أربعة أسباب تجعلنا نتفاءل بنتائج اللَّجْنَة الملكية لتحديث المنظومة السياسية فِي الأرْدُن
صوت الحق -
د. مَحْمُود أبُو فَروةَ الرَّجَبي
لَمْ أصدم بنتائج استطلاع الرأي الَّذِي أظهر أن 32% فَقَط مِن الأردنيين يثقون باللجنة الملكية لتحديث المنظومة السِّياسَة، مُقَابِل 68% لا يثقون بِها، وَهُناكَ 31% فَقَط متفائلون بمخرجاتها، فلو نظرنا إلَى الأمر مِن زاوية الأجواء السَّلْبِيَّة الَّتِي تعم الأرْدُن، وحملات مناهضة اللَّجْنَة مِن قوى مُخْتَلِفَة تحشد ضدها بِشَكْل منظم وغير منظم على منصات التواصل الاجتماعي لما تفاجأنا مِن ذَلِكَ.
خلال السنوات الـمَاضِيَةِ، تناقصت قدرة الـمُواطنينَ الأردنيين الشرائية، وزادت نسبة البطالة بِشَكْل ملموس، وتعرض المواطن لانتكاسات عديدة لَهَا عَلاقَة بجائحة كورونا، والظروف الإقليمية الـمُحِيطَة بنا، إضافة إلَى عوامل دَاخِلِيَّة لَهَا عَلاقَة بِزِيادَة الاعتقالات، وحل نقابة الـمُعَلِّمِينَ، والتعقيدات الَّتِي يلمسها المواطن العادي – غير المدعوم- مِن تعطيل المعاملات عِنْد مراجعته لِبَعْضِ الدوائر الحكومية، والإشكاليات الناشئة عَنْ تعامل الحكومات المتعاقبة مَع الـمُحْتَوى غير المريح فِي منصات التواصل الاجتماعي، إضافة إلَى عدم النجاح فِي خلق بيئة جاذبة للاستثمار، وتخلي بَعْض الداعمين الماليين عَنْ دعم الـمَمْلَكَة.
هذه الظروف مجتمعة لا يُمْكِنُ أن تؤدي إلَى فرز شُعُور بالتفاؤل إزاء أي عمل صادر عَنْ الحُكومَة، أو مؤسسات الدولة، وَمَع ذَلِكَ، فإنني، وَهَذَا رأيِي، متفائل بمخرجات هَذِهِ اللَّجْنَة، واعتقد أن غالبية هَذِهِ المخرجات ستطبق بِشَكْل أوْ بآخر – رَغْمَ اعترافي بأن قوى دَاخِلِيَّة وخارجية كَثِيرَة ستعيق تطبيقها-.
أول مصدر للتفاؤل هُوَ الظروف الداخلية والخارجية الضاغطة بِاتجَاه مثل هَذِهِ المخرجات، فداخليا، هُناكَ توجه ملكي قوي نَحْوَ هَذَا الأمر، فرَغْمَ حملات مُكافَحَة الفساد، وجهود الحكومات المتعاقبة بتوفير بيئة جاذبة للاستثمار، فإنَّ هُناكَ قوى دَاخِلِيَّة – نتيجة بَعْض العوامل الداخلية الأُرْدُنِيَّة – تَعْمَل على عكس ذَلِكَ، ولنعطِ مثالًا على تعطيل معاملات الـمُواطنينَ، فَقَد تحول سلوك بَعْض الـمُوَظَّفِينَ الحكوميين فِي التمتع بتعطيل معاملات الـمُواطنينَ إلَى ثقافة راسخة، وَرُدُود فعل سَلْبِيَّة شكلت عَقْلاً جَمِيعًا مبرمجا على ذَلِكَ، وَهَذَا الأمر، يُصْبِحُ صعب التغيير، وَلَوْ قامت الحُكومَة باجراءات كَثِيرَة، ووقتها يتطلب الأمر علاجًا جراحيا عَاجِلاً، لا تَسْتَطِيع الحكومات المتعاقبة فِي الأرْدُن، ونتيجة ظروف مُعَيَّنَة القيام بِهِ.
