تعقيب مختصر على مقالة طاهر المصري

{title}
صوت الحق - لا يملك المنصف إلا أن يرفع قبعته إعجابا بما كتبه الرئيس طاهر المصري بعنوان ( نحو مشروع وطني لتحديث الدولة في الموية الثانية).

لم يكتب المصري مقالة عابرة في سيل المقالات التي يزخر بها الإعلام الوطني، وتنسى بعد ساعات من نشرها، وإنما قدم رؤية عميقة للدولة الاردنية في عالم متسارع التغير، ومشروعا وطنيا لوقفة مراجعة متكاملة، ودعوة لحوار وطني معمق لم نشاهد أو نقرأ له مثيلا او سابقا سوى في أوراق جلالة الملك النقاشية التي لم تلتقطها حكومة لتعمل على ترجمتها إلى برنامج تحديث وإصلاح ولم تعمل نخبة سياسية او أحزاب وطنية إلى التقاط المشروع الملكي الحداثي والدفع به إلى حوار وطني معمق وشامل يفرض نفسه على الواقع السياسي وينعكس على المؤسسة التشريعية والتنفيذية، برنامجا وخطة تعبر بالدولة إلى الحداثة وبالمجتمع إلى المشاركة والبناء وتعميق وتمتين الأنتماء الوطني ضمن هوية الدولة الاردنية الوطنية العروبية.
يقرأ المصري بعمق المتغيرات المحلية والدولية والمخاطر المحدقة في زمن التفكك العربي وانقلاب دول عربية على الثوابت التاريخية بما يشكل حالة انهيار للنظام العربي تخلق واقعا سياسيا جديدا لا يمكن مواجهته بالانكار أو إدارة الظهر ودفن الرؤوس في الرمال في الوقت الذي يلحق فيه هذا الواقع الجديد ضررا بليغا بمصالح الدولة الاردنية وتماسها المباشر بالقضية الفلسطينية.

نحن أمام ولادة نظام إقليمي جديد مختلط ( ليس عربيا بالكامل)، نظام صادم لكل معتقداتنا وثوابتنا، وعلينا أن نتطلع إلى مواقع اقدامنا فيما سيهب علينا وتلوح بوادره في الأفق

ان إعادة النظر ومراجعة البيت الداخلي لا تكون بمواصلة التغني بالشعارات وأثراء الخطابات لغة وسجعا وشعرا وتنظيرا وتسجيل مواقف وتشخيص المرض وإنما بالحوار الجاد وتقديم الحلول والبدائل والتوافق على برنامج عمل حقيقي والتزام حكومي بالتنفيذ.

أشار المصري بوضوح إلى أن ( الشعب الأردنيّ، بكافّة فئاته، تواق لمراجعة مسيرته، وللمحافظة على إنجازاته، التي بنتها الدولة على الاعتدال، والعدل، والمساواة، وتطويرها. كما أن الشعب لم يعد قادراً على قبول التبلّد الحكومي وادعاءات الإنجازات الوهمية وإنكار الحقائق والواقع.) وهي دعوة أرى في ثناياها مطلبا بحكومة وطنية جامعة للطيف السياسي واعادة تقييم ( الانجازات)، دعوة تحظى بموافقة شعبية واسعة، لجمع الشتات السياسي والوهن الحزبي وتضع النخب السياسية أمام أمتحان حقيقي بين القول السهل والفعل الصعب.
يطول الحديث فيما كتبه المصري وليست الأسطر المختصرة أعلاه سوى دعوة لقراءة مقالته بامعان والدفع نحو حوار وطني جاد.