سبعينية فلسطينية تعتني بقبر شهيدين أردنيين منذ 54 عاما
صوت الحق -
ما زالت الحاجة آمنة الواكد “أم جمال”، تعتني وتراقب هي وأبناؤها الثمانية، قبرًا يضم شهيدين من أفراد القوات المسلحة الأردنية -الجيش العربي، واللذين قضيا في معركة وادي التفاح قبل 54 عامًا على ثرى فلسطين، وتتذكر كلَّ تفاصيل لحظات استشهادهما وحتى دفنهما في التراب الذي دافعا عنه.
تقول الحاجة أم جمال من مكان سكنها في مخيم عين بيت الماء بمدينة نابلس، إنَّها تذكر صباح ذلك اليوم من عام 1967، عندما كانت المعركة محتدمة جدا، ولم تجرؤ قوات الاحتلال الاسرائيلي على الاقتراب من المكان بسبب قوة المقاومة، لكنها كانت حاضرة عندما استشهد الأردنيان عبد الكريم جدعان العزام وشاكر عبد الجليل العلوان، وفرَّت هي وأبناؤها، وأمَّنتهم، ثم عادت هي وأبوها ودفنا الشهيدين في قبر واحد في المخيم.
وبينت أنَّها منحت أبنها المال ليقوم بإعادة ترميم القبر، واعتنت به طيلة هذه السنين وهي اليوم على مشارف 80 عامًا، وما زالت توصي من بعدها العناية بهما، فهؤلاء الشهداء أكرم منا جميعا.
وتشير إلى إن ابنها أيضا استشهد ودفن بجانب الشهيدين الأردنيين، وأصبحت أرملة وهي بعمر 33 عاما، وتشير إلى أنَّ الأيَّام تمضي لكن رائحة الشهداء وقبورهم تؤرخ لأيام طويلة وعظيمة من الفداء والتضحية التي قدمها الجيش العربي لفلسطين.
ولفتت إلى أنَّها طلبت من ابنها بعد ترميم القبر أن يضع عليها الشواهد وأن يلفه بالعلم الأردني، وان تكون عيونهم كل يوم على هذه القبور وحفظها من الخراب والعبث.
وتؤكد أنَّها طلبت من ذوي الشهداء عدم نقل رفاتهما إلى الأردن، فهذه البلاد بلاد الأنبياء، وقد ارتقا وهما يدافعان عنها، ووجودهما هنا يذكرنا بفلسطين التي ستعود يوما ما حتى ولو طال الاحتلال لها.
واشارت إلى أنَّ عمرها كان وقت استشهادهما 25 عاما، لكنها حتى اليوم تتذكر أنّهما “جدعان” وأبطال بكل ما حملت تلك الكلمة من معنى، فلم يجرؤ الاحتلال على دخول مدينة نابلس ونجت أرواح كثيرة بفعل بطولات وتضحيات الجيش العربي.
مدير جمعية المسنين في مخيم عين الماء بمدينة نابلس الشاعر فضل أيوب قال لبترا، إنَّه كان في نهاية العشرينيات من عمره، وذهب لإحضار أحد الشهيدين بعدما عَلم أنَّه ما زال حيًا، لكنه يقول إنَّه وصل وكانت روحه فاضت إلى الله، وكان نائمًا على جنبه، وإحدى يديه على الزناد والأخرى على مؤخرة البندقية، وكان هو وعدد من الجنود في أحد البساتين يواجهون قوات الاحتلال.
ولم يستطع أيوب إكمال الحديث وقد أجهش بالبكاء، وهو يتذكر تلك اللحظات التي عاشها في مرحلة صعبة وقاسية من تاريخ فلسطين، مؤكدا ان الحاجة ام جمال الواكد بقيت على العهد تعتني بقبر الشهيدين.
ويشير إلى أنَّ المواطن الفلسطيني نادر العفوري أيضًا بقي يعتني بقبور ثلاثة من شهداء الجيش العربي، والذين دفنوا في أحد البساتين، واستمرت عنايته بها حتى وفاته قبل نحو ثلاثة أشهر، مؤكدا انَّ لهذه الأرواح الزكية قدسية خاصة لدى كل الفلسطينيين والعرب، وتثبت تاريخ حياة طويل بين الأردنيين والفلسطينيين يحكمها مصير مشترك وواحد.
