كيف أوجعت عملية طوفان الأقصى الاقتصاد "الإسرائيلي" ؟
صوت الحق -
على مر السنين شهدت منطقة الشرق الأوسط توترات متواصلة نتيجة الصراع الطويل والمعقد الذي يعم المنطقة ، كانت القضية الفلسطينيــة محورها الرئيسي ، إلا أن هذا الشهر شهد حدثًا فريـدًا من نوعه ، حين قامت المقاومة الفلسطينية في غزة بعملية " طوفان الأقصى " في السابع من أكتوبر 2023 على مستوطنات غلاف غزة والتي لا يزال رحاها دائراً الى هذه اللحظة ، العملية التي أحدثت صدمة عسكرية كبيرة لجيش الاحتلال لما شكلته من أسلوب متطور في ادبيات العلوم العسكرية بشكل غير مألوف فاجئ الجميع بنتائجه .
تمثل هذه الأحداث تحديًا كبيراً على كافة الأصعدة اهمها العسكرية والاقتصادية ، بالإضافة إلى الجوانب الاجتماعية وانعكاساتها على المجتمع " الاسرائيلي " .
على الصعيد العسكري سجلت الحرب خسائر كبيرة وفقًا لإعلان الجيش " الإسرائيلي " ، حيث ارتفع عدد الأسرى لدى المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة إلى 199 أسيراً ، و 1400 قتيل بينهم 291 جنديًا وضابطًا ، ونحو 200 مفقوداً في إطار هذه العملية . في حين فاق عدد الجرحى 4000 جريح حالاتهم مختلفة ، هذا بالاضافة الى الخسائر الكبيرة في المعدات والمهمات العسكرية والبنية التحتية للمستوطنات المحيطة بغلاف غزة .
وباستمرار عمليات القصف العشوائي على قطاع غزة وصل عدد الشهداء الفلسطينيين الى اكثر من 7000 شهيد نصفهم من الأطفال وحوالي 20 الف جريح ، وتدمير اكثر من 170 الف منزل وتجمع سكاني .
قبل بداية الحرب ، كان الاقتصاد " الإسرائيلي " يسجل نموًا جيدًا بنسبة 3 % - 4 % ويعد الاقتصاد الأقوى في المنطقة حيث قدرت موازنته لهذا العام 2023 ما يقارب 484 مليار شيكل .
ومع تصاعد الأحداث ، اضطر بنك " إسرائيل " المركزي الى خفض توقعاته للنمو الاقتصادي لهذا العام إلى 2.3 % .
تُظهر التوترات الحالية في منطقة الشرق الأوسط والحرب على غزة تأثيرًا كبيرًا على الاقتصاد " الإسرائيلي "وبالنظر إلى استمرار التصعيد على اكثر من جبهة واحتمالية قيام جيش الاحتلال باجتياح بري محدود كان أم شامل الى قطاع غزة ، سيترتب عليه تداعيات و تأثيرات أكبر على النمو الاقتصادي المستقبلي لدولة الاحتلال ، يتوقف ذلك على مدى استمرار الأزمة و السيناريوهات الممكن حدوثها .
باستعراض تأثير هذه الحرب على بقية القطاعات الصناعية ، الزراعية وقطاع التكنولوجيا ، بالإضافة الى التوقعات المستقبلية لهذا التأثير يمكن تلخيص تأثير هذه الحرب في عدة نقاط رئيسية :
1. اضطراب سلاسل التوريد ونقص الأيدي العاملة: ان استدعاء مئات الآلاف من جنود الاحتياط أدى إلى فجوة كبيرة في القوى العاملة وكان لتوقف اليد العاملة الفلسطينية البالغ قوامها 175 الف عامل عن العمل لدى الجانب "الإسرائيلي " الأثر الأكبر في هذا الاضطراب .
2. التأثيرعلى قطاعات التجارة وحجم الصادرات وفقدان الامان الاجتماعي الذي انعكس على قطاع السياحة .
