محاكمة الاحتلال بـ”العدل الدولية”.. انتصار لعدالة القضية الفلسطينية

{title}
صوت الحق - فتح قرار أممي غير مسبوق حقبة جديدة لمساءلة الاحتلال الإسرائيلي ومُحاكمته في محكمة العدل الدولية على احتلاله المستمر للضفة الغربية وجرائمه المُرتكبة بحق الشعب الفلسطيني، وصولا لفرض العقوبات والمقاطعات، ما لم تتدخل أطراف خارجية لإنقاذه، مما يشكل انتصارا دوليا وازنا لعدالة القضية الفلسطينية.

القرار التاريخي الصادر عن أعلى هيئة قضائية دولية، أوجد حالة قلق وارباك شديدين داخل الكيان الإسرائيلي، الذي قد يقترب فعليا من خطوة أممّية وشيكة لمحاكمته أمام المحكمة الدولية، بدون الاكتفاء بذلك، إذ ربما توصي أيضا الأمم المتحدة بكيفية التعامل مع الاحتلال، عبر إجراءات تنفيذية وفرض العقوبات والمقاطعات عليه، بما يشكل تحدياً خطيراً بالنسبة إليه.

وقد عكست سلطات الاحتلال حالة القلق التي تعتريها في تهديد الجانب الفلسطيني بالرد العنيف على توجههم للأمم المتحدة، إلى جانب تصعيد عدوانها لقمع الغضب الفلسطيني العارم، والذي كان سببا وجيها في تصويت الأمم المتحدة، أول أمس، لصالح قرار فلسطيني بطلب فتوى قانونية عاجلة ورأيا استشاريا من محكمة العدل الدولية في لاهاي لتحديد أن احتلال الضفة الغربية هو ضم فعلي.

ويكتسب القرار التاريخي لمحكمة العدل الدولية، الذي وصفه الفلسطينيون بالإنجاز الدبلوماسي والقانوني، بإصدار قرار حيال “الماهية القانونية لوجود الاحتلال الإسرائيلي المستمر” في الأراضي الفلسطينية، بما فيها القدس المحتلة، أهمية بالغة لأنه يفتح حقبة جديدة لمساءلة “الكيان الإسرائيلي” وتقديمه للمحاكمة أمام المحكمة على احتلاله وجرائمه المتواصلة ضد الشعب الفلسطيني.

القرار الأممي، الذي صوتت عليه لجنة الأمم المتحدة الخاصة بالمسائل السياسية وإنهاء الاستعمار بأغلبية ساحقة، يعني أن الفلسطينيين يطلبون من المحكمة الدولية أن تقرر أن الاحتلال الإسرائيلي يعدّ حالة دائمة، أي ضّم بحكم الأمر الواقع، وليس مؤقتاً على النحو المنصوص عليه في القرار 242 الصادر عن مجلس الأمن الدولي، والناصّ على انتهاء الاحتلال من خلال مفاوضات وفق صيغة الأرض مقابل السلام.

وتخشى سلطات الاحتلال من إمكانية أن يمنح القرار الأممي الوشيك الشرعية والمنصّة المتقدمة لحركة “BDS”، حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات، والمبادرات العالمية المختلفة الداعية لمقاطعة الكيان الإسرائيلي في العالم، وفق صحيفة “معاريف” الإسرائيلية.

وتضّمن القرار، فقرات تعالج الآثار القانونية الناجمة عن الخرق المستمر من الاحتلال الإسرائيلي لحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني من خلال منظومة الاستعمار، والفصل العنصري القائم على اعتماد تشريعات وتدابير تمييزية، وفي ظل الممارسات والجرائم التي يرتكبها وأدواته المختلفة، وفق وزير الخارجية والمغتربين الفلسطيني، رياض المالكي.

ويتسق ذلك مع الجهود الفلسطينية الحثيثة في المنبر الأمميّ، وفق المالكي، لمواجهة الاحتلال، وجرائمه، وصولا إلى تفكيك المنظومة الاستعمارية، ونظام الابارتهايد، على أرض دولة فلسطين المحتلة، بما فيها القدس، حتى احقاق حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، وعلى رأسها حق تقرير المصير، والاستقلال والعودة للاجئين.

من جانبه؛ أكد رئيس لجنة اللاجئين في المجلس الوطني الفلسطيني، عضو المكتب السياسي لحزب الشعب، وليد العوض، أهمية القرار الأممي، لعدالة قضية الشعب الفلسطيني الذي تعرض للظلم ومصادرة حقوقه على مدار قرن من الزمن.

وأضاف العوض أن هذا النجاح الدبلوماسي يتطلب تكثيف الجهود على مختلف المستويات الاممية وفي كافة المحافل الدولية لمواصلة فضح جرائم الاحتلال والطلب من المجتمع الدولي والأمم المتحدة تنفيذ قراراتها الخاصة بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، عبر انهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين إلى ديارهم طبقاً للقرار 194.

وكانت لجنة المسائل السياسية الخاصة وإنهاء الاستعمار (اللجنة الرابعة) للجمعية العامة للأمم المتحدة صوتت بالإجماع، على أربع قرارات لصالح فلسطين، من ضمنها تمديد ولاية وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، وعدم قانونية المستوطنات، والتي سيتم اعتمادها لاحقاً في الجمعية العامة.

وقال المالكي، إن ذلك يأتي في ظل الانتهاكات الممنهجة التي يرتكبها الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني وحقوقه، وعدم التزامه بالقانون الدولي، مشيراً إلى أن تلك القرارات تؤكد على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها حق تقرير المصير وحق اللاجئين في العودة إلى ديارهم، وعلى رفض المستوطنات باعتبارها غير قانونية.

وقال إن عمليات الاستيطان والتوسع الاستيطاني الاستعماري، وعمليات الإخلاء والتهجير القسري للشعب الفلسطيني من أراضيه وممتلكاته هي جرائم يجب مساءلة ومحاسبة الاحتلال وأدواته المختلفة عليها.

وأدان المالكي كافة الممارسات التي يرتكبها المستوطنون في أرض دولة فلسطين، وضد أبنائها، من أعمال عنف وتدمير ومضايقة واستفزاز وتحريض، داعياً الى تنفيذ قرارات الأمم المتحدة، بما فيها قرارات مجلس الأمن وخاصة القرار 904 (1994) الذي يلزم الاحتلال باتخاذ تدابير تشمل مصادرة السلاح من المستوطنين المستعمرين، ووقف جرائمهم، وضمان الحماية للشعب الفلسطيني.