بعد ثلاثين عاما من البحث تمكن فواز نجل الشهيد عبد الكريم جدعان العزام من العثور على قبر والده، وقد زاره أول مرة بعد أربعين عاما من معرفة مكانه، ويقول لبترا من بلدة قم بمحافظة اربد، إن للحاجة أم جمال فضل كبير علينا، وهي أصيلة كما هم أبناء فلسطين الذين لا ينسون دم الشهداء واهتموا بقبره وحفظوه من التعدي عليه مرات عديدة.
ويشير إلى أن والده كان عمره 34 عاما عندما لبى النداء لفلسطين: على الميدان يا ابن الأردن، وكان مجازًا وقتها، لكنه غادر إلى فلسطين لينال شرف الشهادة العظيمة، وزار قبره للمرة الثانية وفي كل مرة يكون اللقاء مليء بالفخر.
وقال إنَّه وعند استشهاد والده كان يبلغ من العمر 5 سنوات الى جانب ثلاث شقيقات صغيرات وهن كفاح ونضال ورغادا ، وكان يُصرف لوالده الشَّهيد راتبا شهريا يبلغ 5 دنانير.
وأكد أنَّه تقدَّم بطلب لنقل رفاة والده إلى الأردن، وتم تسهيل كل الإجراءات من قبل الجهات المعنية، لكن القرار كان صعبا في النهاية، وانَّ تراب فلسطين يعشق هذه الأجساد الزكية، وقالت الحاجة أم جمال له إنها لا تريد نقله من هذا المكان ففلسطين أرض الانبياء، وقرر في النهاية عدم نقله.
ويضيف إنه فخور بأبيه، ويذكر أنه زار فلسطين مرة ثانية وقام أحد الفلسطينيين المسؤولين وقبل رأسه، حيث إنه كان شاهدا على بطولة أبيه يوم المعركة عام 1967 في الثبات والدفاع عن التراب الطاهر حتى آخر نفس فيه.
وأكد أنَّ أهالي قرية طوباس مهتمون جدا بالمقابر التي يتواجد بها شهداء الجيش العربي، وقاموا ببناء مسجد بالقرب منها، وانَّ هذا التاريخ الطويل بين الأردن وفلسطين لا يمكن أن ينكره أحد يوما ما مهما طال الاحتلال. ويروي المؤرخ زهير الدّبعي من مدينة نابلس تفاصيل معركة وادي التفاح والتي كان شاهدا على تفاصيلها الدقيقة، حيث كان عمره آنذاك 18عاما، ويتذكر جيدا كيف احتلت قوات الاحتلال المدينة يوم الأربعاء السابع من حزيران عام 1967، وهو اليوم الثالث من العدوان، بعد أن احتلت جنين وقباطيا وزباد وطوباس والفارعة ودخلت من المدخل الشرقي لمدينة نابلس.
ويقول إن قوات الاحتلال كانت تلبس ملابس جيوش عربية فظن الجميع انهم مع المقاومة، لكن ذلك تم اكتشافه من قبل أهل المدينة في شارع فيصل، وبدأت عمليات المواجهة من أفراد الجيش العربي والشرطة والمسلحين من السكان والذين اندفعوا عاطفيا للقتال دون تدريب.
وأكد العثور على احد جنود الجيش العربي على سطح إحدى البنايات وقد كان يقف على رشاش ثقيل، وقد استشهد وبقي في هيئة السجود، وتم انزاله ودفنه والصلاة عليه.
وبين أن قوات الاحتلال انتقلت من مدينة نابلس إلى منطقة عين بيت الماء، وكان هناك رتل من دبابات الجيش العربي متجهة نحو الشرق واشتبكت معها وكانت المواجهة شرسة استعانت بها قوات الاحتلال بسلاح الجو وارتقى عدد من الجنود النشامى شهداء عند ربهم يرزقون.
ولفت إلى أن قبورهم ما زالت شاهدة على ثباتهم وصبرهم، وأن أهل المدينة كلما مرَّوا من جانب قبورهم توقفوا وقرأوا الفاتحة على أرواحهم.
ويروي أنه وفي داخل مقبرة بيت عين الماء هناك شاب من الجيش العربي، حضر شقيقه من مدينة السلط باحثا عنه، وهو من المفقودين، والتقى مدير مخيم العين، الحاج المرحوم محمد بركات وبادره بالسؤال هل انت شقيق الشهيد، فأجابه بنعم، وكان الحاج بركات محتفظا بمقتنيات الشهيد منذ لحظة استشهاده قبل 54 عاما، وعند قبر الشهيد اجهشا بالبكاء.
