دمج “التربية” و”التعليم العالي”.. تاريخ من الإخفاق أمام الوزير الجديد
صوت الحق -
يعتبر وزير التربية والتعليم ووزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور عزمي محافظة أن أحد أهم أولوياته، هو إعادة هيكلة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، بما ينسجم مع خطة تحديث القطاع العام ورؤية التحديث الاقتصادي، فهل يتمكن محافظة من تنفيذ هذه الأولوية بطريقة ناجحة تسهم في تطوير القطاعين؟
وهل تنجح عملية دمج الوزارتين في ظل تساؤلات عديدة من خبراء عن جدوى عملية الدمج إن كانت لتحسين الأداء أم لتوفير النفقات في ظل عدم نجاح تجربة أن يحمل وزير واحد الحقيبتين معا.
وبحسب خطة الحكومة لتحديث القطاع العام، فإنها تعمل على إنشاء وزارة للتربية وتنمية الموارد البشرية عن طريق دمج وزارتي التعليم العالي والبحث العلمي والتربية والتعليم، وان تنجز هذه الوزارة بين العامين 2022-2024.
محافظة كان بين في تصريحات سابقة لـ”الغد” أن تطبيق خطة تحديث القطاع العام تتسم بالتدريج، وتخضع للتقييم والمراجعة والتعديل حسب التجربة والتغذية الراجعة.
وبالعودة الى التاريخ فان تجربة تولي وزير واحد لحقيبتي التربية والتعليم والتعليم العالي لم تحقق نجاحا، وكانت الحكومات تعود الى فصل الحقيبتين بعد أن يكتشف من يتولاهما أن وزارة التربية والتعليم وحدها عبء ثقيل تستهلك معظم وقته.
وكان محافظة تولى حقيبة التربية والتعليم في حكومة الدكتور عمر الرزاز في 14 / 6 / 2018 فيما كان الدكتور عادل الطويسي يتولى حقيبة التعليم العالي والبحث العلمي، ثم أجرى الرزاز تعديلا على حكومته، حيث صدرت الارادة بتعيين محافظة وزيرا للتربية والتعليم، والتعليم العالي والبحث العلمي في 11 / 10 / 2018 وقبلت استقالته في 1 / 11 / 2018 بعد حادثة البحر الميت، لتكون الفترة التي تولى فيها الحقيبتين معا 20 يوما فقط.
وبعد ذلك، تولى الدكتور وليد المعاني الحقيبتين وقدم خطة لدمج الوزارتين لكنه تراجع عن الدمج لاعتبارات عديدة.
وأعاد الرزاز فصل الحقيبتين في آخر تعديل على حكومته حين تولى الدكتور محيي الدين توق وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، والدكتور تيسير النعيمي وزارة التربية والتعليم.
وعند تشكيل الدكتور بشر الخصاونة حكومته، آثر الفصل بين الحقيبتين، اذ تولى الدكتور تيسير النعيمي حقيبة التربية فيما حمل الدكتور محمد ابو قديس حقيبة التعليم العالي والبحث العلمي، ثم تولى ابو قديس الحقيبتين معا، وبعد ذلك حمل الدكتور وجيه عويس الحقيبتين معا، وكان سبق أن تولاهما في فترة سابقة.
ولعل جميع الوزراء الذين تولوا الحقيبتين معا، باستثاء محافظة، توصلوا لاستنتاج بأن الدمج لا يحسن الأداء ولا يوفر النفقات، وبالتالي فإن عملية الدمج غير مفيدة للقطاعين بل ستؤدي الى ازدياد مشاكلهما وتراجع الأداء فيهما.
ولم يكن الدكتور وجيه عويس، الذي كان يحمل الحقيبتين، عضوا في اللجنة التي أعدت خطة تحديث القطاع العام، كما لم تتم استشارة أي من الوزراء الذين سبق وأن حملوا الحقيبتين.
