امهات قاصرات

{title}
صوت الحق - امهات قاصرات !
بقلم : سامية أنور دنون
الحقوقية والناشطة الاجتماعية
خبيرة الإصلاح الأسري

صغيرات في عمر الزهور وأجساد نحيفة نحيلة وعقول طفولية لم تكتمل، تصبح بين ليلة وضحاها مطالبة بتحمل مسؤولية بيت وزوج وأطفال وهي في الأصل تحتاج إلى من يرعاها...!

مؤلم جداً ان تحرم فتاة صغيرة من ان تعيش أجمل مراحل عمرها وان تفرض عليها ان تكون زوجة وأم، ان تحرمها من التعليم وتلحقها بمؤسسة الزواج عوضا عن المدرسة...

ماذا تعرف القاصر عن الحقوق والواجبات لتلزمها بواجبات صارمة ويومية؟

ماذا تعرف عن فارس الأحلام لكي يكون لها زوجا؟

لماذا يفرض عليها هذا المجتمع أصعب مهمة على الإطلاق وهي الزواج؟

ما الذي يجبر طفلة ان تربى طفلة مثلها؟
هذة الأسئلة وغيرها تفرض نفسها أمام هذا الواقع المؤسف،

إن يُفرض على الفتاة أن تتزوج دون السن القانونية هو بمثابة إغتصاب لحق الطفولة واعتداء صارخ على كرامة الطفل ذلك لانه يتنافى كليا مع الفطرة السليمة لدى اي عاقل ... ومما لا يدع مجالاً للشك فهو زواج محكوم عليه بالفشل للغالبية العظمى.

زواج القاصرات ظاهرة تقتل براءة الطفولة وخطر يهدد المجتمع ، و الدافع في الغالب وراء هكذا زواج يكمن إما في الفقر أو الجهل، أو عادات وتقاليد تأمر بالستر على الفتاة من خلال تزويجها حيث شرف العائلة والمحافظة عليه بالإضافة إلى صيانة الفتاة من الإنجراف وغيرها من الأسباب كأن تذهب الفتاة كبش فداء لتقوية الروابط والعلاقات الإجتماعية والمحافظة على تمديد الصداقة بين العائلات ناهيك عن هاجس العنوسة الذي يلاحق أولياء الأمور بسبب تفشي ظاهرة العنوسة مما يدفعهم لتزويجهن دون الخوف عليهن من المستقبل المجهول بالإضافة إلى جهل بعض الأسر بخطورة تزويج الفتيات القاصرات ، و المحصلة زواج فاشل بكل المقاييس والمواصفات، مع وجود ضحايا هم الأطفال الذين سيواجهون حياة اكثر بؤسا وصعوبه، كيف لا وطفلة تنجب طفلة...

وبمعادلة صغيرة تستوجب دراسة الآثار السلبية لزواج القاصرات من الناحية العلمية نجد ان الفتاة تتعرض للكثير من المخاطر خلال الزواج وبعده وخلال فترة الحمل ان كتب لها أن تعيش، منها.... اضطرابات الحمل والسكري والضغط ووجود احتمالية عالية لانجاب أطفال مشوهيين خلقياً بسبب صغر سن الأم ناهيك عن وجود نسب وفيات عالية بين الأمهات الصغيرات خلال الولادة نظرا لطبيعة اجسامهن الضعيفة بسبب صغر عمرهن.

اما عن الآثار النفسية فهي أشد وطاة بسبب الصدمة التي تتعرض لها والتي تنتج عن هذا الزواج المبكر لانهن غير مستعدات لا جسديا ولا نفسيا ولا عقليا لهذا التغيير المفاجئ في الانتقال من مرحلة الطفولة إلى النضوج بشكل مباشر دون المرور بالمراحل العمرية الطبيعية، لذا تصاب اغلب القاصرات بالعديد من الأمراض النفسية مثل الاكتئاب الشديد والقلق ولا بد هنا للإشارة إلى فقدان القاصرة لهويتها الإجتماعية، ذلك لان شعورها بالحرمان من أبسط حقوقها في الحياة وفي الحصول على التعليم المناسب، والاقسى من ذلك كيف لطفلة ان تتحمل مسؤولية طفلة مثلها، فلا خبرة ولا طاقة ولا قدرة جسدية ونفسية لمثل هذا الواجب الضخم وكيف لها أن تتصرف مع رجل فرض عليها كزوج وهي لا تعي واجبات الزوجه ولا حقوق الزوج.

زواج اجمعت الأديان كلها ومنظمات حقوق الإنسان والطفل وكل المواثيق الدولية بأنه شكل من أشكال العنف والتميز ضد المرأة.

اذن لا بد من محاولة التصدي لمثل هذة الظاهرة ولا بد أن نقف متكاتفين لشحذ كل الطاقات ومن كل الأطراف للمساهمة في إيقاف هذة الجرائم التي تهدد الإنسانية، ولا بد من الاهتمام بالبرامج المجتمعية لتغيير الاتجاهات والمعايير الخاصة بالزواج المبكر من خلال المؤسسات الدينية والصحية، ولا ننسى الدور بالغ الأهمية للمؤسسات الأهلية ووسائل الإعلام والقيام بحملات توعية تثقيفية للاهالي حول مخاطر الزواج المبكر، والدور الأكبر والأهم هو للقوانين الرادعة التي تفرض عقوبات على الاهالي المخالفين للقوانين ومطالبة المحاكم بعدم توثيق عقود الزواج المخالفة للسن القانونية علما بأن قانون الأحوال الشخصية حدد سن الزواج ب ١٨ عام حسب نص الماده ١٠ وان كنت شخصيا افضل واحبذ ان يكون أكثر من ذلك، ولا بد من متابعة مصداقية الأوراق الثبوتية لشهادات ميلاد الفتيات.... نظرا لثبوت تزوير في بعض المرات من أجل إتمام عملية الزواج

زواج القاصرات ينتج أجيالاً فاشلة بكل معنى الكلمة، نساء فاقدات للأمل. انه الجهل المتعفن في عقول سلبت الأطفال البراءة والعفوية... واليوم تشير الأرقام الرسمية أن الأردن يشهد ٧١ حالة طلاق من بينها ١٥ حالة طلاق وفقا لدراسة أجرتها دائرة قاضي القضاة عام ٢٠١٧ وبنسبة ١٦،٣ من مجمل حالات الزواج..
حقا زواج القاصرات هو إجماع الأديان على أنه اغتصاب بالقانون.