ويتجاوز عمر الحاج الدبعي الـ 70 لكنه ما زال يحمل كثيرا من تفاصيل المعركة ويشهد أن جنود الجيش العربي كانوا مرابطين ثابتين لا تهمهم أرواحهم بل كانت فلسطين هي البوصلة والقضية وستبقى.
تقول الحاجة أم جمال من مكان سكنها في مخيم عين بيت الماء بمدينة نابلس، إنَّها تذكر صباح ذلك اليوم من عام 1967، عندما كانت المعركة محتدمة جدا، ولم تجرؤ قوات الاحتلال الاسرائيلي على الاقتراب من المكان بسبب قوة المقاومة، لكنها كانت حاضرة عندما استشهد الأردنيان عبد الكريم جدعان العزام وشاكر عبد الجليل العلوان، وفرَّت هي وأبناؤها، وأمَّنتهم، ثم عادت هي وأبوها ودفنا الشهيدين في قبر واحد في المخيم.
وبينت أنَّها منحت أبنها المال ليقوم بإعادة ترميم القبر، واعتنت به طيلة هذه السنين وهي اليوم على مشارف 80 عامًا، وما زالت توصي من بعدها العناية بهما، فهؤلاء الشهداء أكرم منا جميعا.
وتشير إلى إن ابنها أيضا استشهد ودفن بجانب الشهيدين الأردنيين، وأصبحت أرملة وهي بعمر 33 عاما، وتشير إلى أنَّ الأيَّام تمضي لكن رائحة الشهداء وقبورهم تؤرخ لأيام طويلة وعظيمة من الفداء والتضحية التي قدمها الجيش العربي لفلسطين.
ولفتت إلى أنَّها طلبت من ابنها بعد ترميم القبر أن يضع عليها الشواهد وأن يلفه بالعلم الأردني، وان تكون عيونهم كل يوم على هذه القبور وحفظها من الخراب والعبث.
وتؤكد أنَّها طلبت من ذوي الشهداء عدم نقل رفاتهما إلى الأردن، فهذه البلاد بلاد الأنبياء، وقد ارتقا وهما يدافعان عنها، ووجودهما هنا يذكرنا بفلسطين التي ستعود يوما ما حتى ولو طال الاحتلال لها.
واشارت إلى أنَّ عمرها كان وقت استشهادهما 25 عاما، لكنها حتى اليوم تتذكر أنّهما “جدعان” وأبطال بكل ما حملت تلك الكلمة من معنى، فلم يجرؤ الاحتلال على دخول مدينة نابلس ونجت أرواح كثيرة بفعل بطولات وتضحيات الجيش العربي.
مدير جمعية المسنين في مخيم عين الماء بمدينة نابلس الشاعر فضل أيوب قال لبترا، إنَّه كان في نهاية العشرينيات من عمره، وذهب لإحضار أحد الشهيدين بعدما عَلم أنَّه ما زال حيًا، لكنه يقول إنَّه وصل وكانت روحه فاضت إلى الله، وكان نائمًا على جنبه، وإحدى يديه على الزناد والأخرى على مؤخرة البندقية، وكان هو وعدد من الجنود في أحد البساتين يواجهون قوات الاحتلال.
ولم يستطع أيوب إكمال الحديث وقد أجهش بالبكاء، وهو يتذكر تلك اللحظات التي عاشها في مرحلة صعبة وقاسية من تاريخ فلسطين، مؤكدا ان الحاجة ام جمال الواكد بقيت على العهد تعتني بقبر الشهيدين.
ويشير إلى أنَّ المواطن الفلسطيني نادر العفوري أيضًا بقي يعتني بقبور ثلاثة من شهداء الجيش العربي، والذين دفنوا في أحد البساتين، واستمرت عنايته بها حتى وفاته قبل نحو ثلاثة أشهر، مؤكدا انَّ لهذه الأرواح الزكية قدسية خاصة لدى كل الفلسطينيين والعرب، وتثبت تاريخ حياة طويل بين الأردنيين والفلسطينيين يحكمها مصير مشترك وواحد.
بعد ثلاثين عاما من البحث تمكن فواز نجل الشهيد عبد الكريم جدعان العزام من العثور على قبر والده، وقد زاره أول مرة بعد أربعين عاما من معرفة مكانه، ويقول لبترا من بلدة قم بمحافظة اربد، إن للحاجة أم جمال فضل كبير علينا، وهي أصيلة كما هم أبناء فلسطين الذين لا ينسون دم الشهداء واهتموا بقبره وحفظوه من التعدي عليه مرات عديدة.
