حكومة اليمين تزيل ورقة التوت الأخيرة للديمقراطية الإسرائيلية

{title}
صوت الحق - – بعد عقود من تباهي دولة الاحتلال الاسرائيلي بأنها الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط، وتمكنت من خلال هذا الادعاء من الحصول على مكاسب جمة من دول العالم وخاصة أميركا وأوروبا، كشر التيار المتطرف عن أنيابه وأزيلت ورقة التوت الساترة للتطرف والعنصرية لتنزوي الديمقراطية الوهمية تحت أقدام التيارات الدينية التي سيطرت على الحكومة الاسرائيلية.
أكثر من 50 عامًا مضت على احتلال غزة والضفة الغربية بالقوة، وها هي إسرائيل تضع في الصدارة متعصبين ومتدينين هدفهم الأول هو توسيع المستوطنات لتكريس الهيمنة اليهودية، الأمر الذي ينطوي على ثمن سياسي ودبلوماسي.
وتؤكد صحيفة لوموند الفرنسية أنه خلال نصف قرن استمر هذا النظام الاستثنائي في التطور وظلت السلطات الإسرائيلية تشجع استيطان الإسرائيليين من الديانة اليهودية داخل هذه الأراضي المحتلة، في انتهاك للقانون الدولي.
ووصفت الصحيفة تشكيلة الحكومة الإسرائيلية الجديدة بأنها الأكثر راديكالية التي يعرفها هذا البلد، مبرزة أن ما حصل يتوج تطورًا غير مسبوق في هذا البلد.
ولفتت الصحيفة الفرنسية في افتتاحيتها أمس إلى أن الأشهر الأخيرة شهدت تنديدات إسرائيلية محمومة باستخدام منظمات حقوق الإنسان مصطلح الفصل العنصري (ابرتهايد) لوصف النظام الذي يخضع له الفلسطينيون، مشيرة إلى أن المعركة ليست لغوية فقط، بالنظر إلى تداعياتها القانونية المحتملة على المحكمة الجنائية الدولية، التي تحقق في الجرائم المرتكبة في هذه المناطق.
فبينما يتم حبس الفلسطينيين في جيوب تخضع “للنوايا الحسنة للمحتل”، تلاحظ لوموند أن الإسرائيليين من ذوي العقيدة اليهودية ينعمون بإطار قانوني خاص بهم يضمن الاستمرارية بين إسرائيل، الدولة المعترف بها من قبل المجتمع الدولي، وهذه الأراضي المحتلة.
وتقول الصحيفة إن حقيقة أن حلفاء إسرائيل استسلموا لها وأن بعض الدول العربية طبّعت علاقاتها معها دون أن يهتز لها جفن لن يغير من الحقيقة الوحشية التي نشأت عن نظام الفصل هذا والذي يتجسد، من بين أمور أخرى، في مصادرة الأراضي والحرمان من حرية التنقل واستخدام العنف غير المتكافئ مع الإفلات التام من العقاب، فانسحاب إسرائيل من غزة لم يمنعها أبدًا من ممارسة ضغوط قاسية على سكانها، كما هو واضح من الحصار اللاإنساني المفروض على هذا القطاع المدمر.
وختمت لوموند افتتاحيتها بالتأكيد على أن استمرار هذه الهيمنة على كامل المساحة الإقليمية الممتدة من البحر الأبيض المتوسط ​​إلى الحدود مع الأردن ينطوي على ثمن سياسي ودبلوماسي، إذ جعل الطابع الديمقراطي لإسرائيل خادعًا، وعليه فإن الحلفاء الغربيين لتل أبيب سيجدون صعوبة في الاختباء وراء ما يروجون له من قيم مشتركة مع إسرائيل لإخفاء إنكارهم للقضية الفلسطينية، كما أن على هؤلاء الحلفاء ألا يتفاجؤوا بعدم اكتراث جزء من العالم، عندما يدعون في مكان آخر إلى احترام حقوق الشعوب.
العديد من المحللين والكتاب والسياسيين حتى من داخل إسرائيل يؤكدون أن الديمقراطية الاسرائيلية زائفة وهي ليست الديمقراطية الوحيدة في منطقة الشرق الاوسط كمات تدعي.
وضمن هذا السياق يقول يلان بابيه وهو أحد المؤرخين الجدد الإسرائيليين المعادين للدّولة الصهيونيّة، وهو ناشطٌ ومفكّر معروف بتوجهاته تلك. في كتابه “عشر أساطير حول إسرائيل”، يدحض بابيه فكرة أنّ إسرائيل هي الدّولة الديمقراطيّة الوحيدة في الشرق الأوسط، بل يقول إنّها ليست ديمقراطيّة على الإطلاق، ويتتبّع ذلك من قبل 1967، وتقسيمها للأرض وتهجير الفلسطينيين، والسجن بلا محاكمة إلخ… ويضيف إنها مادّة فاضحة لدولة استعماريّة استيطانيّة تأكل الفلسطينيين وأرضهم كلّ يوم.
ويؤكد أن تُعدّ إسرائيل، من منظور كثيرٍ من الإسرائيليين وداعميهم دوليّاً -حتى أولئك الذين قد ينتقدون بعضاً من سياسات الدّولة الإسرائيليّة-، دولةً ديمقراطيّة حميدة في نهاية المطاف، دولةً تسعى إلى السّلام مع جيرانها، وتكفلُ المساواة لكافّة مواطنيها.
وقبل عدة أيام صدرت دعوات عديدة في الداخل الاسرائيلي ولجهات مختلفة إلى النزول إلى الشوارع للدفاع عن “الديمقراطية” المهددة، وتصاعدت تلك التحذيرات، مع تشكيل حكومة نتنياهو-سموتريتش-بن غفير.
ويؤكد مطلقوا تلك الدعوات ومن بينهم قضاة واساتذة جامعات وطيارين سابقين، وحتى ممثلين للقطاع التجاري والمصرفي من أن “الديمقراطية” الإسرائيلية باتت في خطر.
ويرى الخائفون على مستقبل “الديمقراطية” والذبن أصدروا بيانات بهذا الخصوص أن التشريعات التي يقرها الائتلاف الفائز في الانتخابات ستؤدي “إلى تدهور حقوق المواطنين وتزيل نظام الضوابط والتوازنات في وجه السلطة الحكومية”، وأن تطبيق هذه التشريعات التي “تنتهك القيم يمكن أن يغيّر بشكل جذري الصورة الأخلاقية لدولة إسرائيل ويضر بها ليس فقط داخلياً ولكن أيضاً في أعين العالم والمؤسسات الدولية والمجتمعات اليهودية في الشتات”. -(وكالات)