3. تدهور سعر صرف الشيكل : شهدت قيمة الشيكل انخفاضًا ، مما أثر سلبًا على القوة الشرائية للمواطنين حيث كان سعر الصرف قبل الحرب 3.87 شيكل لكل دولار بينما وصل الان الى 4.07 شيكل ، ويضاف اليه التراجع في استخدام بطاقات الصراف الالي بسبب نشاط السوق الموازي غير الرسمي لصرف الشيكل ما يسمى بـ " السوق السوداء " .
4. تراجع السوق المالي وقطاع النفط: تأثرت الأسواق المالية بالأحداث الحالية ، بسبب التقلبات في أسعار الأسهم وانخفاض قيمة الشيكل وادى اغلاق منصات حقل " تمار البحرية " للغاز الذي تشغله شركة شيفرون وارتفاع أسعار النفط عالميًا الى تأثر قطاع الطاقة بشكل كبير .
وتشير كافة التوقعات في حال استمرت الحرب لفترة اطول أن يزداد تدهور الوضع الاقتصادي بشكل أكبر ويُتوقع أن تصل قيمة الخسائر الاقتصادية التي يتكبدها الاقتصاد " الإسرائيلي " نتيجة عدوانه على غزة إلى أكثر من 18 مليار دولار وسيتجاوز عجز الموازنة العامة 20 مليار دولار بحلول عام 2024 .
هذه المعلومات توضح حجم الصدمة الاقتصادية التي تواجه دولة الاحتلال نتيجة لهذه الحرب وارتفاع فاتورة تكاليفها والمتمثلة بالتكاليف التالية :
1. تكلفة الحرب: حسب تقديرات شركة الاستثمار "ميتاف"، ستصل تكلفة الحرب إلى حوالي 25 مليار شيكل (6.25 مليار دولار). هذا يشمل تكلفة الأسلحة والذخيرة واستدعاء قوات الاحتياط ، ان هذه التكلفة أعلى بكثير مما حصل في الحروب السابقة.
2. تكلفة اليوم الواحد من الحرب : تقدر تكلفة يوم القتال لجيش الاحتلال بربع مليار شيكل (62.5 مليون دولار). هذا يعني أن الحرب في أكتوبر وحدها -25 يومًا- ستكلف أكثر من 6 مليارات شيكل (1.5 مليار دولار).
3. تعويضات الأضرار: سيتعين على ولة الاحتلال دفع تعويضات تقدر بحوالي 17 مليار شيكل (4.25 مليار دولار) لجميع الأفراد والشركات التي تضررت من الحرب .
4. الخسائر في الإيرادات الضريبية : بسبب تراجع النشاط الاقتصادي وتضرر الشركات ، يتوقع حصول خسائر لإيرادات الضرائب بقيمة 31 مليار شيكل (7.75 مليار دولار) .
5. العبئ الكبير على اقتصاد الدولة : يتوقع أن تصل الخسائر الاقتصادية الإجمالية بسبب الحرب إلى أكثر من 70 مليار شيكل (18 مليار دولار)، وهو ما يمثل نحو 3.5 % من الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد .
6. المساعدة الأميركية : طلبت دولة الاحتلال دعمًا ماليًا طارئًا من الولايات المتحدة بقيمة 10 مليارات دولار لمواجهة الصدمة الاقتصادية .
7. الأضرار للممتلكات: تقدر تكلفة الأضرار التي لحقت بالممتلكات بنحو 5 مليار شيكل (1.4 مليار دولار). سيتم دفع هذه التعويضات من صندوق ضريبة الأملاك .
8. إعادة إعمار المستوطنات: تقدر تكلفة إعادة إعمار 30 مستوطنة في "غلاف غزة " بأكثر من 10 مليارات شيكل (2.5 مليار دولار).
جميع النسب و التقارير تشير الى استمرار التأثيرات السلبية على الاقتصاد " الإسرائيلي " بكافة اركانه في ضل حالة من عدم اليقين وتصاعد التوتر الجيوسياسي مع احتمال دخول اطراف اخرى وفتح جبهات مختلفة في حين ان حرب الاستنزاف طويلة الامد لها مخاطرها ومحاذيرها .
الدكتور نعيم الملكاوي