تمكين الشباب بين الحقيقة والمبارزات الشعرية

{title}
صوت الحق -

لو اخبرتك بقصة شخص بارع في البناء يقوم يوميا بكتابة نصوص جميلة حول شكل المبنى الذي يتحتم عليه بناءه ويقضي ساعات وأيام على نفس العادة ويتركك تتخيل معه شكل البناء الجميل الذي يخطط له.





ثم ما تلبث وأن تجد بأن البناء لم يتم تشييده ولازال البنّاء يبدع في خط ونسج الكلام الموزون حوله فيا ترى ما الفائدة؟

هذا يتناسب تماما والكلام المزخرف حول تمكين الشباب نظريا ونسيان الشق العملي الحقيقي لا سيّما غير المباشر،لا تكمنٌ فكرةٌ تمكين الشباب في خط الأقلام الجميلة التي تتحدث في كل نص عنها او في كل مقال جميل نستخدم فيه تعابيرا جديدة لتبهر القاريء وكأننا في مبارزة نثرية او مسابقة شعرية. تمكين الشباب هو عندما نقوم أنا وأنت وكلنا يوميا بنشر معرفة عن مهارات نتقنها ويستفيد من هم حولك عندما تنخرط بمجالك بشكل جميل متقن وتنسجم فيه هنا تكون قد حققت البناء المتين بعملية تراكمية حقيقيّة.

مثال على ذلك تمتلك مهارات تقنيّة تساعد الشباب ومن هم حولك خاصة في ظل ثورة تكنولوجية رابعة؟ أو تمتلك القدرة على كبح جماح السلبيّة بداخلك ونشر أمر إيجابي يجعل من حولك يسعى تجاه تغيير حقيقي؟ ربما الأمر الخطير الذي نعيشه يوميا أننا لازلنا نستخدم ذات الشعارات المستهلكة والأدوات القديمة التي لم تعد تواكب جيل الشباب اليوم واعتقدنا أننا في ظل متغيرات متسارعة نستطيع العيش بعقيلة قديمة لا تسمن ولا تغني من جوع.

ما يحتاجه الشباب ليس مسابقات النثر والخطابات الرنانة بل بحاجة لأصحاب همّة منتجين غير منظرين ينشروا المعرفة ولا يحتكروها أصحاب مبادرات شبابية ليس الهدف منها تلميع أصحابها بل مبادرات حقيقية تعطي الشباب بعيدا عن أي تغطية إعلامية نلمس أثرها دون استعراض تلفزيوني بل نجده في مخرجات شبابية تجعلنا نتسائل من أي اكتسبت هذه المعرفة؟ فيكون الجواب المبادرة الفلانية الجامعة الفلانية عندها تكون قد نجحت حقا في التمكين الشبابي والذي سينكعس مباشرة على التمكين السياسي والذي لن يكون حكرا على المنظرين أو دارسي العلوم الساسيّة.