التقارب التركي الروسي.. ماذا يختبئ خلفه؟
صوت الحق -
شهدت العلاقات الروسية التركية تطورات واضحة، لا سيما بعد غزو موسكو لأوكرانيا، إلا أن ذلك أنبأ عن مفاجأة في الطريق الذي يسير فيه عضو “الناتو” نحو عدو الأخير التقليدي.
ورأى مراقبون أن التقارب الروسي التركي الملحوظ مؤخرا يطوي في ثناياه مصالح اقتصادية وسياسية بين البلدين في عدة ملفات من جهة، كما يعكس “حنكة” الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في استغلال الظروف الحالية لمصلحة بلاده من جهة أخرى.
وأشار خبراء في الشأن السياسي إلى أن أردوغان يسعى لوضع تركيا في نقطة جاذبة للجميع، خصوصا مَن تُفرض عليهم عقوبات، والوصول إلى “صفر خلافات” مع كثير من الدول.
وأضاف الخبراء أن المنطقة تشهد رؤية جديدة من خلال تركيا والسعودية، بعيدا عن الرؤية الأميركية، ما من شأنه إضعاف التواجد الأميركي؛ نتيجة عدم مصداقية الولايات المتحدة مع أوكرانيا.
السبايلة: العلاقات التركية الروسية أقرب لزواج المصالح
بدوره، قال المحلل السياسي الدكتور عامر السبايلة إن التقارب التركي الروسي هو أقرب ما يكون لفكرة زواج المصالح الاضطراري للطرفين منذ بدء الأزمة في سوريا ووصول الأمور إلى شبه مواجهة بين الطرفين، بعد إسقاط تركيا طائرة روسية في سوريا.
وتابع السبايلة في حديثه لـ”الغد”، أنه بعد ذلك، حدث الانتقال إلى بدء عملية تفاهم، بالرغم من تضارب المصالح والمواجهات في كثير من المحطات، سواء فيما يتعلق بوسط آسيا، أو أذربيجان وأرمينيا، أو سوريا، أو حتى الموقف من أوكرانيا، فمن الواضح أن هناك مواقف متباينة لتركيا مع روسيا، لكن هناك حالة اضطرارية لهذه العلاقة تفرضها كل التطورات التي حدثت مؤخرا، في ظل العامل الجغرافي ورغبة روسيا أيضا بالاسثمار في تركيا أكثر بالرغم من هذه الاختلافات.
وبين أن العوامل الأساسية التي أدت إلى التقارب التركي الروسي تتمثل بأن تركيا في لحظة معينة كانت تعيش حالة تبتعد فيها عن محور حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة، ودخلت في عدة محطات ومواجهات؛ بما في ذلك التصعيد السياسي في فترة معينة مع أوروبا، مسألة اللاجئين السوريين، فكان هناك استثمار روسي لهذه اللحظة في محاولة لبناء علاقات اقتصادية بين الطرفين وتحويل خط الغاز (السيل الجنوبي) إلى فكرة السيل التركي والاستثمار في تركيا بالنسبة لروسيا.
وأكد السبايلة أن هناك حاجة اقتصادية للطرفين ورغبة بتفاهم اقتصادي، لكن في النهاية هناك خلافات سياسية، ففي لحظة معينة تتحول تركيا اليوم إلى نقطة جاذبة بالنسبة لروسيا تتحدث من خلالها مع حلف شمال أطلسي، وتتحدث من خلالها عن تفاهمات تحاول عن طريقها إبطال توجهات لتركيا؛ مثل الدخول في شمال شرق سوريا، والتصعيد في وسط آسيا، والموقف التركي من أوكرانيا.
وأضاف: هناك تبادل اقتصادي مهم، وتركيا تعتبر أن قوتها اليوم بأن تكون في مكان جاذب للجميع، خصوصا مَن تُفرض عليهم عقوبات، وبالتالي هي تحاول أن تستفيد اقتصاديا من كل ما يجري، وتحاول أن تضع نفسها في النهاية في نقطة جاذبة للجميع وأن تُحوّل نفسها بعد سنوات من التصعيد مع كثير من الدول إلى “صفر خلافات” ونقطة جاذبة للجميع للاستفادة الاقتصادية؛ لهذا لا يمكن فقط الاعتقاد بأن العلاقة الروسية التركية هي التي تُعول عليها تركيا.
القطاطشة: أردوغان يمتلك براعة سياسية في عدة قضايا
من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأردنية والنائب الأسبق الدكتور محمد القطاطشة إن تركيا كدولة في الإقليم استطاعت أن ترتبط بعلاقات ممتازة مع الولايات المتحدة الأميركية ومع روسيا، بمعنى أنها تحاول تعظيم فوائدها الاستراتيجية من الطرفين.