وهنا يبرز السؤال حول وزارة التعليم العالي والبحث العلمي التي تم استحداثها العام 1987 في ظل وجود أربع جامعات رسمية فقط (الأردنية، مؤتة، اليرموك، العلوم والتكنولوجيا) ولم تكن في البلاد اي جامعة خاصة ولم تكن هناك حاجة لإنشائها، فهل أصبحت الحاجة لها ضرورية الآن في ظل وجود 32 جامعة رسمية وخاصة، وفي ظل تفاقم مديونية وعجز الجامعات وتراجع جودة التعليم العالي، وكذلك تراجع مستوى التعليم العام، وهو ما تؤكده الاختبارات الدولية؟
وهل من الممكن فعلا الاكتفاء بدور مجلس التعليم العالي كما كان الوضع قبل العام 1987، وهل الإبقاء على هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي وضمان جودتها يكفي في ظل ضعف أدوات الرقابة على الجامعات الرسمية؟
فالجامعات الرسمية تعاني مشاكل إدارية، وكذلك في تنفيذ عمليات القبول والتسجيل، فضلا عن عديد الملاحظات على التعيينات فيها، وفي ظل فتح اختصاصات جديدة من دون وجود كفاءات لتدريس هذه الاختصاصات، فهل ستسهم عملية الدمج في حل هذه المشاكل أم ستفاقمها؟
وإذا نظرنا إلى دول متقدمة مثل بريطانيا التي تخصص وزير دولة للتعليم قبل المدرسي فقط، فهل سيكون من المجدي ان يكون هناك وزير واحد يتولى وزارة تشرف وحدها على جميع المراحل من الحضانة حتى مرحلة الدكتوراة وما بعدها؟
إن خطة تحديث القطاع العام التي تضمنت دمج وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي في وزارة واحدة اسمها (وزارة التربية وتنمية والموارد البشرية) مع إضافة ملفات كانت تتولاها وزارتا التنمية الاجتماعية والعمل، وعند إعلان كل خطة حكومية لتطوير التعليم العام والعالي في البلاد لا تصمد مثل هذه الخطط امام سؤال: هل التعليم أولوية لدى الدولة؟
وهل ترى الدولة أن مفتاح معالجة المشاكل الاقتصادية والنهوض بالاقتصاد الوطني هو التعليم الجيد والعمل على إصلاحه؟
إن إجابة هذه الأسئلة تجعل كل الخطط الحكومية في مهب ريح انخفاض نسبة الإنفاق من الناتج المحلي الاجمالي على التعليم إلى النصف؛ إذ إنها كانت لم تزد على 7 % في التسعينيات، ولتصبح اقل من 4 % في السنوات الأخيرة.
وكان خبراء تربيون وأكاديميون انتقدوا في تقرير نشرته “الغد” ما ورد في محور التربية والتعليم العالي، في خطة تحديث القطاع العام التي أعلنتها الحكومة، وتضمنت إنشاء وزارة للتربية وتنمية الموارد البشرية من خلال دمج وزارتي التعليم العالي والبحث العلمي والتربية والتعليم.
وتساءلوا وقتها عن إمكانية تنفيذ عملية الدمج، وما هي القيمة المضافة له، مؤكدين أن التطوير والتحديث في حال وجود إرادة حقيقية يمكن تحقيقه سواء مع الدمج أو بدونه.
واستغربوا إضافة أعباء جديدة على وزارة مثقلة بالأعباء أصلا، متسائلين عن غياب أي إجراء لدمج الهيئات المستقلة أو الوزارات التي تحتاج أصلا إلى دمج أو إلغاء.
ويرى خبراء أكاديميون وتربيون أن عملية دمج وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي لا يمكن أن تنجح في الأردن في ظل المركزية الشديدة في البلاد، والأعباء الكبيرة الملقاة على كاهل الوزير.
وتساءلوا: ما الهدف من الدمج؟ هل هو توفيري أم ترشيقي أم تنظيمي؟، مؤكدين أنه لا يمكن التوفير أو ترشيق الجهاز في الوزارتين في ظل عدم القدرة على الاستغناء عن أي موظف، وكذلك لا يمكن إحداث فرق تنظيمي في ظل عدم قدرة أي وزير على إدارة الوزارتين معا، في ظل الأعباء الملقاة على كاهل الوزير ومركزية القرار في يد الوزير.