ويشير إلى أن والده كان عمره 34 عاما عندما لبى النداء لفلسطين: على الميدان يا ابن الأردن، وكان مجازًا وقتها، لكنه غادر إلى فلسطين لينال شرف الشهادة العظيمة، وزار قبره للمرة الثانية وفي كل مرة يكون اللقاء مليء بالفخر.
وقال إنَّه وعند استشهاد والده كان يبلغ من العمر 5 سنوات الى جانب ثلاث شقيقات صغيرات وهن كفاح ونضال ورغادا ، وكان يُصرف لوالده الشَّهيد راتبا شهريا يبلغ 5 دنانير.
وأكد أنَّه تقدَّم بطلب لنقل رفاة والده إلى الأردن، وتم تسهيل كل الإجراءات من قبل الجهات المعنية، لكن القرار كان صعبا في النهاية، وانَّ تراب فلسطين يعشق هذه الأجساد الزكية، وقالت الحاجة أم جمال له إنها لا تريد نقله من هذا المكان ففلسطين أرض الانبياء، وقرر في النهاية عدم نقله.
ويضيف إنه فخور بأبيه، ويذكر أنه زار فلسطين مرة ثانية وقام أحد الفلسطينيين المسؤولين وقبل رأسه، حيث إنه كان شاهدا على بطولة أبيه يوم المعركة عام 1967 في الثبات والدفاع عن التراب الطاهر حتى آخر نفس فيه.
وأكد أنَّ أهالي قرية طوباس مهتمون جدا بالمقابر التي يتواجد بها شهداء الجيش العربي، وقاموا ببناء مسجد بالقرب منها، وانَّ هذا التاريخ الطويل بين الأردن وفلسطين لا يمكن أن ينكره أحد يوما ما مهما طال الاحتلال. ويروي المؤرخ زهير الدّبعي من مدينة نابلس تفاصيل معركة وادي التفاح والتي كان شاهدا على تفاصيلها الدقيقة، حيث كان عمره آنذاك 18عاما، ويتذكر جيدا كيف احتلت قوات الاحتلال المدينة يوم الأربعاء السابع من حزيران عام 1967، وهو اليوم الثالث من العدوان، بعد أن احتلت جنين وقباطيا وزباد وطوباس والفارعة ودخلت من المدخل الشرقي لمدينة نابلس.
ويقول إن قوات الاحتلال كانت تلبس ملابس جيوش عربية فظن الجميع انهم مع المقاومة، لكن ذلك تم اكتشافه من قبل أهل المدينة في شارع فيصل، وبدأت عمليات المواجهة من أفراد الجيش العربي والشرطة والمسلحين من السكان والذين اندفعوا عاطفيا للقتال دون تدريب.
وأكد العثور على احد جنود الجيش العربي على سطح إحدى البنايات وقد كان يقف على رشاش ثقيل، وقد استشهد وبقي في هيئة السجود، وتم انزاله ودفنه والصلاة عليه.
وبين أن قوات الاحتلال انتقلت من مدينة نابلس إلى منطقة عين بيت الماء، وكان هناك رتل من دبابات الجيش العربي متجهة نحو الشرق واشتبكت معها وكانت المواجهة شرسة استعانت بها قوات الاحتلال بسلاح الجو وارتقى عدد من الجنود النشامى شهداء عند ربهم يرزقون.
ولفت إلى أن قبورهم ما زالت شاهدة على ثباتهم وصبرهم، وأن أهل المدينة كلما مرَّوا من جانب قبورهم توقفوا وقرأوا الفاتحة على أرواحهم.
ويروي أنه وفي داخل مقبرة بيت عين الماء هناك شاب من الجيش العربي، حضر شقيقه من مدينة السلط باحثا عنه، وهو من المفقودين، والتقى مدير مخيم العين، الحاج المرحوم محمد بركات وبادره بالسؤال هل انت شقيق الشهيد، فأجابه بنعم، وكان الحاج بركات محتفظا بمقتنيات الشهيد منذ لحظة استشهاده قبل 54 عاما، وعند قبر الشهيد اجهشا بالبكاء.
ويتجاوز عمر الحاج الدبعي الـ 70 لكنه ما زال يحمل كثيرا من تفاصيل المعركة ويشهد أن جنود الجيش العربي كانوا مرابطين ثابتين لا تهمهم أرواحهم بل كانت فلسطين هي البوصلة والقضية وستبقى.