الانتخابات في زمن كورونا

{title}
صوت الحق -
مع تحديد موعد الانتخابات النيابية القادمة يوم العاشر من تشرين الثاني، تظهر على السطح العديد من الهواجس الانتخابية في ظل وجود جائحة كورونا وما ترتب عليها من إجراءات وقائية وتعليمات.

بيئة الجائحة جعلت الحركة الانتخابية تختلف بالكثير عما سبق من عادات وممارسات تشكلت من إرث مجتمعي، حيث باتت موسماً أردنياً له طقوسه المعتادة، ولكن هذه المرة علينا التنبه بأن المشهد اختلف بما خلّفته كورونا .

ومثالاً على ذلك، المرشح عادةً ما يعقد العزم على الدخول بمناظرات لإثبات قوته أو لقاءات وحوارات مع الشارع والميدان ونقاشهم، وهذا أمر أصبح غير متاح في الظروف الحالية أو بمثل الزخم السابق، ما يخلق محاذير لمرشحين تكون فيها دعايتهم أكبر من مواهبهم!

كما أن الناخب الراغب بالأجواء الطبيعية والاستماع للجميع والحديث معهم سيصبح مجبراً على الإتصال الرقمي فقط؛ وهذا لا يعطي الوجة الحقيقي للمرشح، فكم من بيان انتخابي وفيديوهات طرحت من مرشحين دون أن تُعبّر عن فكرهم ومواهبهم ومقدراتهم الحقيقية، فبات المرشح أسير صورة نمطية يريدها وتتيحها أدوات الإعلام الرقمي والمؤثرات، فيما الناخب لا يرى فيها الصورة الحقيقة للمرشح، حيث هذه الأدوات لا تُغني عن اللقاء والمناظرات الوجاهية التي غابت إثر الجائحة.

هذا يعني أننا سنقف أمام"مُرشحين رقميين"، في حين أنه في الأُسس الانتخابية يكون التحشيد والاعتبار لوجود الشخص أمام الناخبين مهم جداً، والصورة الأصدق تحقق عدالة ومن الصعب حرمانه منها.

إذن؛ التزام المرشح بأسس الحملة الدعائية ستُحضر وسائل التواصل الاجتماعي بقوة لغياب بيئة الميدان، وهذا ما يتيح لمن سيدفع تمويلاً أكبر لحساباته وأدواته الرقمية، ومن سيطرح لدى صفحات ما يسمى مؤثرين" وجود متابعين " برنامجه، مقابل مبالغ مالية والتي لن تتاح للجميع.

نستذكر في هذا الحديث أداء ضعيف لمجلس النواب غير المنحل حتى الان، ومن كان يغيب عن الجلسات داخل القبة ولجانها يستطيع الحصول على ملخص لكل ذلك من تقارير مركز راصد لتقييم التجربة.

إن ما يزيد عن الـ 90 مترشحاً للانتخابات القادمة، هم أعضاء في مجلس النواب الحالي، فلهذا لا يحق لشخص الشكوى من الضُعف النيابي، في الوقت الذي سيعلن فيه مؤازرته ودعمه لمن لم يقدم أداءً تشريعياً ورقابياً يليق به على مدار ال 4 سنوات.

إضافة الى ظاهرة غياب النواب عن الجلسات عداك عن غيابهم في الازمات، وجائحة كورونا شاهد حي على ضعفهم.

ليس جديداً القول أن عدد من النواب كان عبئا على العبدلي، ومن هنا تبدو الشكوى غير مُحقَّة، ونحن أمام ثقافة انتخابية يجب أن تتغير وأن يتجه الناخب من منطلق حسّه وضميره الوطني لنتجاوز تجارب سابقة.

والسؤال المركزي هنا هو: هل بالامكان تأجيل الانتخابات حتى استقرار الحالة الوبائية للوصول لبيئة وأرضية مريحة للعملية الانتخابية تُساعد على اختيار المُرشّح الأفضل، ما يعني النهوض بمجلسنا النيابي القوي الذي يعمل على النهوض بالاردن، على جميع الصعد؟ ، ندرك أنهُ سؤال يشوبه جدل كبير، ولكنه سؤال هام وسط التأرجح بين الانتشار المجتمعي والبقاء في دائرة البؤر المتعددة، ومهما كانت الإجابات فعلى رأسها عنوان " الوعي المجتمعي" .