية تقسيمه على سنتين وبدئه من الصف الحادي عشر.


وأضاف أن الامتحان تحوّل إلى مصدر قلق وخوف للطلبة وأسرهم، لأنه وحده من يحدد مصير الطالب الأكاديمي والمستقبلي، مؤكداً أن العدالة التعليمية تقتضي وجود نظام تقييم متكامل يشمل التحصيل المدرسي، وامتحانات القدرات، إضافة إلى المقابلات أو الاختبارات الخاصة بالتخصصات الجامعية.


وأشار مساد إلى أن البيئة الامتحانية في كثير من المدارس غير آمنة نفسياً، وأن التوتر والضغط العصبي يفقدان الطالب نصف قدرته الذهنية، ما يجعل الامتحان أداة لقياس الحفظ أكثر من كونه وسيلة لقياس المهارات أو التفكير.


كما انتقد مساد الفجوات الاجتماعية والاقتصادية التي تؤثر على تكافؤ الفرص التعليمية، مبيناً أن الطلبة من ذوي الدخل المحدود لا يحظون بفرص عادلة في التعليم الجيد مقارنة بغيرهم، وأن امتحان التوجيهي في شكله الحالي يعزز الفوارق الطبقية بين الطلبة.


ودعا مساد إلى إعادة النظر في أسس القبول الجامعي بحيث لا يعتمد فقط على علامة الثانوية العامة، وإنما على نظام مركب يأخذ بعين الاعتبار معدل المدرسة، والقدرات، والتخصص المستهدف، مؤكداً أن هذا النموذج أكثر عدلاً وموضوعية.


وختم مساد بالقول إن إصلاح امتحان الثانوية العامة يجب أن يكون جزءاً من إصلاح شامل للمنظومة التعليمية، يبدأ من المراحل الأساسية، ويهدف إلى بناء نظام تعليمي حديث يوازن بين المعرفة والقيم والمهارات الحياتية.


عبيدات: المجتمع مقبل على آثار سلبية للنظام القائم ستظعر عند القبولات الجامعية


فيما حذر الخبير التربوي الدكتور ذوقان عبيدات من غياب الرؤية عن الإدارة التربوية في إدارة العملية التعليمية مشيراً إلى ثلاث مشاكل تتعلق بنظام التوجيهي القائم وهي غياب العدالة والتوتر العالي وعدم قياس أهداف التعليم بما يشمل دافعاً البحث عن نظام ثانوية عامة جديد يعالج هذه الإشكاليات، والوصول إلى امتحان يعتمد عدة أدوات للتقييم ويقيس أهداف التربية ومهاراته في مواجهة المشكلات ولا يقوم على الحفظ فقط.


كما حذر عبيدات المجتمع من تداعيات نتائج التوجيهي القائم والتي ستظهر في عملية القبول الجامعي بناء على المسارات الأكاديمية مؤكدا ان ما يجري من تطوير الامتحان وليس التعليم الذي بات للتعامل فقط مع الامتحان، حيث اقترح حملة مجتمعية للتحذير من خطورة الاستمرار في المسار الحالي للثانوية العامة.

تصميم و تطوير : VERTEX WEB SOLUTIONS