وأضاف القطاطشة لـ”الغد”: أعتقد أن هذه براعة سياسية من أردوغان، خصوصا في دخوله الأخير باتفاقية تصدير الحبوب، وكذلك في بعض القضايا المتعلقة بسوريا.
وتابع: هناك 3 دول جوار جغرافي للعالم العربي في الإقليم؛ وهي تركيا وإيران و”إسرائيل”، واليوم هناك عداوة بين الطرف الإيراني والولايات المتحدة، وعداوة بين الطرف الإسرائيلي وروسيا، لكن الطرف الوحيد في الإقليم الذي يشتبك مع الطرفين بشكل إيجابي هو تركيا.
ورأى أن ضعف الإدارة الأميركية- خصوصا في قضايا السياسة الخارجية- كان عاملا أساسيا في التقارب الروسي التركي، فاليوم لم يعد لدينا ثقة كبيرة بالسياسة الخارجية الأميركية، لا سيما بعد انهزامها من أفغانستان مؤخرا، وكذلك خسارتها في العراق وتسليم البلاد إلى النظام الإيراني.
وأضاف القطاطشة: بعد إزاحة النظام العراقي (نظام صدام حسين) والمجيء بالنظام الإيراني للسيطرة على بغداد، من خلال الحشد الشيعي وهو جيش إيراني تابع للحرس الثوري الإيراني، يبدو أن العالم العربي والسعودية فهموا ذلك، فالسعودية اليوم تقريبا لديها ندية مع الولايات المتحدة ولم تُعطي بايدن ما يريد، وهذا أمر جديد.
وأشار إلى أن أردوغان على الرغم من عضوية تركيا في الناتو، ووجود علاقات استراتيجية بين السعودية وأميركا، إلا أننا اليوم نرى علاقات ندية بين تركيا في الإقليم والسعودية في التعامل مع الولايات المتحدة، وهذا الأمر يحدث للمرة الأولى.
وبين أستاذ العلوم السياسية أنه بالنسبة للأتراك، فإنهم فهموا بشكل مؤسسي ضعف توجه إدارة الديمقراطيين برئاسة بايدن باتجاه السياسة الخارجية، وكذلك ضعفه باتجاه السياسة الداخلية، فبدأوا يعظمون مصالحهم على مصالح أميركا، بمعنى أنهم لم يربطوا مصالحهم برؤية الولايات المتحدة، فأصبح لدينا في المنطقة رؤية جديدة من خلال تركيا والسعودية، وهذا الفارق الوحيد في المنطقة.
وتابع: هناك دولتان تنبّهتا لهذا الشأن، واليوم لدينا علاقات استراتيجية بين الروس والأتراك ولدينا انفتاح واضح في شراء الأسلحة من السعودية وهذا قد يؤدي إلى ضعف التواجد الأميركي في المنطقة نتيجة عدم مصداقية الولايات المتحدة مع أوكرانيا، وبالتالي الجميع بدأوا يبحثون عن مصالحهم وحدهم دون الرؤية الأميركية.
يُذكر أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، التقى الجمعة، نظيره الروسي فلاديمير بوتين، ضمن زيارة عمل إلى مدينة سوتشي الروسية، وذلك بعد 3 أسابيع من اجتماعهما في العاصمة الإيرانية طهران.
وقال أردوغان إن اجتماعه الثنائي الأخير مع بوتين “مهم للغاية من حيث إبراز الدور الذي تلعبه تركيا وروسيا في المنطقة”.
وأضاف أن الاجتماع تناول “العديد من القضايا في مجالات السياسة والاقتصاد والتجارة، وأنا واثق أنها ستفتح صفحة مختلفة للغاية للعلاقات التركية ـ الروسية”.
وشدد الرئيس التركي على أهمية مسألة مفاعل أق قويو النووي جنوبي تركيا، مبينا أن اتخاذ قرار بشأن المحطة اليوم سيقطع الطريق أمام أي تأخير؛ لأن تحقيق الجدول الزمني المحدد بهذا الخصوص مهم للغاية، علما أن محطة أق قويو النووية ستلبي 10 بالمئة من حاجة تركيا للطاقة.
وخلال الاجتماع الثنائي، اتفق الزعيمان على أن تركيا ستبدأ دفع جزء من أموال استيراد الغاز الروسي بالروبل.
وعلى إثر ذلك، نقلت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، توقعات بشأن احتمال فرض الدول الغربية عقوبات اقتصادية على تركيا، بسبب تقاربها مع روسيا.
