هل نشهد مواجهة مصرية تركية في ليبيا؟

{title}
صوت الحق -



تقترب مصر من الإعلان رسميا عن تدخلها العسكري المباشر في ليبيا، بعد فشل الجهود الإقليمية والدولية في احتواء الصراع المحتدم في بلد يغرق بالفوضى منذ سقوط نظام القذافي.




مصر لديها صلات تاريخية وثيقة مع ليبيا حكمتها معادلة الجغرافيا وحدود هي الأطول، علاقات اقتصادية نشطة في زمن القذافي، وسوق لملايين من العمال المصريين في البلد النفطي الغني.


سنوات الثورة والفوضى حولت ليبيا إلى مرتع للجماعات الإرهابية وتجارة السلاح والمخدرات، ومع مرور الوقت أصبحت قاعدة للجماعات المسلحة التي تخوض حربا ضد مصر، ومصدرا لتمويل وتهريب السلاح لجماعة بيت المقدس الإرهابية التي تتمركز في سيناء وتخوض حربا ضد الجيش المصري.


كان يمكن لمصر إدارة هذا التحدي عن بعد ودون حاجة لتدخل عسكري مباشر، لكن دخول تركيا وأردوغان على خط الأزمة الليبية وضع مصر أمام خيارات صعبة.


أردوغان الطامع بثروات ليبيا دفع بآلاف المرتزقة السوريين والإرهابيين الأجانب ممن كانوا يقاتلون في سورية لحسابه، إلى جانب جنود ومستشارين أتراك إلى قلب المعركة لدعم حكومة الوفاق المقربة من أنقرة في صراعها مع قوات الجنرال حفتر.


في نظر المجتمع الدولي كانت مغامرة أردوغان هي آخر وأسوأ شيء تحتاج إليه ليبيا في هذه الفترة العصيبة التي تشهد استقطابا إقليميا ودوليا يعيق فرص التوصل لحل سلمي.


يكن أردوغان عداء كبيرا للنظام المصري الحالي، وهو على وجه الدقة الحاكم الوحيد في العالم الذي يعلن صراحة رغبته بإسقاط حكم السيسي و”تحرير مصر” بصرف النظر عما ترتب من حقائق سياسية وقانونية تقر بها الأمم المتحدة. والتدخل في ليبيا يمثل بالنسبة له فرصة لفتح جبهة حدودية مباشرة مع مصر وتقديم الإسناد للحركات الإرهابية التي تحمل السلاح في وجه الجيش المصري.


الديمقراطية وحقوق الإنسان في مصر هي ذريعة بالنسبة لرئيس زج بعشرات الألوف في سجونه، وأغلق عشرات وسائل الإعلام وأهدر حقوق الأقليات ونكل بالأكراد في كل مكان. أردوغان يدرك اللحظة القاتلة التي يمر فيها العالم العربي شبه المنهار ويريد أن يحكم قبضته، ويعيد امجاد امبراطوريته إلى ما كانت عليه قبل معاهدة “لوزان”. تذكروا أن أردوغان هو من صرح قبل أربع سنوات بالقول: “هناك من يريد إقناعنا بأن لوزان انتصار لتركيا، ولوحوا بالموت لنا لنقبل بالعاهة الدائمة. الحدود مع دول الجوار ثقيلة على قلوبنا، الموصل كانت لنا، وكركوك كانت لنا، وكذلك حلب”.


قوات أردوغان اليوم متواجدة على الأرض السورية والعراقية وتضرب طائراتها شمال العراق يوميا. وعلى المنوال ذاته تسعى حكومته لخنق العراق وسورية مائيا عبر مشاريع سدود على نهري دجلة والفرات.


ليبيا من وجهة نظر أردوغان هى إرث عثماني لا ينبغي التفريط بفرصة حكمه من جديد والتمتع بثرواته المعدنية. وفي الطريق لتحقيق هذا الهدف لا بد من إخراج مصر نهائيا من دائرة الفعل والدور العربي والإقليمي، وذلك لن يتحقق إلا بإغراقها في صراع داخلي مرير وضرب قوة الجيش المصري تحديدا، على غرار ما حصل في سورية.


لا أحد يريد لمصر أن تنجر لحرب في ليبيا تستنزف قوتها في هذه المرحلة الحرجة من تاريخها، لكن الوضع القائم في ليبيا يحتم عليها قول كلمتها كي لا تجد نفسها محاصرة من كل الجهات.