زيارة الرئيس الكازاخستاني إلى الأردن: تعزيز التعاون الثنائي في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية

صوت الحق -
تأتي زيارة الرئيس الكازاخستاني قاسم جومارت توكاييف إلى الأردن في فترة مهمة، في ظل التطورات المتسارعة على الصعيدين الإقليمي والدولي. تعكس هذه الزيارة عمق العلاقات بين البلدين، حيث يتشاركان رؤى متقاربة حول العديد من القضايا، مثل الأمن والاستقرار الإقليمي، والتعاون الاقتصادي، وتعزيز الحوار الثقافي والدبلوماسي. كما تؤكد الزيارة حرص الأردن على تنويع شراكاته الدولية والاستفادة من خبرات كازاخستان في مجالات مختلفة.
أحد أبرز نتائج الزيارة كان توقيع عدد من مذكرات التفاهم والاتفاقيات في مجالات الثقافة، البيئة، المناطق الحرة، الزراعة، والإعلام. تعكس هذه الاتفاقيات توجهاً عملياً نحو تعزيز التعاون الثنائي، حيث يمكن أن يسهم التعاون البيئي في مواجهة تحديات التغير المناخي، بينما تعزز الاتفاقيات الإعلامية والتجارية التواصل بين القطاعين العام والخاص في البلدين. كما أن الاعتراف بالشهادات البيطرية لاستيراد المنتجات الحيوانية من كازاخستان إلى الأردن سيفتح آفاقاً جديدة للتبادل التجاري.
على المستوى الدبلوماسي، يتمتع الأردن وكازاخستان بقواسم مشتركة عديدة، حيث يتفاعلان بفعالية في المنصات الدولية، مثل الأمم المتحدة، ومنظمة التعاون الإسلامي، ومنظمة التفاعل وبناء الثقة في آسيا (CICA). يؤمن كلا البلدين بأهمية الحوار والتعددية في حل النزاعات الدولية. كما أن كازاخستان تدعم موقف الأردن الثابت تجاه القضية الفلسطينية، وترفض تهجير الفلسطينيين من غزة والضفة الغربية، مما يعزز التقارب السياسي بين الدولتين.
أما فيما يتعلق بتطوير التعاون بين البلدين، فإن هذه الزيارة توفر أرضية صلبة لتوسيع نطاق الشراكة، لا سيما في القطاعات الاقتصادية والاستثمارية. يتمتع الأردن بموقع جغرافي استراتيجي يجعله جسراً يربط كازاخستان بأسواق الشرق الأوسط، في حين تتيح كازاخستان للأردن فرصاً مهمة لتعزيز التبادل التجاري والاستفادة من خبراتها في مجالات الزراعة والطاقة والموارد الطبيعية.
من هنا نستطيع القول ان العلاقات الأردنية-الكازاخستانية تتمتع بإمكانات كبيرة في مجال تكنولوجيا المعلومات، حيث يمكن للبلدين الاستفادة من خبراتهما المتبادلة لتعزيز التعاون في هذا المجال الحيوي وفي ظل التقدم الكبير الذي أحرزته كازاخستان في تطوير بنيتها التحتية الرقمية وتعزيز الابتكار التكنولوجي، وانا شخصيا اطلعت على التطوير التكنولوجي الذي وصلت له استانا خلال زيارتي الأخيرة قبل عدة أشهر، حيث يمكن للأردن الاستفادة من هذه الخبرات لتطوير قطاع تكنولوجيا المعلومات المحلي.
من جهة أخرى، يملك الأردن قاعدة قوية من شركات التكنولوجيا والمطورين المتخصصين، مما يعزز من فرص التعاون في مجالات البرمجة، تطوير البرمجيات، والخدمات التقنية. كما أن هناك فرصة كبيرة لتنظيم فعاليات مشتركة مثل المؤتمرات وورش العمل التي يمكن أن تساهم في تعزيز التبادل الثقافي والمعرفي بين الجانبين في مجالات التكنولوجيا الحديثة، مما يسهم في تبادل الخبرات وتطوير الشراكات التجارية في هذا القطاع المزدهر.
على الصعيد الأمني والدبلوماسي، يمثل التعاون بين الأردن وكازاخستان في مجال محاربة الإرهاب والتطرف الديني عنصراً أساسياً لتعزيز الاستقرار الإقليمي والدولي. يسعى البلدان إلى تبادل الخبرات في مكافحة الفكر المتطرف والتصدي للإرهاب من خلال آليات قانونية وأمنية متطورة. يتشارك الأردن وكازاخستان في التزامهما بمحاربة جميع أشكال الإرهاب والتطرف، ويحرصان على تعزيز التعاون الثنائي في هذا المجال من خلال تبادل المعلومات الاستخباراتية، التدريب المشترك، وتنفيذ برامج وقائية تستهدف الشبان والمجتمعات المحلية لمنع التطرف.
يعد هذا التعاون جزءاً من التزام البلدين بتعزيز الأمن الإقليمي والتأكيد على أهمية الحوار بين الأديان والثقافات كأداة رئيسية لمكافحة الأفكار المتطرفة وتعزيز السلم الاجتماعي في المنطقة.
بشكل عام، تعكس زيارة الرئيس الكازاخستاني إلى الأردن الإرادة السياسية لتعزيز العلاقات الثنائية، وتفتح المجال أمام مشاريع استراتيجية مشتركة. وإذا تم البناء على هذه الاتفاقيات بمتابعة جادة، فمن المتوقع أن نشهد تقدماً ملحوظاً في مستوى التعاون بين البلدين، مما سيحقق مصالحهما المشتركة ويعزز مكانتهما على الساحة الإقليمية والدولية.