وكانت روسيا وأوكرانيا قد وقعتا اتفاقية بوساطة تركيا ورعاية الأمم المتحدة في إسطنبول، مؤخرا، لتأمين تصدير الحبوب الأوكرانية العالقة من موانئ البحر الأسود.
ورأى مراقبون أن التقارب الروسي التركي الملحوظ مؤخرا يطوي في ثناياه مصالح اقتصادية وسياسية بين البلدين في عدة ملفات من جهة، كما يعكس “حنكة” الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في استغلال الظروف الحالية لمصلحة بلاده من جهة أخرى.
وأشار خبراء في الشأن السياسي إلى أن أردوغان يسعى لوضع تركيا في نقطة جاذبة للجميع، خصوصا مَن تُفرض عليهم عقوبات، والوصول إلى “صفر خلافات” مع كثير من الدول.
وأضاف الخبراء أن المنطقة تشهد رؤية جديدة من خلال تركيا والسعودية، بعيدا عن الرؤية الأميركية، ما من شأنه إضعاف التواجد الأميركي؛ نتيجة عدم مصداقية الولايات المتحدة مع أوكرانيا.
السبايلة: العلاقات التركية الروسية أقرب لزواج المصالح
بدوره، قال المحلل السياسي الدكتور عامر السبايلة إن التقارب التركي الروسي هو أقرب ما يكون لفكرة زواج المصالح الاضطراري للطرفين منذ بدء الأزمة في سوريا ووصول الأمور إلى شبه مواجهة بين الطرفين، بعد إسقاط تركيا طائرة روسية في سوريا.
وتابع السبايلة في حديثه لـ”الغد”، أنه بعد ذلك، حدث الانتقال إلى بدء عملية تفاهم، بالرغم من تضارب المصالح والمواجهات في كثير من المحطات، سواء فيما يتعلق بوسط آسيا، أو أذربيجان وأرمينيا، أو سوريا، أو حتى الموقف من أوكرانيا، فمن الواضح أن هناك مواقف متباينة لتركيا مع روسيا، لكن هناك حالة اضطرارية لهذه العلاقة تفرضها كل التطورات التي حدثت مؤخرا، في ظل العامل الجغرافي ورغبة روسيا أيضا بالاسثمار في تركيا أكثر بالرغم من هذه الاختلافات.
وبين أن العوامل الأساسية التي أدت إلى التقارب التركي الروسي تتمثل بأن تركيا في لحظة معينة كانت تعيش حالة تبتعد فيها عن محور حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة، ودخلت في عدة محطات ومواجهات؛ بما في ذلك التصعيد السياسي في فترة معينة مع أوروبا، مسألة اللاجئين السوريين، فكان هناك استثمار روسي لهذه اللحظة في محاولة لبناء علاقات اقتصادية بين الطرفين وتحويل خط الغاز (السيل الجنوبي) إلى فكرة السيل التركي والاستثمار في تركيا بالنسبة لروسيا.
وأكد السبايلة أن هناك حاجة اقتصادية للطرفين ورغبة بتفاهم اقتصادي، لكن في النهاية هناك خلافات سياسية، ففي لحظة معينة تتحول تركيا اليوم إلى نقطة جاذبة بالنسبة لروسيا تتحدث من خلالها مع حلف شمال أطلسي، وتتحدث من خلالها عن تفاهمات تحاول عن طريقها إبطال توجهات لتركيا؛ مثل الدخول في شمال شرق سوريا، والتصعيد في وسط آسيا، والموقف التركي من أوكرانيا.
وأضاف: هناك تبادل اقتصادي مهم، وتركيا تعتبر أن قوتها اليوم بأن تكون في مكان جاذب للجميع، خصوصا مَن تُفرض عليهم عقوبات، وبالتالي هي تحاول أن تستفيد اقتصاديا من كل ما يجري، وتحاول أن تضع نفسها في النهاية في نقطة جاذبة للجميع وأن تُحوّل نفسها بعد سنوات من التصعيد مع كثير من الدول إلى “صفر خلافات” ونقطة جاذبة للجميع للاستفادة الاقتصادية؛ لهذا لا يمكن فقط الاعتقاد بأن العلاقة الروسية التركية هي التي تُعول عليها تركيا.
القطاطشة: أردوغان يمتلك براعة سياسية في عدة قضايا
من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأردنية والنائب الأسبق الدكتور محمد القطاطشة إن تركيا كدولة في الإقليم استطاعت أن ترتبط بعلاقات ممتازة مع الولايات المتحدة الأميركية ومع روسيا، بمعنى أنها تحاول تعظيم فوائدها الاستراتيجية من الطرفين.