لِذلِكَ لا بُدَّ مِن علاج طويل الأمد، يَعْمَل على ترسيخ الديمقراطية التدريجية النسبية، لبناء ثقافة جَدِيدَة فِي الجسم الحكومي والشعبي، قَائِمَة على العَدالَة بين الجَمِيع، وعدم السماح بالتطاول على القانون، والاستقواء على الدولة، ومحاربة الترهل الإداري وَغَيْره مِن العوامل المثبطة لأي تطور، وَهَذِهِ المخرجات، قَدْ تشكل روافع مَقْبولَة فِي هَذِهِ الـمَرْحَلَة، فإصلاح القطاع العام مهم جِدًا – على سبيل الـمِثَال-، وإذا نظرنا إلَى الممارسات السَّابِقَة الَّتِي تضمنت أحَيَانًا تعيينات مِن أجل التنفعيات، وترفيعات بالواسطة، وغياب المساءلة الحقيقية، هَذه كلها أدَّت إلَى تقليل كفاءة القطاع العام، وخلقت طبقة بيروقراطية تعتاش على وضع العربة أمَام الحصان، وتعطيل المراكب السائرة، إذا فَلا بد مِن إصْلاح هَذَا القطاع جَذريًا، وَهَذَا يتطلب قَانُون انتخاب مُخْتَلَف، ومجلس نواب قائم على الحزبية، والانتخابات الحرة النزيهة البَعيدَة عَنْ كَافَّة إشكال الهندسة والتدخل للمساهمة الفاعلة فِي مثل هَكَذَا إصلاح.
ثاني هَذِهِ الظروف هُوَ تغير المعطيات الداخلية والخارجية الَّتِي لَمْ تعد الدولة بسببها قَادِرَة على الاستمرار بنهج الرعائية المكلف، وَهَذَا الأمر يتطلب التسريع بالاعتماد الكامل على النفس، ولا يتأتى ذَلِكَ إلا مِن خِلالَ ترسيخ وتوسيع الـمُشَاركَة الشَّعْبِيَّة، لِيَكونَ المواطن مشاركًا بالقرار، لنصل إلَى كفاءة أعلى، تساعدنا على الخروج مِن مشكلاتنا، وَهَذَا لا يجعلنا نهمل الظروف المعيشية الصعبة لِلْنَاسِ، ووجود فئات اعتادت على الاعتماد الكامل على الدولة فِي تَوْفِير احتياجاتها، وَلَكِن الواقع أقوى مِمَّا يَجِب أن يفعل، ولا يُمْكِنُ إهمال أن الخروج مِن الرعائية سيؤدي إلَى كوارث اجتماعية، لِذلِكَ لا بُدَّ مِن وجود خُطَّة – خارج الصندوق- تُسَاعِد الدولة بالخروج مِنْها بأقل الخسائر، وسنتحدث حول ذَلِكَ بالتفصيل فِي مقال لاحق.
وإذا انتلقنا إلَى السيرورات والصيرورات التاريخية، فإنَّ مثل هَذِهِ التغيرات لا بُدَّ أن تحصل بحكم التطور الطبيعي، ونوعية النظام الأردني الَّتِي عرفت تاريخيًا بِالابْتعادِ عَنْ الديكتاتورية، واحترام النَّاس، وعدم الانجرار إلَى الصدامات الدموية تؤيد مَا أذهب إليهِ فِي هَذَا المقال، ويعد هَذَا العامل الثَّالِث الَّذِي سيجعل مِن مخرجات اللَّجْنَة الملكية أوْ جزءًا معقولًا مِنْها واقعًا.
