ما بعد التحرير…
صوت الحق -
بقلم: مهدي الشوابكة
بعد إعلان المعارضة السورية إسقاط النظام الذي يوصف بأنه من أكثر الأنظمة استبداداً في التاريخ الحديث، نعيش اليوم لحظة فارقة في تاريخ سوريا ، سقوط النظام الذي قتل شعبه وعذّبه لعقود يُعدّ انتصاراً لكل من نادى بالحرية والكرامة والعدالة، ولكن مع هذه اللحظة التاريخية ، تبرز العديد من الأسئلة المهمة التي تحتاج إلى إجابات واضحة بعيداً عن الانحياز أو العواطف.
أين ذهب سلاح النظام؟
على مدار السنوات الماضية، كان النظام السوري يمتلك ترسانة عسكرية ضخمة، وكان يستخدمها دون تردد لقمع المعارضة والشعب ، فكيف يمكن أن يسقط بهذه السرعة دون أن يستخدم قوته العسكرية بشكل واسع النطاق؟ هل تم تسليم هذه الأسلحة لقوى أخرى، أم أنها جزء من صفقة سياسية غير معلنة؟
هل كان السقوط سلمياً؟
خلال الأيام القليلة الماضية، شهدنا انسحابات مفاجئة وغياباً ملحوظاً لأي مقاومة فعلية من قبل قوات النظام، بل حتى اختفاء الموظفين الحكوميين. هل هذا يعني أن ما حدث كان جزءاً من اتفاق دولي يهدف إلى نقل السلطة سلمياً، أم أن النظام فقد السيطرة الحقيقية قبل السقوط؟
هل كان هناك اتفاق دولي؟
سقوط النظام دون مجازر على نطاق واسع يطرح احتمالية وجود تفاهمات دولية بين روسيا والولايات المتحدة وإسرائيل وربما تركيا أيضاً. هل يمكن أن يكون ما حدث مرتبطاً بتفاهمات أكبر تشمل قضايا أخرى كالحرب في أوكرانيا أو الملف النووي الإيراني؟
هل سنرى نهاية نظام إيران؟
النظام السوري كان يُعتبر الحليف الأكثر أهمية لإيران في المنطقة. سقوطه قد يعني بداية ضعف نفوذ إيران، وربما يؤدي إلى انهيار نظام ولاية الفقيه في طهران. لكن يبقى السؤال: هل القوى الدولية مستعدة لدعم هذا التغيير، أم أن المصالح ستبقي إيران في اللعبة؟ وأقلها نهاية مشروع الكوريدور "الهلال الشيعي"؟ الهادف إلى خنق الأردن ودول الخليج وإسرائيل عبر سوريا والعراق ولبنان.
هل ننتظر حرباً أهلية؟
سوريا اليوم أمام مفترق طرق. رحيل النظام قد يفتح المجال أمام صراعات بين القوى المختلفة التي تتنافس على النفوذ، سواء كانت محلية أو إقليمية. هل يمكن لسوريا أن تتجنب السيناريو الليبي أو اليمني؟
هل سنشهد حكماً إسلامياً؟
مع سقوط النظام، تبرز تساؤلات حول طبيعة الحكم الجديد. هل ستتمكن المعارضة من تقديم نموذج ديمقراطي شامل، أم أن القوى الإسلامية ستسيطر على المشهد السياسي؟
ما دور إسرائيل؟
هناك مخاوف من تدخل إسرائيلي مباشر في سوريا، خاصة في ظل حالة الفراغ السياسي والأمني. هل هناك اتفاقيات مسبقة تضمن عدم التصعيد بين سوريا وإسرائيل، أم أن المنطقة على أعتاب مواجهة جديدة؟
رغم كل هذه التساؤلات والقلق، لا يمكن إنكار فرحة تحرير سوريا من نظام استبدادي أرهب شعبه وأهدر مواردها. اليوم، يبدأ الشعب السوري مرحلة جديدة مليئة بالتحديات، لكنه يستحق مستقبلاً أفضل يتناسب مع تاريخه العريق وحضارته.