التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية
صوت الحق -
د. ليث كمال نصراوين
وجه جلالة الملك خلال لقائه قبل أيام أعضاء المكتب الدائم لمجلسي الأعيان النواب بضرورة تعزيز التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، حيث يعتبر هذا المبدأ هو الأساس الذي يقوم عليه النظام الدستوري الأردني المتمثل بوجود فصل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية من حيث اختصاصات كل منهما والأشخاص القائمين على إدارتهما. إلا أن هذا الفصل بين السلطتين ليس بالفصل الجامد كما هو الحال في النظام الرئاسي، بل هو فصل مرن يتوافق مع طبيعة نظام الحكم كما حددته المادة الأولى من الدستور بأنه نيابي ملكي وراثي.
إن المشرع الدستوري قد أوجد العديد من مظاهر التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، والتي هي بحاجة إلى تفعيل حقيقي من أجل تحقيق رؤى وتطلعات جلالة الملك. وفي هذا السياق، يجب الإشارة إلى أن التعاون بين هاتين السلطتين ليس بالضرورة أن يكون ذو طبيعة إيجابية بل يمكن أن تكون هذه التشاركية سلبية بطبيتعها وبحكم النتيجة التي قد تسفر عنها.
إن السلطة التنفيذية تتعاون وتتشارك مع السلطة التشريعية تشاركا ايجابيا وآخر سلبيا. فالتشارك الإيجابي يكون في مجال الوظيفة التشريعية، حيث تملك الحكومة الحق في اقتراح مشاريع القوانين وتقديمها من خلال رئيس الوزراء إلى مجلس النواب وذلك عملا بأحكام المادة (91) من الدستور. كما تتعاون السلطة التنفيذية ايجابا مع شقيقتها التشريعية من خلال دعوة مجلسي الأعيان والنواب إلى الاجتماع في دورات برلمانية مختلفة، وفي إرجاء هذه الدورات وتمديدها وفضها عند انتهاء فتراتها الدستورية.
في المقابل، تظهر مظاهر الاشتباك السلبي من السلطة التنفيذية في مواجهة السلطة التشريعية من خلال حق جلالة الملك – باعتباره رئيسا للسلطة التنفيذية بحكم الدستور – بحل كل من مجلسي الأعيان والنواب، وذلك في ظروف وأحوال معينة تكون في مصلحة إدامة الديمقراطية النيابية التمثيلية.
وفيما يخص تعاون السلطة التشريعية مع السلطة التنفيذية، فهو أيضا بدوره ينقسم إلى اشتباك إيجابي وآخر سلبي، حيث تتكرس الاشتباكات الإيجابية من خلال طرح الأسئلة النيابية التي تهدف إلى مجرد استفهام عضو مجلس الأمة من رئيس الوزراء والوزراء عن أمر يجهله في شأن من الشؤون العامة، أو رغبته في التحقق من وقوع واقعة معينة. كما يتمثل التعاون الإيجابي بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في المناقشة العامة، والتي يقصد بها تبادل الرأي والمشورة بين مجلسي الأعيان أو النواب من جهة والحكومة من جهة أخرى، بحيث يتم عقد جلسة نيابية بين أي من المجلسين والحكومة لغاية التشاور ومناقشة أي من الأمور والقضايا العامة.
في المقابل، فإن الاشتباك السلبي من قبل السلطة التشريعية في مواجهة السلطة التنفيذية يكمن في توجيه الاستجوابات النيابية للحكومة، والتي يقصد بها محاسبة الوزراء أو أحدهم عن تصرف له في شأن من الشؤون العامة، إلى جانب الحق الدستوري لمجلس النواب في طرح الثقة بالوزارة أو أي من الوزراء فيها.
إن التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية بشكليه الإيجابي والسلبي يعد ضمانة أساسية لإقامة التوازن بين هاتين السلطتين، فلا تستوقي أي منهما على الأخرى ولا تهيمن عليها، وبذلك يتحقق الفصل المرن بينهما وفق أحكام الدستور.
* أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية
laith@lawyer.com
وجه جلالة الملك خلال لقائه قبل أيام أعضاء المكتب الدائم لمجلسي الأعيان النواب بضرورة تعزيز التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، حيث يعتبر هذا المبدأ هو الأساس الذي يقوم عليه النظام الدستوري الأردني المتمثل بوجود فصل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية من حيث اختصاصات كل منهما والأشخاص القائمين على إدارتهما. إلا أن هذا الفصل بين السلطتين ليس بالفصل الجامد كما هو الحال في النظام الرئاسي، بل هو فصل مرن يتوافق مع طبيعة نظام الحكم كما حددته المادة الأولى من الدستور بأنه نيابي ملكي وراثي.
إن المشرع الدستوري قد أوجد العديد من مظاهر التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، والتي هي بحاجة إلى تفعيل حقيقي من أجل تحقيق رؤى وتطلعات جلالة الملك. وفي هذا السياق، يجب الإشارة إلى أن التعاون بين هاتين السلطتين ليس بالضرورة أن يكون ذو طبيعة إيجابية بل يمكن أن تكون هذه التشاركية سلبية بطبيتعها وبحكم النتيجة التي قد تسفر عنها.
إن السلطة التنفيذية تتعاون وتتشارك مع السلطة التشريعية تشاركا ايجابيا وآخر سلبيا. فالتشارك الإيجابي يكون في مجال الوظيفة التشريعية، حيث تملك الحكومة الحق في اقتراح مشاريع القوانين وتقديمها من خلال رئيس الوزراء إلى مجلس النواب وذلك عملا بأحكام المادة (91) من الدستور. كما تتعاون السلطة التنفيذية ايجابا مع شقيقتها التشريعية من خلال دعوة مجلسي الأعيان والنواب إلى الاجتماع في دورات برلمانية مختلفة، وفي إرجاء هذه الدورات وتمديدها وفضها عند انتهاء فتراتها الدستورية.
في المقابل، تظهر مظاهر الاشتباك السلبي من السلطة التنفيذية في مواجهة السلطة التشريعية من خلال حق جلالة الملك – باعتباره رئيسا للسلطة التنفيذية بحكم الدستور – بحل كل من مجلسي الأعيان والنواب، وذلك في ظروف وأحوال معينة تكون في مصلحة إدامة الديمقراطية النيابية التمثيلية.
وفيما يخص تعاون السلطة التشريعية مع السلطة التنفيذية، فهو أيضا بدوره ينقسم إلى اشتباك إيجابي وآخر سلبي، حيث تتكرس الاشتباكات الإيجابية من خلال طرح الأسئلة النيابية التي تهدف إلى مجرد استفهام عضو مجلس الأمة من رئيس الوزراء والوزراء عن أمر يجهله في شأن من الشؤون العامة، أو رغبته في التحقق من وقوع واقعة معينة. كما يتمثل التعاون الإيجابي بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في المناقشة العامة، والتي يقصد بها تبادل الرأي والمشورة بين مجلسي الأعيان أو النواب من جهة والحكومة من جهة أخرى، بحيث يتم عقد جلسة نيابية بين أي من المجلسين والحكومة لغاية التشاور ومناقشة أي من الأمور والقضايا العامة.
في المقابل، فإن الاشتباك السلبي من قبل السلطة التشريعية في مواجهة السلطة التنفيذية يكمن في توجيه الاستجوابات النيابية للحكومة، والتي يقصد بها محاسبة الوزراء أو أحدهم عن تصرف له في شأن من الشؤون العامة، إلى جانب الحق الدستوري لمجلس النواب في طرح الثقة بالوزارة أو أي من الوزراء فيها.
إن التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية بشكليه الإيجابي والسلبي يعد ضمانة أساسية لإقامة التوازن بين هاتين السلطتين، فلا تستوقي أي منهما على الأخرى ولا تهيمن عليها، وبذلك يتحقق الفصل المرن بينهما وفق أحكام الدستور.
* أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية
laith@lawyer.com