أما السَّبَب الرَّابِع الَّذِي يجعلنا نثق بقدرة الأرْدُن على تطبيق جزء أوْ كل مِن مخرجات اللَّجْنَة الملكية فَهْوَ ثقة النظام بِنَفْسِهِ، بَعْدَ تخلصه مِن عدوين لدودين، كَانَا يخططان ليل نَهَار ضِدَّهُ، والمقصود الثنائي الراحل إلَى غير رجعة – بإذن الله- نتنياهو وترامب، وَهَذَا غيَّر – نَوعًا مَا – مِن نظرة النظام الأمريكي إلَى الـمَنْطِقَة، ومصالح الأرْدُن، وأعطى النظام الأردني وضعا مُريحًا لأربع سَنَوات على الأقل، يُمْكِنُ خلالها إعادة ترتيب الوضع الدَّاخِلي، وتقليل بَعْض المطبات الَّتِي تُواجِه مسيرة الإصلاح.
مِن يَقول إن التحولات الإصلاحية فِي الأرْدُن سهلة، يجانب الحَقِيقَة، فَهُنَاكَ عوامل خارجية وَدَاخِلِيَّة، وفئات تنتفع بالواقع، ولا تُريدُ التنازل عَنْ امتيازاتها، وللأسف، فإنَّ عَامَّة النَّاس، تستجيب لمجموعة مِن مؤثري منصات التواصل الاجتماعي، وهؤلاء – المؤثرون- فئات؛ فبعضهم يعتمد فِي آرائه على تجارب سابقة، ويخشى أن تكون هَذِهِ التجربة مثل تِلْكَ، وهؤلاء نحترم رأيهم، ونتمنى أن يغير الواقع مِنْها، وآخرون ينطلقون مِن نظرة إقليمية ضيقة، لا يرغبون بسيادة العَدالَة فِي الـمُجْتَمَع الأردني، خوفًا على امتيازاتهم، وَهَذِهِ الفِئَة يَجِب أن تعرف أن العَدالَة هِيَ الطَّرِيِق للنماء، والإزدهار، وتوزيع مكاسب التنمية على الجَمِيع بعدالة، وإلا فإنَّ المحاصصة، وعدم الكفاءة ستبقى سائدة ووقتها سنبقى فِي أماكننا، والتجارب السَّابِقَة علمتنا كَيْفَ تأتي عدم العَدالَة بالكوارث، أما الفِئَة الثَّالِثَة فَهي بَقِيَّة النَّاس الصامتين الَّذِينَ ينتظرون دُونَ أن يَكون لَهُمْ رأي واضح فِيمَا يَحْصُل.
مَوْضُوع الديمقراطية والإصلاح فِي الأرْدُن معقدة جِدًا، والشعب منقسم على نَفْسه، فجزء كَبِير مِنْهُ يُرِيد الديمقراطية الَّتِي تأتي بأقربائه، وتحافظ على مكاسبه الَّتِي حَصل عَلَيْهَا لظروف مُعَيَّنَة مَرَّت بِها الـمَمْلَكَة، وآخرون يعتقدون أن الديمقراطية الحقيقية الَّتِي تأتي بمن يُرِيدُونَ، وفئة ثالثة – قَدْ تمثل الأغلبية- تنظر دُونَ أن تشارك.
الـمُهِم فِي الـمَوْضُوع كله أن الأرْدُن، وشعبه، وقيادته يستحقون الأفضل، وَيُمْكِنُ لَنَا أن نبدأ بوضع قطارنا على سكة التطور، مِن خِلالَ الإصلاح، والديمقراطية التدريجية المترافقة مَع بناء ثقافة الحِوَار، وتقبل الآخر بِشَكْل أكْبَر، وأعمق.
الأرْدُن مقبل على مرحلة جَدِيدَة وَجَمِيلَة – بإذن الله-، وحركة التَّارِيخ لا تتوقف أمام أي حركة وَلَوْ كَانَتْ الطوفان نَفْسه.
