جرائم إلكترونية بتفاصيل قاسية تستدعي إعادة فتح قانونها وتعديله

{title}
صوت الحق - تثور أسئلة عديدة حول فتح قانون الجرائم الإلكترونية من جديد وتشديد العقوبات الواردة فيه، بعد أن تلقت المحاكم الأردنية شكاوى من ضحايا هذه الجرائم، والتي أقساها أثرا على الأفراد والمجتمع ولسنوات طويلة هي انتهاك الحياة الخاصة للأطفال والنساء والشباب والتشهير بهم بعد تصويرهم وابتزازهم والاحتيال عليهم عبر الشبكة العنكبوتية.

في أروقة المحاكم رصدت وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، قضايا اتهم فيها 16 شخصا ارتكبوا جرائم إلكترونية بحق أشخاص يعملون على تطبيقات التوصيل، ونشروا تفاصيل جرائمهم عبر الشبكة العنكبوتية كانت تفاصيل قاسية جدا وغريبة على مجتمعاتنا الملتزمة، بعضهم حصل على الحد الأعلى بالعقوبات لكنها لا ترمم جروح من وقعوا ضحية لها.
في القضية الأولى لم تشفع 8 سنوات لزوجة بالعيش مع زوجها وإنجابها لطفلتين، إلا أنه قام بخرق حياتها الخاصة، وقام بتصويرها وهي نائمة وأنشأ مجموعة خاصة من 7 أشخاص على أحد تطبيقات المحادثة في التواصل الاجتماعي، وأرسل إليهم الصور، وقضت المحكمة بحبسه ستة أشهر وتغريمه 100 دينار لن تكون كافية لإعادة حياتها الخاصة إليها، وشكلت أركان هذه الجريمة ذما وقدحا وتشهيرا وتحقيرا بها.

خمسة أشخاص آخرين اجتمعوا على ارتكاب جريمة بحق سائق تطبيقات ذكية، حيث قامت السيدة بالطلب منه توصيلها إلى المنزل، وعندما أوصلها طلبت منه الانتظار لإحضار النقود من بيتها، وتأخرت وانتظر طويلا، فلحق بها، ووجد الباب مفتوحا فهاجمه شخصان آخران وضرباه وأدخلاه إلى المنزل، وأجبروه على خلع ملابسه وتصويره، وهددوه بنشر المقطع إن قدم الشكوى، وسرقوا منه ما يملك من نقود وهواتف، فلجأ للشكوى والقانون.
ودانت المحكمة المتهمين الخمسة، فقررت وضع الأول والسيدة بالأشغال المؤقتة لمدة 7 سنوات، والثالث بالأشغال المؤقتة لمدة 6 سنوات، وحبس الرابع لمدة 5 سنوات، ووضع الرابع بالحبس لمدة 4 سنوات، وهنا يبرز السؤال لو لم يكن قانون الجرام الإلكترونية فعالا فكيف يمكن أن يتحقق الردع العام والخاص بحق هؤلاء الأشخاص وحماية المجتمع من أفعالهم؟!
وأعلنت إحدى المحاكم عدم مسؤولية شخص قام بتصوير فتاة وابتزازها ونشر صورها على منصات التواصل الاجتماعي بعد أن رفضت التواصل معه، وقرر خرق حياتها الخاصة، بينما قررت المحكمة في قضية أخرى إدانة سيدة أجنبية قامت بنشر صور سيدة أخرى على منصات التواصل الاجتماعي بعد أن سرقتها وهددتها، لكن المحكمة قررت وضعها في الأشغال المؤقتة لمدة خمس سنوات وأربعة أشهر بعد ثبوت ابتزازها وانتهاك الحياة الخاصة للضحية.
ولجأت فتاة عشرينية للمحكمة بعد أن قام أحد الأشخاص بنشر صورها الخاصة بعد الاستيلاء على حسابها على منصات التواصل الاجتماعي، وأرسل الصور والتسجيلات إلى أهلها وزوجها والذين قرروا اللجوء للمحكمة، لكن قررت المحكمة عدم مسؤوليته.

