طلبة الدراسات العليا بالخارج تحت سيف الإقامة القسرية
يعاني الطلبة الأردنيون الدارسون في الجامعات العربية والأجنبية للحصول على درجتي الماجستير والدكتوراه من شروط إقامة فرضتها وزارة التعليم العالي الأردنية، والتي تُلزمهم بالبقاء لفترات طويلة في بلد الدراسة. إذ تُلزم هذه الشروط طلبة الماجستير بالإقامة لمدة لا تقل عن ثمانية أشهر، بينما تصل مدة الإقامة المفروضة على طلبة الدكتوراه إلى عشرين شهرًا. هذه المدة الطويلة اعتبرها الطلبة غير منطقية ومكلفة ماليًا، دون أن يكون لها أي فائدة أكاديمية تُذكر.
يصف الطلبة هذه الإقامة بأنها "جبرية"، إذ يرون أنها لا تساهم في تحسين مخرجاتهم العلمية أو الأكاديمية. وأشاروا إلى أن طبيعة الدراسة في مرحلة الدكتوراه تعتمد بشكل رئيسي على البحث العلمي وإعداد الأطروحة، ما يجعل الإقامة الطويلة في بلد الدراسة بلا جدوى. فقد باتت هذه المرحلة تعتمد على العمل البحثي أكثر من الحضور الفعلي للمحاضرات، ما دفع الطلبة للتساؤل عن المنطق الكامن خلف هذا القرار.
يتساءل العديد من الطلبة عن جدوى قضاء عشرين شهرًا في بلد الدراسة، في الوقت الذي يمكن إنجاز البحث والأطروحة في الأردن بين أهلهم، مما يوفر الوقت والمصاريف الباهظة التي يتحملونها بسبب السكن والمعيشة في بلد آخر. يواجه الطلبة أعباء مالية كبيرة، تشمل تكاليف الإقامة والسكن والمعيشة في بلد الدراسة، بينما يعيشون في عزلة عن أسرهم وأعمالهم، يعانون من وقت فراغ طويل لا يساهم في تحسين إنتاجيتهم العلمية.
وصف بعض الطلبة القرار بأنه بدائي وغير إنساني، معتبرين أن الهدف منه قد يكون محاولة لتقليص أعداد الطلبة الملتحقين بالدراسات العليا، بدلًا من العمل على دعمهم وتشجيعهم على تحقيق طموحاتهم الأكاديمية.
وعلى الصعيد الإقليمي، قارن الطلبة بين السياسات الأردنية وسياسات الدول العربية الأخرى، حيث أشاروا إلى أن معظم الدول لا تفرض شرط الإقامة الطويلة في بلد الدراسة، بل تعتمد على معايير موضوعية لتقييم الطلبة. تشمل هذه المعايير نوعية البحوث العلمية التي ينتجها الطالب، والمجلات العلمية التي تُنشر فيها الأبحاث، ومستوى إتقان الطالب للغات الأجنبية.
في ضوء هذه المعطيات، طالبت شريحة واسعة من الطلبة بضرورة إعادة النظر في القرار، خاصة فيما يتعلق بطلبة الدكتوراه، مشيرين إلى أن الإقامة الطويلة ليست معيارًا للنجاح الأكاديمي، بل هي عبء إضافي يثقل كاهل الباحثين. ودعوا إلى الأخذ بنماذج الدول الأخرى التي تعتمد على جودة البحث العلمي والإنتاج الأكاديمي بدلًا من التركيز على الإقامة الفعلية في بلد الدراسة.
وفي سياق متصل، أكدت لجنة التربية والتعليم النيابية أن معظم الجامعات الدولية تعتمد نظام الدراسة البحثية للدراسات العليا، مما يتعارض مع شروط وزارة التعليم العالي الأردنية. وخلال اجتماع عقدته اللجنة، ناقشت تعليمات وشروط الدراسة خارج المملكة، بما في ذلك مدة الإقامة المفروضة على طلبة الدراسات العليا. شددت اللجنة على ضرورة مراجعة هذه السياسات بما يتماشى مع التطورات الأكاديمية الحديثة ومتطلبات البحث العلمي.
يرى الطلبة أن مراجعة هذه الشروط ليست فقط ضرورة لتحقيق العدالة، بل هي خطوة نحو تعزيز البيئة الأكاديمية في الأردن، ودعم الباحثين في تحقيق إنجازاتهم العلمية دون تحميلهم أعباء مالية أو اجتماعية لا طائل منها. ويبقى الأمل معقودًا على تجاوب الجهات المسؤولة مع مطالب الطلبة ولجنة التربية والتعليم، لتعديل هذه السياسات بطريقة تخدم مصلحة الطالب الأردني، وتضمن له بيئة تعليمية متوازنة ومثمرة.