Mrajaby1971@gmail.com
إعلامي وأكاديمي أردني.
د. مَحْمُود أبُو فَروةَ الرَّجَبي
لَمْ أصدم بنتائج استطلاع الرأي الَّذِي أظهر أن 32% فَقَط مِن الأردنيين يثقون باللجنة الملكية لتحديث المنظومة السِّياسَة، مُقَابِل 68% لا يثقون بِها، وَهُناكَ 31% فَقَط متفائلون بمخرجاتها، فلو نظرنا إلَى الأمر مِن زاوية الأجواء السَّلْبِيَّة الَّتِي تعم الأرْدُن، وحملات مناهضة اللَّجْنَة مِن قوى مُخْتَلِفَة تحشد ضدها بِشَكْل منظم وغير منظم على منصات التواصل الاجتماعي لما تفاجأنا مِن ذَلِكَ.
خلال السنوات الـمَاضِيَةِ، تناقصت قدرة الـمُواطنينَ الأردنيين الشرائية، وزادت نسبة البطالة بِشَكْل ملموس، وتعرض المواطن لانتكاسات عديدة لَهَا عَلاقَة بجائحة كورونا، والظروف الإقليمية الـمُحِيطَة بنا، إضافة إلَى عوامل دَاخِلِيَّة لَهَا عَلاقَة بِزِيادَة الاعتقالات، وحل نقابة الـمُعَلِّمِينَ، والتعقيدات الَّتِي يلمسها المواطن العادي – غير المدعوم- مِن تعطيل المعاملات عِنْد مراجعته لِبَعْضِ الدوائر الحكومية، والإشكاليات الناشئة عَنْ تعامل الحكومات المتعاقبة مَع الـمُحْتَوى غير المريح فِي منصات التواصل الاجتماعي، إضافة إلَى عدم النجاح فِي خلق بيئة جاذبة للاستثمار، وتخلي بَعْض الداعمين الماليين عَنْ دعم الـمَمْلَكَة.
هذه الظروف مجتمعة لا يُمْكِنُ أن تؤدي إلَى فرز شُعُور بالتفاؤل إزاء أي عمل صادر عَنْ الحُكومَة، أو مؤسسات الدولة، وَمَع ذَلِكَ، فإنني، وَهَذَا رأيِي، متفائل بمخرجات هَذِهِ اللَّجْنَة، واعتقد أن غالبية هَذِهِ المخرجات ستطبق بِشَكْل أوْ بآخر – رَغْمَ اعترافي بأن قوى دَاخِلِيَّة وخارجية كَثِيرَة ستعيق تطبيقها-.
أول مصدر للتفاؤل هُوَ الظروف الداخلية والخارجية الضاغطة بِاتجَاه مثل هَذِهِ المخرجات، فداخليا، هُناكَ توجه ملكي قوي نَحْوَ هَذَا الأمر، فرَغْمَ حملات مُكافَحَة الفساد، وجهود الحكومات المتعاقبة بتوفير بيئة جاذبة للاستثمار، فإنَّ هُناكَ قوى دَاخِلِيَّة – نتيجة بَعْض العوامل الداخلية الأُرْدُنِيَّة – تَعْمَل على عكس ذَلِكَ، ولنعطِ مثالًا على تعطيل معاملات الـمُواطنينَ، فَقَد تحول سلوك بَعْض الـمُوَظَّفِينَ الحكوميين فِي التمتع بتعطيل معاملات الـمُواطنينَ إلَى ثقافة راسخة، وَرُدُود فعل سَلْبِيَّة شكلت عَقْلاً جَمِيعًا مبرمجا على ذَلِكَ، وَهَذَا الأمر، يُصْبِحُ صعب التغيير، وَلَوْ قامت الحُكومَة باجراءات كَثِيرَة، ووقتها يتطلب الأمر علاجًا جراحيا عَاجِلاً، لا تَسْتَطِيع الحكومات المتعاقبة فِي الأرْدُن، ونتيجة ظروف مُعَيَّنَة القيام بِهِ.