ونشر شخص مقاطع مصورة منافية للحياء العام على الشبكة العنكبوتية بعد أن أسس حسابا غير لائق على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، وقررت حبسه لمدة سنة ونصف، وقرر شخص آخر الانتقام من عائلة رفضوا الموافقة على خطبة ابنتهم منه، واستدرجها إلى بيته ونزع عنها جزءا من ملابسها وصورها وأرسل صورها لوالدها، وقررت المحكمة حبسه لمدة ثلاثة أشهر.

ووضعت المحكمة شخصا بالأشغال المؤقتة لمدة سنة ونصف، بعد أن قام بتركيب صور غير لائقة على صور فتاة محتشمة، وأرسلها عبر منصات التواصل الاجتماعي.

ولاقت جريمة الاحتيال عبر الشبكة العنكبوتية وجودا في أروقة المحاكم، فقد قام شخص يبلغ من العمر 25 عاما ويعمل في مجال الدهان بتأسيس صفحة على موقع التواصل الاجتماعي (انستغرام) تحت مسمى "معالج روحاني" مارس من خلالها الشعوذة والسحر والاحتيال والنصب على الناس، ووقعت ضحيته سيدة لجأت للمحكمة التي قررت حبسه لمدة سنة وتغريمه مبلغا ماليا قيمته 200 دينار، ولكونه اعترف بأفعاله وندم عليها الأمر الذي اعتبرته المحكمة من الأسباب التخفيفية فخفضت العقوبة إلى الحبس لمدة ستة أشهر .

وتعرضت سيدة إلى الاحتيال من قبل شخص أجنبي بعد أن طلب منها عملا عن بعد واحتال عليها بمبلغ مالي قيمته 1200 دولار ، وثبت للمحكمة ارتكابه للجريمة، وقررت حبسه لمدة 6 أشهر وتغريمه مبلغا ماليا قيمته 200 دينار، ولولا وجود مواد قانونية في قانون الجرائم الإلكترونية لما استطاعت إنصاف الضحية وإدانة المحتال عليها.
وتشير الأرقام الخاصة بالجرائم الإلكترونية لدى المجلس القضائي إلى أن عدد التهم بقضايا الجرائم الإلكترونية بين عامي 2019 – 2023 بلغ 22 ألفا و 759 وعدد المشتكى عليهم مع إزالة التكرار للشخص الواحد في نفس القضية والإبقاء على القضايا الأخرى 21 ألفا و 654.

وتؤكد وحدة مكافحة الجرائم الإلكترونية التابعة لمديرية الأمن العام أن عدد قضايا الجرائم الإلكترونية ارتفع بنحو ستة أضعاف على مدار 8 سنوات بين العام 2015 وحتى العام الماضي 2022، وهو مؤشر على أن كثيرا من الأشخاص استغلوا المساحة المخصصة للنشر على منصات التواصل الاجتماعي، وخلطوا بين حرية الرأي والتعبير وبين ارتكاب الأخطاء التي تصل حد الجريمة بحق آخرين، وتتسبب بضرر أصبح معه فرض سيادة القانون أمرا واجب النفاذ، موضحة أن عدد هذه الجرائم ارتفع من 2305 قضايا عام 2015 لتصبح 16027 قضية عام 2022.

ويبذل الأردن جهودا لبث خطاب توعوي لاستخدام التكنولوجيا في خدمة الإنسان وعدم تفتيت المجتمع وتهديد سلمه الاجتماعي، حيث أطلقت وزارة الثقافة حملات توعية بالتربية الإعلامية وبث الوعي بالجرائم الإلكترونية والتعامل الأخلاقي والمهني مع نشر المحتوى واستقباله، بهدف الوصول إلى حماية الإنسان من مخاطر التكنولوجيا.
(بترا)- بركات الزيود