وزير التربية والتعليم وزير التعليم العالي والبحث العلمي الأسبق الدكتور وليد المعاني، والذي قدم مشروعا لدمج الوزارتين حين توليه الحقيبتين في عهد حكومة الدكتور عمر الرزاز، أشار الى انه قدم مشروع دمج مستلهم من النموذج الفنلندي، تضمن وجود مجلسين أحدهما للتعليم العالي وآخر للتربية، وأربعة أمناء عامين: الأول إداري ومالي، والثاني للتربية، والثالث للتعليم العالي، والرابع للتعليم التقني.
وتضمن المشروع، حسب المعاني، أن يكون الاكتفاء بمبنى واحد للوزارتين في ظل تباعد المباني وصعوبة الوصول إليها وتعددها.
وأكد المعاني أنه مع تقديمه للمشروع الشمولي، نصح خطيا بعدم اللجوء لدمج الوزارتين؛ لأن الوزير في الأردن لا يستطيع أن يدير وزارتين: فهو مشغول بجلسات مجلس الوزراء ولجانه العديدة، وجلسات مجلسي النواب والأعيان، وفي ظل رئاسته لإدارة صندوق البحث العلمي وعضويته في العديد من اللجان والمجالس لا سيما وأن القوانين الأردنية تركز كل الصلاحيات والمهام بيد الوزير، ومنها الأعمال الروتينية اليومية.
وأشار الى انه، وفي ظل وجود أمين عام للوزارات لا يدوم، ومع إشراف وزارة التربية والتعليم على التعليم المدرسي وما قبل المدرسي بعد أن أصبح التعليم في الروضة أساسيا ويحتاج إلى التجهيز لتطبيقه، ومع وجود 140 ألف موظف في وزارة التربية وحدها، ومع كل الأعباء الملقاة على عاتق الوزير “فلا يمكن في الأردن ومن الصعوبة بمكان إدارة وزارتين، فالوزير لا يستطيع ادارة الوزارتين مع أني قدمت مقترحا بدمج قانوني الوزارتين”.
وفضل المعاني إبقاء الأمور على ما هي عليه الآن بوجود وزارتين، مبررا ذلك بأنه “لن توفر مبالغ لأنك لن تستطيع الاستغناء عن أي موظف، والدمج غير عملي، وما هو الهدف من ذلك، توفيري أم تنظيمي؟”
وتساءل: “لماذا الدمج أصلا؟ وما هي غايته؟ وما الفائدة المرجوة منه ؟”.
وقال: “لا شك أن مثل هذا المشروع ينجح في فنلندا لأن عدد سكانها قليل والوعي المجتمعي يختلف عن مجتمعنا، فبعد الصف العاشر يوجد مجتمع متناسق المعلومة، فالدولة تعرف ما تريد، والمواطن كذلك، وليست الأكاديميا كل شيء عنده، وهو ليس مجتمعا لا يقدر التعليم التقني بسبب سياسات وقرارات حكومية سابقة متراكمة، فالحل لا يكون بتجميع التعليم مع التعليم العالي والتقني والمهني”.
ووفق الخطة التي أطلقتها الحكومة، فإنه من المقرر أن يتم إنجاز إنشاء هذه الوزارة خلال الفترة بين عامي 2022-2024.
وفي قطاع الحضانات ومراكز المنار التعليمية، ستعمل الخطة على نقل مهام الحضانات وهذه المراكز من وزارة التنمية الاجتماعية إلى وزارة التربية وتنمية الموارد البشرية، في فترة زمنية محددة للعامين 2022-2023.
وفي الأعوام 2022-2023-2024، ستعمل الخطة على دمج هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي وهيئة تنمية وتطوير المهارات الفنية والتقنية في هيئة واحدة ذات استقلال مالي وإداري يترأسها وزير التربية وتنمية الموارد البشرية.
ومن المقرر أن تعمل الخطة على نقل مهام تطوير المناهج (إدارة المناهج) من وزارة التربية والتعليم إلى المركز الوطني لتطوير المناهج بين عامي (2022-2024)، إضافة إلى نقل مهام مؤسسة التدريب المهني والتقني إلى وزارة التربية.
وتعد المديونية المرتفعة أكبر مشاكل الجامعات، حيث لا توجد سوى جامعتين حكوميتين فقط من دون ديون.
ووفق آخر إحصائيات التعليم العالي، بلغت مديونية 8 جامعات رسمية 173 مليون دينار، 7 جامعات منها مدينة للبنوك بنحو 66 مليونا، وتدفع كل جامعة نحو مليونين فوائد لهذه البنوك.
