تراجع تصنيف الجامعات الأردنية والخروج من بوتقة التلقين إلى الإبداع

{title}
صوت الحق - كتب د.عمر طه

تبدو نتائج مؤسسة “كيو أس البريطانية” المتخصصة في تصنيف الجامعات مخيبة جدًا، فمن بين أفضل ألف جامعة لم تظهر سوى أربع جامعات أردنية، حصلت فيها على مراتب متدنية، مظهرة تراجعًا كبيرًا عن السنوات التي سبقتها. ويعتبر هذا المقياس مؤشرًا لجودة التعليم الجامعي وبوصلة للطلبة وجهات الابتعاث في دول الجوار. وهذا يتعارض مع توجهات الجامعات الأردنية لاستقطاب مزيدٍ من الطلبة الأجانب لتعزيز مداخيلها المالية.

كم كبير من المعوقات هو من أحدث هذا التراجع؛ ويمكن اختزالها بضعف الإنتاج العلمي للجامعات. حديث جلالة الملك في الأسبوع المنصرم حول خلق التشاركية بين الجامعات وقطاعات الأعمال في مجال التطوير والبحث العلمي هو ضرورة ملحة لاستغلال الفرص وتجاوز المعوقات، فما زالت الشراكة بين القطاعات التعليمية والصناعية في أدنى مستوياتها رغم قدرته الهائلة على جلب المنافع لكلا الطرفين. لكن على أرض الواقع معظم أرباب العمل في القطاع الصناعي غير مدركين لأهمية البحث العلمي وقدرته على تطوير أعمالهم ل مزيد من التنافسية والإبداع في ظل ظروف تسويقية طاحنة.

وربما يلمس الباحث العلمي ذلك واقعًا، ففي الوقت الذي تفتح قطاعات الأعمال في دول الغرب أذرعها لهم، بل تتجاوز ذلك بتقديم الدعم المادي والمعنوي وبشكل سخي، نجد أن الباحث في الأردن يلقى الأمرين حتى يتم السماح له بتطبيق دراسته على أحد المنشآت الصناعية أو الخدمية، رغم عودتها بنفع كبير لأصحابها، وإظهارها لنتائج قد تسمح للمنشأة بالتعرف على عيوب وأخطاء، أو تطوير منتجاتها وآلياتها الإدارية، مما يعزز من قدرتها على البقاء والتنافسية. مئات الرسائل والأبحاث الجامعية تنشر سنويًا تظل حبر على ورق؛ لقصور آليات التطبيق، رغم تميز بعضها وملامستها مشاكل مؤرقة وحساسة اجتماعيًا واقتصاديًا.

الإحباط هو السمة المشتركة لأعضاء الهيئات التدريسية؛ نتيجة محدودية الموارد المادية لميزانية البحث العلمي، مما يثقل كاهلهم المادي ويكلفهم -في معظم الأوقات- الاعتماد في الإنفاق على البحث من جيبهم الخاص. وينعكس ذلك على شكل وأسلوب العملية التعليمية واتباع أسلوب التلقين لترواح الآلية مكانها منذ عقود، فعجز المحاضر خلق مشاريع بحثية تربط الطالب الجامعي بسوق العمل وتخرجه من بوتقة التلقين إلى آفاق البحث العلمي وتنمية قدرات الإبداع والتفكير لديه، تظل هي حجر الزاوية المفقود التي يمكن من خلالها إيجاد نقطة التحول التي أضحت خيارًا مصيريًا لتحقيق مزيد من التقدم أو التقهقهر في المنظومة التعليمية في حال ما بقي الحال على ما هو عليه. وربما يتطلب ذلك وقفة جادة من القائمين على مؤسسات التعليم العالي وإيجاد استراتيجية تشاركية مع القطاع الصناعي والخدمي لتبادل المنافع والمصالح المؤكدة لكلا الطرفين.

د. عمر طه