لِذلِكَ لا بُدَّ مِن علاج طويل الأمد، يَعْمَل على ترسيخ الديمقراطية التدريجية النسبية، لبناء ثقافة جَدِيدَة فِي الجسم الحكومي والشعبي، قَائِمَة على العَدالَة بين الجَمِيع، وعدم السماح بالتطاول على القانون، والاستقواء على الدولة، ومحاربة الترهل الإداري وَغَيْره مِن العوامل المثبطة لأي تطور، وَهَذِهِ المخرجات، قَدْ تشكل روافع مَقْبولَة فِي هَذِهِ الـمَرْحَلَة، فإصلاح القطاع العام مهم جِدًا – على سبيل الـمِثَال-، وإذا نظرنا إلَى الممارسات السَّابِقَة الَّتِي تضمنت أحَيَانًا تعيينات مِن أجل التنفعيات، وترفيعات بالواسطة، وغياب المساءلة الحقيقية، هَذه كلها أدَّت إلَى تقليل كفاءة القطاع العام، وخلقت طبقة بيروقراطية تعتاش على وضع العربة أمَام الحصان، وتعطيل المراكب السائرة، إذا فَلا بد مِن إصْلاح هَذَا القطاع جَذريًا، وَهَذَا يتطلب قَانُون انتخاب مُخْتَلَف، ومجلس نواب قائم على الحزبية، والانتخابات الحرة النزيهة البَعيدَة عَنْ كَافَّة إشكال الهندسة والتدخل للمساهمة الفاعلة فِي مثل هَكَذَا إصلاح.
ثاني هَذِهِ الظروف هُوَ تغير المعطيات الداخلية والخارجية الَّتِي لَمْ تعد الدولة بسببها قَادِرَة على الاستمرار بنهج الرعائية المكلف، وَهَذَا الأمر يتطلب التسريع بالاعتماد الكامل على النفس، ولا يتأتى ذَلِكَ إلا مِن خِلالَ ترسيخ وتوسيع الـمُشَاركَة الشَّعْبِيَّة، لِيَكونَ المواطن مشاركًا بالقرار، لنصل إلَى كفاءة أعلى، تساعدنا على الخروج مِن مشكلاتنا، وَهَذَا لا يجعلنا نهمل الظروف المعيشية الصعبة لِلْنَاسِ، ووجود فئات اعتادت على الاعتماد الكامل على الدولة فِي تَوْفِير احتياجاتها، وَلَكِن الواقع أقوى مِمَّا يَجِب أن يفعل، ولا يُمْكِنُ إهمال أن الخروج مِن الرعائية سيؤدي إلَى كوارث اجتماعية، لِذلِكَ لا بُدَّ مِن وجود خُطَّة – خارج الصندوق- تُسَاعِد الدولة بالخروج مِنْها بأقل الخسائر، وسنتحدث حول ذَلِكَ بالتفصيل فِي مقال لاحق.
وإذا انتلقنا إلَى السيرورات والصيرورات التاريخية، فإنَّ مثل هَذِهِ التغيرات لا بُدَّ أن تحصل بحكم التطور الطبيعي، ونوعية النظام الأردني الَّتِي عرفت تاريخيًا بِالابْتعادِ عَنْ الديكتاتورية، واحترام النَّاس، وعدم الانجرار إلَى الصدامات الدموية تؤيد مَا أذهب إليهِ فِي هَذَا المقال، ويعد هَذَا العامل الثَّالِث الَّذِي سيجعل مِن مخرجات اللَّجْنَة الملكية أوْ جزءًا معقولًا مِنْها واقعًا.