من جانب آخر فإن للجامعات ديونا على مؤسسات الدولة بمبلغ يصل إلى نحو 107 ملايين دينار، جزء منها مستحقات على الجهات المبتعثة.
الغد
وهل تنجح عملية دمج الوزارتين في ظل تساؤلات عديدة من خبراء عن جدوى عملية الدمج إن كانت لتحسين الأداء أم لتوفير النفقات في ظل عدم نجاح تجربة أن يحمل وزير واحد الحقيبتين معا.
وبحسب خطة الحكومة لتحديث القطاع العام، فإنها تعمل على إنشاء وزارة للتربية وتنمية الموارد البشرية عن طريق دمج وزارتي التعليم العالي والبحث العلمي والتربية والتعليم، وان تنجز هذه الوزارة بين العامين 2022-2024.
محافظة كان بين في تصريحات سابقة لـ”الغد” أن تطبيق خطة تحديث القطاع العام تتسم بالتدريج، وتخضع للتقييم والمراجعة والتعديل حسب التجربة والتغذية الراجعة.
وبالعودة الى التاريخ فان تجربة تولي وزير واحد لحقيبتي التربية والتعليم والتعليم العالي لم تحقق نجاحا، وكانت الحكومات تعود الى فصل الحقيبتين بعد أن يكتشف من يتولاهما أن وزارة التربية والتعليم وحدها عبء ثقيل تستهلك معظم وقته.
وكان محافظة تولى حقيبة التربية والتعليم في حكومة الدكتور عمر الرزاز في 14 / 6 / 2018 فيما كان الدكتور عادل الطويسي يتولى حقيبة التعليم العالي والبحث العلمي، ثم أجرى الرزاز تعديلا على حكومته، حيث صدرت الارادة بتعيين محافظة وزيرا للتربية والتعليم، والتعليم العالي والبحث العلمي في 11 / 10 / 2018 وقبلت استقالته في 1 / 11 / 2018 بعد حادثة البحر الميت، لتكون الفترة التي تولى فيها الحقيبتين معا 20 يوما فقط.
وبعد ذلك، تولى الدكتور وليد المعاني الحقيبتين وقدم خطة لدمج الوزارتين لكنه تراجع عن الدمج لاعتبارات عديدة.
وأعاد الرزاز فصل الحقيبتين في آخر تعديل على حكومته حين تولى الدكتور محيي الدين توق وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، والدكتور تيسير النعيمي وزارة التربية والتعليم.
وعند تشكيل الدكتور بشر الخصاونة حكومته، آثر الفصل بين الحقيبتين، اذ تولى الدكتور تيسير النعيمي حقيبة التربية فيما حمل الدكتور محمد ابو قديس حقيبة التعليم العالي والبحث العلمي، ثم تولى ابو قديس الحقيبتين معا، وبعد ذلك حمل الدكتور وجيه عويس الحقيبتين معا، وكان سبق أن تولاهما في فترة سابقة.
ولعل جميع الوزراء الذين تولوا الحقيبتين معا، باستثاء محافظة، توصلوا لاستنتاج بأن الدمج لا يحسن الأداء ولا يوفر النفقات، وبالتالي فإن عملية الدمج غير مفيدة للقطاعين بل ستؤدي الى ازدياد مشاكلهما وتراجع الأداء فيهما.
ولم يكن الدكتور وجيه عويس، الذي كان يحمل الحقيبتين، عضوا في اللجنة التي أعدت خطة تحديث القطاع العام، كما لم تتم استشارة أي من الوزراء الذين سبق وأن حملوا الحقيبتين.
