نتائج إنتخابات البرلمان الأوروبي

{title}
صوت الحق - البرلمان الأوروبي هو الذراع التشريعي للاتحاد الأوروبي وهذا البرلمان يستمد شرعيته من عدد الناخبين له في الأقطار الأوروبية فقد كان عدد من يحق لهم الإنتخاب في هذه الدورة 427 مليون ناخب من 21 دولة أوروبية، ذهب منهم إلى صناديق الإقتراع 215 مليون ناخب أي أكثر من النصف بقليل 51%، وهذه هي النسبة الأعلى للمشاركة في الإنتخابات منذ 20 عاما"، البرلمان الأوروبي يشرع لاوروبا جميعها وتقوم البرلمانات في أقطار الاتحاد الأوروبي على إقامة تشريعات تتناسب وتشريعات الاتحاد، ونتائج هذه الإنتخابات تقرر إلى حد كبير سياسات الدعم الذي يقوم به الإتحاد الأوروبي تجاه مختلف الأقطار الأوروبية.

مما لا شك فيه ان هذه الانتخابات تعزز الفكرة القائمة بان الاتحاد الأوروبي هو مارد اقتصادي وقزم سياسي، خاصة ان ولكل بلد من الاتحاد تحالفات أغلبية تختلف عما هو موجود في البرلمان الأوروبي وما زالت فكرة الإتحاد السياسي صعبة المنال للشرذمة الموجودة بين الأحزاب وإختلاف تجانسها في الدول عنه في الإتحاد نفسه.

النتائج الأولية التي خرجت تعبر عن عدم قناعة الناخبين في كل دولة من الأحزاب التي تحكمها (هذا بالأغلبية)، لذا فمن السهل إعتبار هذا الصوت كما وأنه صوت إحتجاج ومعارضة للسياسات القائمة وانعكست تلك النتائج على البرلمان الأوروبي.

عدد مقاعد البرلمان الأوروبي هو 751 مقعدا" ويجب القول فوراً أنه لا خوف على الإتحاد داخل البرلمان الأوروبي وذلك لوجود أغلبية مؤازرة لهذا الإتحاد، لكن تقدم اليمين يجب أن يكون بمثابة جرس إنذار لهذه الأحزاب ودعوة لتجديدها، منذ وجود هذا البرلمان شكل إئتلافي الوسط (الحزب الشعبي PPE) وإئتلاف اليسار (الأحزاب الإشتراكية S&D) أغلبية ساحقة ورسما سياسة الإتحاد بتناغم وتوزعا اللجان والمناصب في الإتحاد الأوروبي فقد حازا دوما على أغلبية ثابتة داخل البرلمان.

النتائج الحالية تعطي هذين الإئتلافين 330 مقعداً (376 في السابق) وهو تراجع ملموس لهما ولم يعد تحالفهما كافياً للسيطرة على هذا البرلمان والحصول على الأغلية، نظرياً لا خوف عليهما من إدخال طرف ثالث (وهي المرة الآولى) لتحالفهما مثل الليبراليين ADLE&R(المجموعة التي يجلس بها حزب الرئيس الفرنسي ماكرون) والذين حازوا على 109 مقاعد او الخضر Greenوالذين حازوا هذه المرة على نتيجة تاريخية لهم 70 مقعداً (50 في البرلمان السابق)، نظريا" من الممكن إدخال هاتين المجموعتين ليصبح مجموع مقاعدهم أكثر من 500 مقعد، جميع هذه الإئتلافات هي لأوروبا قوية، ولكن قد تطغى بعض الخلافات والتي من الممكن أن تحول دون دخول الخضر، وهذا من الممكن أن يكون شرطاً للرئيس ماكرون.



مقابل كل ذلك لا بد من الإشارة إلى تقدم اليمين واليمين المتطرف والذين يبنون سياستهم بالدرجة الإولى على الكراهية ونبذ الأجانب ففي كل من فرنسا وإيطاليا حازا على المرتبة الآولى في هاتين الدولتين وهما من المؤسسين للإتحاد الأوروبي إضافة لفوز اليمين في كل من النمسا وبولندا والمجر، المجوعات المعارضة وغير المتحمسة للإتحاد تكون ما مجموعه 180 مقعداً لن تؤثر كثيراً داخل الإتحاد ولكن سيكون لها أكبر التأثير في دولها.

ألمانيا على سبيل المثال تراجع مرة أخرى حزب المستشارة الألمانية ميركل وهي الزعيمة الأوروبية الأقوى 28% مقارنة مع نتيجة 2014 والتي كانت 34% وهذا سيساهم إلى حد كبير في إضعاف موقفها داخل المانيا وفي الإتحاد الأوروبي، علماً أن ألمانيا هو البلد الذي يملك أكبر عدد من البرلمانيين داخل الإتحاد 96 نائباً
في إيطاليا الحركتين الشعبويتين واللتين تحكما البلاد منذ عام ونيف حركة الرابطة تقدمت بقوة لتصبح الحزب الأول في إيطاليا 34% والحركة الشعبية والتي كانت هي الإولى، حركة الخمس نجوم، تراجعت إلى 17% وهكذا تبادلا المراكز داخل الإئتلاف الحاكم وهذا سيكون له أكبر الأثر على مواقعهما داخل إيطاليا، هذا ما سيحدث حسب إعتقادي رغم نفي قائد الرابطة ووزير الداخلية سالفيني
في فرنسا أصبح اليمين المترف بزعيمته مارين لي بن الحزب الأول في البلاد 24% وهذه مع ماحدث في إيطاليا هي واحدة من أسوأ الإشارات لأنها تأتي من أقطار مؤسسة للإتحاد الأوروبي، حزب الرئيس الحاكم تراجع مرة أخرى 21% وهذا إذا ما أضفنا لصعوبة الوضع الداخلي القائم سيزيد من الصعوبات الأخرى على ماكرون، فهل سيتحمل ذلك؟
أسئلة عديدة نتركها للفترة القادمة