أما السَّبَب الرَّابِع الَّذِي يجعلنا نثق بقدرة الأرْدُن على تطبيق جزء أوْ كل مِن مخرجات اللَّجْنَة الملكية فَهْوَ ثقة النظام بِنَفْسِهِ، بَعْدَ تخلصه مِن عدوين لدودين، كَانَا يخططان ليل نَهَار ضِدَّهُ، والمقصود الثنائي الراحل إلَى غير رجعة – بإذن الله- نتنياهو وترامب، وَهَذَا غيَّر – نَوعًا مَا – مِن نظرة النظام الأمريكي إلَى الـمَنْطِقَة، ومصالح الأرْدُن، وأعطى النظام الأردني وضعا مُريحًا لأربع سَنَوات على الأقل، يُمْكِنُ خلالها إعادة ترتيب الوضع الدَّاخِلي، وتقليل بَعْض المطبات الَّتِي تُواجِه مسيرة الإصلاح.
مِن يَقول إن التحولات الإصلاحية فِي الأرْدُن سهلة، يجانب الحَقِيقَة، فَهُنَاكَ عوامل خارجية وَدَاخِلِيَّة، وفئات تنتفع بالواقع، ولا تُريدُ التنازل عَنْ امتيازاتها، وللأسف، فإنَّ عَامَّة النَّاس، تستجيب لمجموعة مِن مؤثري منصات التواصل الاجتماعي، وهؤلاء – المؤثرون- فئات؛ فبعضهم يعتمد فِي آرائه على تجارب سابقة، ويخشى أن تكون هَذِهِ التجربة مثل تِلْكَ، وهؤلاء نحترم رأيهم، ونتمنى أن يغير الواقع مِنْها، وآخرون ينطلقون مِن نظرة إقليمية ضيقة، لا يرغبون بسيادة العَدالَة فِي الـمُجْتَمَع الأردني، خوفًا على امتيازاتهم، وَهَذِهِ الفِئَة يَجِب أن تعرف أن العَدالَة هِيَ الطَّرِيِق للنماء، والإزدهار، وتوزيع مكاسب التنمية على الجَمِيع بعدالة، وإلا فإنَّ المحاصصة، وعدم الكفاءة ستبقى سائدة ووقتها سنبقى فِي أماكننا، والتجارب السَّابِقَة علمتنا كَيْفَ تأتي عدم العَدالَة بالكوارث، أما الفِئَة الثَّالِثَة فَهي بَقِيَّة النَّاس الصامتين الَّذِينَ ينتظرون دُونَ أن يَكون لَهُمْ رأي واضح فِيمَا يَحْصُل.
مَوْضُوع الديمقراطية والإصلاح فِي الأرْدُن معقدة جِدًا، والشعب منقسم على نَفْسه، فجزء كَبِير مِنْهُ يُرِيد الديمقراطية الَّتِي تأتي بأقربائه، وتحافظ على مكاسبه الَّتِي حَصل عَلَيْهَا لظروف مُعَيَّنَة مَرَّت بِها الـمَمْلَكَة، وآخرون يعتقدون أن الديمقراطية الحقيقية الَّتِي تأتي بمن يُرِيدُونَ، وفئة ثالثة – قَدْ تمثل الأغلبية- تنظر دُونَ أن تشارك.
الـمُهِم فِي الـمَوْضُوع كله أن الأرْدُن، وشعبه، وقيادته يستحقون الأفضل، وَيُمْكِنُ لَنَا أن نبدأ بوضع قطارنا على سكة التطور، مِن خِلالَ الإصلاح، والديمقراطية التدريجية المترافقة مَع بناء ثقافة الحِوَار، وتقبل الآخر بِشَكْل أكْبَر، وأعمق.
الأرْدُن مقبل على مرحلة جَدِيدَة وَجَمِيلَة – بإذن الله-، وحركة التَّارِيخ لا تتوقف أمام أي حركة وَلَوْ كَانَتْ الطوفان نَفْسه.
Mrajaby1971@gmail.com
إعلامي وأكاديمي أردني.