خفايا وتفاصيل التصعيد في «أزمة العجارمة»: «إطالة اللسان» تطيح بمشروع «الزحف العشائري»

{title}
صوت الحق - واجه عضو البرلمان الأردني أسامه العجارمة بعد ظهر الأحد مصيرا “حتميا” يحوله من “نائب شعبوي” إلى آخر “مفصول”، ومن داعية تحريك وحراك عشائري إلى شخص “متطرف ومطلوب” لجهة العدالة والقانون.

مسيرة النائب الشاب المثير للجدل بين “المفصلين” كانت قصيرة للغاية.

وسياسيا ارتبطت بالدقيقة الرابعة تحديدا من خطاب مصور له بين أنصاره ظهر مساء السبت يطلق فيه “شتائم وإساءات” تطيل اللسان على “المؤسسة الملكية”، من بينها الإشارة إلى أنه حدّث نفسه بإطلاق الرصاص عند افتتاح دورة البرلمان بعبارة مبهمة قال فيها “كنت سأحمل مسدسي وأتجه إليه بكامل أناقتي وأقبله برصاصة على الجبين”.

يصفق بعض الحضور لتلك المداخلة فيظهر النائب نفسه المزيد من “الخطاب الاستعلائي والشعبوي” متحديا بسيف قبيلة المليون الذي يحمله كهدية من قبيلة بني حسن.

العمر السياسي للعجارمة كان قصيرا للغاية وطموحاته في التأثير والحضور تحطمت بسرعة تحت وطأة إغراء الشعبوية ومخاطبة غرائز الجمهور، وتغذت في الأثناء على “أخطاء” إدارة الملف معه ومع مجلس النواب وقوى العشائر مباشرة بعد “هندسة الأنتخابات”.

لاحظ الجميع كيف استقطب العجارمة كل الأضواء وهو يعد لزحف العشائر من أجل “التضامن مع فلسطين”.

لكن مع الضغط الأمني والبيروقراطي بدأت تظهر أدبيات من الطراز المقلق والتي لا يمكن تبنيها لأنها تؤسس لخصومة لا تألفها القبائل الأردنية مع رأس الدولة والنظام، وتتميز بـ”الغرور الشديد” وترديد عبارات مبهمة بهدف “ثقب الأسقف” .

خلال جولته الثانية لاستقبال الزحف العشائري أكثر النائب العجارمة من استنهاض “النخوة العشائرية” وظهر مجددا بالسيف والمسدس طوال يومي الجمعة والسبت، وألمح لمسيرة مليونية ولوح بـ”قطع رأس من يخالف المسيرة من قبيلته”، وهاجم أركان ووجهاء القبيلة قبل غيرها.

كل ذلك تدحرج لأن النائب استعمل عبارة “طز بمجلس النواب” في سياق نقاش مع زميله مجحم الصقور ثم رفض الاعتذار العلني، قبل أن تغذي مساندة نشطاء العشائر والإعلام طموحاته في المزيد من التجاذب.

حصل ذلك قبل حسم المسألة برلمانيا ودستوريا وأمنيا بعد ظهر الأحد، فقد قرر مجلس النواب وبأغلبية 108 أصوات فصل زميلهم من أصل 119 حضروا الجلسة، وأصدر رئيس مجلس النواب عبد المنعم العودات بيانا يرفض فيه “الإساءة للمقام الملكي”، وفي الأثناء اتخذت الأجهزة الأمنية بعد اجتماعات مكثفة قرارها بعزل منطقة العجارمة في العاصمة ومنع أي تجمع واعتقال أي مخالف للقانون، فيما كانت الحكومة تصدر بيانا توفر فيه “الغطاء” للخيار الأمني المطروح وتعلن مواجهة حاسمة وصارمة مع أي تجمعات غير مرخصة.

القلق الأمني في الأردن متواصل من أن تؤدي الإجراءات إلى تحفيز حراكات عشائرية لاحقا.

لكن الرهان واضح على صعوبة استقبال أو تبني الخطابات المتطرفة جدا الصادرة عن النائب المفصول وأنصاره حتى على مستوى الغاضبين والذين تم إقصاؤهم من أبناء المكون العشائري، مع أن الملف برمته فتح داخل عقل الدولة العميقة كل المساحات الأخرى للنقاش، وقد ينتهي بـ”تغيير بنيوي” في الآلية الأمنية برمتها.

لكن قبل ذلك “القرار الأمني” في مناطق عشيرة العجارمة في العاصمة دخل تنفيذيا في محاولات “كر وفر” حيث يتجمع العشرات من أنصار النائب المفصول في حالة “شغب”، بعد إصابة أربعة من عناصر الأمن وحيث قطع الإنترنت، وتحصل مداهمات وحملة اعتقالات بعنوان “إخضاع” الحراك العجرمي بصنفه الذي بدأه نائبهم.

ورصدت حتى مساء الأحد عمليات إطلاق رصاص على آليات الأمن ومطاردات وعزل مناطق ومداخل لمنع التفاعل بعد فصل النائب.

أزمة النائب العجارمة حسمت نهاياتها الأمنية والبرلمانية الأحد، لكن ذلك لا يعني احتواء كل التداعيات والتجاذبات خصوصا على الصعيد “العشائري” اعتبارا من صباح الإثنين حتى وإن كان مجلس النواب قد ندد بـ”التفوّهات ضد الملك”.

مؤشرات محددة تدفع المراقبين لتوقع اندلاع أزمة مضاعفة في مناطق أخرى تخص خصوصا عشائر ما يسمى بـ”طوق عمان”.