وهنا يبرز السؤال حول وزارة التعليم العالي والبحث العلمي التي تم استحداثها العام 1987 في ظل وجود أربع جامعات رسمية فقط (الأردنية، مؤتة، اليرموك، العلوم والتكنولوجيا) ولم تكن في البلاد اي جامعة خاصة ولم تكن هناك حاجة لإنشائها، فهل أصبحت الحاجة لها ضرورية الآن في ظل وجود 32 جامعة رسمية وخاصة، وفي ظل تفاقم مديونية وعجز الجامعات وتراجع جودة التعليم العالي، وكذلك تراجع مستوى التعليم العام، وهو ما تؤكده الاختبارات الدولية؟
وهل من الممكن فعلا الاكتفاء بدور مجلس التعليم العالي كما كان الوضع قبل العام 1987، وهل الإبقاء على هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي وضمان جودتها يكفي في ظل ضعف أدوات الرقابة على الجامعات الرسمية؟
فالجامعات الرسمية تعاني مشاكل إدارية، وكذلك في تنفيذ عمليات القبول والتسجيل، فضلا عن عديد الملاحظات على التعيينات فيها، وفي ظل فتح اختصاصات جديدة من دون وجود كفاءات لتدريس هذه الاختصاصات، فهل ستسهم عملية الدمج في حل هذه المشاكل أم ستفاقمها؟
وإذا نظرنا إلى دول متقدمة مثل بريطانيا التي تخصص وزير دولة للتعليم قبل المدرسي فقط، فهل سيكون من المجدي ان يكون هناك وزير واحد يتولى وزارة تشرف وحدها على جميع المراحل من الحضانة حتى مرحلة الدكتوراة وما بعدها؟
إن خطة تحديث القطاع العام التي تضمنت دمج وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي في وزارة واحدة اسمها (وزارة التربية وتنمية والموارد البشرية) مع إضافة ملفات كانت تتولاها وزارتا التنمية الاجتماعية والعمل، وعند إعلان كل خطة حكومية لتطوير التعليم العام والعالي في البلاد لا تصمد مثل هذه الخطط امام سؤال: هل التعليم أولوية لدى الدولة؟
وهل ترى الدولة أن مفتاح معالجة المشاكل الاقتصادية والنهوض بالاقتصاد الوطني هو التعليم الجيد والعمل على إصلاحه؟
إن إجابة هذه الأسئلة تجعل كل الخطط الحكومية في مهب ريح انخفاض نسبة الإنفاق من الناتج المحلي الاجمالي على التعليم إلى النصف؛ إذ إنها كانت لم تزد على 7 % في التسعينيات، ولتصبح اقل من 4 % في السنوات الأخيرة.
وكان خبراء تربيون وأكاديميون انتقدوا في تقرير نشرته “الغد” ما ورد في محور التربية والتعليم العالي، في خطة تحديث القطاع العام التي أعلنتها الحكومة، وتضمنت إنشاء وزارة للتربية وتنمية الموارد البشرية من خلال دمج وزارتي التعليم العالي والبحث العلمي والتربية والتعليم.
وتساءلوا وقتها عن إمكانية تنفيذ عملية الدمج، وما هي القيمة المضافة له، مؤكدين أن التطوير والتحديث في حال وجود إرادة حقيقية يمكن تحقيقه سواء مع الدمج أو بدونه.
واستغربوا إضافة أعباء جديدة على وزارة مثقلة بالأعباء أصلا، متسائلين عن غياب أي إجراء لدمج الهيئات المستقلة أو الوزارات التي تحتاج أصلا إلى دمج أو إلغاء.
ويرى خبراء أكاديميون وتربيون أن عملية دمج وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي لا يمكن أن تنجح في الأردن في ظل المركزية الشديدة في البلاد، والأعباء الكبيرة الملقاة على كاهل الوزير.
وتساءلوا: ما الهدف من الدمج؟ هل هو توفيري أم ترشيقي أم تنظيمي؟، مؤكدين أنه لا يمكن التوفير أو ترشيق الجهاز في الوزارتين في ظل عدم القدرة على الاستغناء عن أي موظف، وكذلك لا يمكن إحداث فرق تنظيمي في ظل عدم قدرة أي وزير على إدارة الوزارتين معا، في ظل الأعباء الملقاة على كاهل الوزير ومركزية القرار في يد الوزير.
وزير التربية والتعليم وزير التعليم العالي والبحث العلمي الأسبق الدكتور وليد المعاني، والذي قدم مشروعا لدمج الوزارتين حين توليه الحقيبتين في عهد حكومة الدكتور عمر الرزاز، أشار الى انه قدم مشروع دمج مستلهم من النموذج الفنلندي، تضمن وجود مجلسين أحدهما للتعليم العالي وآخر للتربية، وأربعة أمناء عامين: الأول إداري ومالي، والثاني للتربية، والثالث للتعليم العالي، والرابع للتعليم التقني.