وأضاف القطاطشة لـ”الغد”: أعتقد أن هذه براعة سياسية من أردوغان، خصوصا في دخوله الأخير باتفاقية تصدير الحبوب، وكذلك في بعض القضايا المتعلقة بسوريا.
وتابع: هناك 3 دول جوار جغرافي للعالم العربي في الإقليم؛ وهي تركيا وإيران و”إسرائيل”، واليوم هناك عداوة بين الطرف الإيراني والولايات المتحدة، وعداوة بين الطرف الإسرائيلي وروسيا، لكن الطرف الوحيد في الإقليم الذي يشتبك مع الطرفين بشكل إيجابي هو تركيا.
ورأى أن ضعف الإدارة الأميركية- خصوصا في قضايا السياسة الخارجية- كان عاملا أساسيا في التقارب الروسي التركي، فاليوم لم يعد لدينا ثقة كبيرة بالسياسة الخارجية الأميركية، لا سيما بعد انهزامها من أفغانستان مؤخرا، وكذلك خسارتها في العراق وتسليم البلاد إلى النظام الإيراني.
وأضاف القطاطشة: بعد إزاحة النظام العراقي (نظام صدام حسين) والمجيء بالنظام الإيراني للسيطرة على بغداد، من خلال الحشد الشيعي وهو جيش إيراني تابع للحرس الثوري الإيراني، يبدو أن العالم العربي والسعودية فهموا ذلك، فالسعودية اليوم تقريبا لديها ندية مع الولايات المتحدة ولم تُعطي بايدن ما يريد، وهذا أمر جديد.
وأشار إلى أن أردوغان على الرغم من عضوية تركيا في الناتو، ووجود علاقات استراتيجية بين السعودية وأميركا، إلا أننا اليوم نرى علاقات ندية بين تركيا في الإقليم والسعودية في التعامل مع الولايات المتحدة، وهذا الأمر يحدث للمرة الأولى.
وبين أستاذ العلوم السياسية أنه بالنسبة للأتراك، فإنهم فهموا بشكل مؤسسي ضعف توجه إدارة الديمقراطيين برئاسة بايدن باتجاه السياسة الخارجية، وكذلك ضعفه باتجاه السياسة الداخلية، فبدأوا يعظمون مصالحهم على مصالح أميركا، بمعنى أنهم لم يربطوا مصالحهم برؤية الولايات المتحدة، فأصبح لدينا في المنطقة رؤية جديدة من خلال تركيا والسعودية، وهذا الفارق الوحيد في المنطقة.
وتابع: هناك دولتان تنبّهتا لهذا الشأن، واليوم لدينا علاقات استراتيجية بين الروس والأتراك ولدينا انفتاح واضح في شراء الأسلحة من السعودية وهذا قد يؤدي إلى ضعف التواجد الأميركي في المنطقة نتيجة عدم مصداقية الولايات المتحدة مع أوكرانيا، وبالتالي الجميع بدأوا يبحثون عن مصالحهم وحدهم دون الرؤية الأميركية.
يُذكر أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، التقى الجمعة، نظيره الروسي فلاديمير بوتين، ضمن زيارة عمل إلى مدينة سوتشي الروسية، وذلك بعد 3 أسابيع من اجتماعهما في العاصمة الإيرانية طهران.
وقال أردوغان إن اجتماعه الثنائي الأخير مع بوتين “مهم للغاية من حيث إبراز الدور الذي تلعبه تركيا وروسيا في المنطقة”.
وأضاف أن الاجتماع تناول “العديد من القضايا في مجالات السياسة والاقتصاد والتجارة، وأنا واثق أنها ستفتح صفحة مختلفة للغاية للعلاقات التركية ـ الروسية”.
وشدد الرئيس التركي على أهمية مسألة مفاعل أق قويو النووي جنوبي تركيا، مبينا أن اتخاذ قرار بشأن المحطة اليوم سيقطع الطريق أمام أي تأخير؛ لأن تحقيق الجدول الزمني المحدد بهذا الخصوص مهم للغاية، علما أن محطة أق قويو النووية ستلبي 10 بالمئة من حاجة تركيا للطاقة.
وخلال الاجتماع الثنائي، اتفق الزعيمان على أن تركيا ستبدأ دفع جزء من أموال استيراد الغاز الروسي بالروبل.
وعلى إثر ذلك، نقلت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، توقعات بشأن احتمال فرض الدول الغربية عقوبات اقتصادية على تركيا، بسبب تقاربها مع روسيا.
وكانت روسيا وأوكرانيا قد وقعتا اتفاقية بوساطة تركيا ورعاية الأمم المتحدة في إسطنبول، مؤخرا، لتأمين تصدير الحبوب الأوكرانية العالقة من موانئ البحر الأسود.