وتضمن المشروع، حسب المعاني، أن يكون الاكتفاء بمبنى واحد للوزارتين في ظل تباعد المباني وصعوبة الوصول إليها وتعددها.
وأكد المعاني أنه مع تقديمه للمشروع الشمولي، نصح خطيا بعدم اللجوء لدمج الوزارتين؛ لأن الوزير في الأردن لا يستطيع أن يدير وزارتين: فهو مشغول بجلسات مجلس الوزراء ولجانه العديدة، وجلسات مجلسي النواب والأعيان، وفي ظل رئاسته لإدارة صندوق البحث العلمي وعضويته في العديد من اللجان والمجالس لا سيما وأن القوانين الأردنية تركز كل الصلاحيات والمهام بيد الوزير، ومنها الأعمال الروتينية اليومية.
وأشار الى انه، وفي ظل وجود أمين عام للوزارات لا يدوم، ومع إشراف وزارة التربية والتعليم على التعليم المدرسي وما قبل المدرسي بعد أن أصبح التعليم في الروضة أساسيا ويحتاج إلى التجهيز لتطبيقه، ومع وجود 140 ألف موظف في وزارة التربية وحدها، ومع كل الأعباء الملقاة على عاتق الوزير “فلا يمكن في الأردن ومن الصعوبة بمكان إدارة وزارتين، فالوزير لا يستطيع ادارة الوزارتين مع أني قدمت مقترحا بدمج قانوني الوزارتين”.
وفضل المعاني إبقاء الأمور على ما هي عليه الآن بوجود وزارتين، مبررا ذلك بأنه “لن توفر مبالغ لأنك لن تستطيع الاستغناء عن أي موظف، والدمج غير عملي، وما هو الهدف من ذلك، توفيري أم تنظيمي؟”
وتساءل: “لماذا الدمج أصلا؟ وما هي غايته؟ وما الفائدة المرجوة منه ؟”.
وقال: “لا شك أن مثل هذا المشروع ينجح في فنلندا لأن عدد سكانها قليل والوعي المجتمعي يختلف عن مجتمعنا، فبعد الصف العاشر يوجد مجتمع متناسق المعلومة، فالدولة تعرف ما تريد، والمواطن كذلك، وليست الأكاديميا كل شيء عنده، وهو ليس مجتمعا لا يقدر التعليم التقني بسبب سياسات وقرارات حكومية سابقة متراكمة، فالحل لا يكون بتجميع التعليم مع التعليم العالي والتقني والمهني”.
ووفق الخطة التي أطلقتها الحكومة، فإنه من المقرر أن يتم إنجاز إنشاء هذه الوزارة خلال الفترة بين عامي 2022-2024.
وفي قطاع الحضانات ومراكز المنار التعليمية، ستعمل الخطة على نقل مهام الحضانات وهذه المراكز من وزارة التنمية الاجتماعية إلى وزارة التربية وتنمية الموارد البشرية، في فترة زمنية محددة للعامين 2022-2023.
وفي الأعوام 2022-2023-2024، ستعمل الخطة على دمج هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي وهيئة تنمية وتطوير المهارات الفنية والتقنية في هيئة واحدة ذات استقلال مالي وإداري يترأسها وزير التربية وتنمية الموارد البشرية.
ومن المقرر أن تعمل الخطة على نقل مهام تطوير المناهج (إدارة المناهج) من وزارة التربية والتعليم إلى المركز الوطني لتطوير المناهج بين عامي (2022-2024)، إضافة إلى نقل مهام مؤسسة التدريب المهني والتقني إلى وزارة التربية.
وتعد المديونية المرتفعة أكبر مشاكل الجامعات، حيث لا توجد سوى جامعتين حكوميتين فقط من دون ديون.
ووفق آخر إحصائيات التعليم العالي، بلغت مديونية 8 جامعات رسمية 173 مليون دينار، 7 جامعات منها مدينة للبنوك بنحو 66 مليونا، وتدفع كل جامعة نحو مليونين فوائد لهذه البنوك.
من جانب آخر فإن للجامعات ديونا على مؤسسات الدولة بمبلغ يصل إلى نحو 107 ملايين دينار، جزء منها مستحقات على الجهات المبتعثة.
الغد