وزارة الأوقاف ووزارة الشباب: اشتباك واسع مع المجتمع وتأثير محدود… لماذا؟

صوت الحق -
بقلم: المحامي حسام حسين الخصاونة
تُعد وزارتا الأوقاف والشباب من أكثر المؤسسات الحكومية الأردنية ارتباطًا بحياة المواطنين اليومية، نظرًا لتأثيرهما المباشر على قضايا تمس الوعي الديني والثقافي والفكري والرياضي والسياسي، لا سيما لدى فئة الشباب التي تشكّل أكثر من نصف المجتمع. ومع هذا الاشتباك الواسع، يبرز سؤال محوري: لماذا يتراجع أثر هاتين الوزارتين في الحياة العامة رغم الإمكانيات الكبيرة المتاحة لهما؟
تمتلك وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية شبكة واسعة من الأدوات المؤثرة، أبرزها منابر الجمعة المنتشرة في جميع المحافظات، ومراكز تحفيظ القرآن، وخطب الجمعة، إلى جانب إشرافها على الأوقاف الإسلامية. غير أن حضورها العام لا يزال تقليديًا ونمطيًا، بعيدًا عن مقاربة التحديات الفكرية والدينية التي يواجهها المجتمع، خاصة فئة الشباب.
الخطاب الديني الرسمي، في كثير من الأحيان، لا يلامس هموم الجيل الجديد ولا يوفّر بدائل فكرية فعّالة لمواجهة خطاب التطرف أو الانفلات، بل يستمر في نهج التلقين بدلًا من الحوار، ما يضعف تأثيره في الوعي الجمعي. وعلى الرغم من ذلك، فإن الوزارة تمتلك فرصة نادرة لتوسيع أثرها من خلال تعزيز خطاب التسامح والاعتدال والانفتاح، والتفاعل مع القضايا الوطنية والاجتماعية التي تهم المجتمع كالفقر، والتعليم، والعدالة، والبطالة، والأسرة.
من هنا، تبرز الحاجة إلى إشراك العلماء والمفكرين في صياغة خطاب ديني معاصر، وإطلاق حوارات مجتمعية تساهم في تقريب الخطاب الديني الرسمي من واقع الناس وتحدياتهم.
وزارة الشباب هي الجهة الرسمية المعنية بأكبر فئة عمرية في الأردن، إلا أن أثرها في المشهد السياسي والثقافي والاقتصادي لا يزال متواضعًا. تنتشر المراكز الشبابية في مختلف المحافظات، لكنها يوجد بها نقص في البرامج النوعية القادرة على جذب الشباب وإشراكهم.
تُقام فعاليات وأنشطة ومخيمات، لكنها تنتهي بانتهاء المناسبة، ولا تترك أثرًا إستراتيجيًا دائمًا. في المقابل، تملك الوزارة موقعًا متميزًا للتأثير إذا ما أحسنت استخدامه، من خلال تحويل أنشطتها إلى منصات نقاش وحوار مفتوح حول القضايا الوطنية الكبرى مثل المشاركة السياسية، فرص التعليم والعمل، الهجرة، الحريات العامة، والتحديات الاقتصادية.
المطلوب اليوم أن تُبنى شراكات حقيقية بين الوزارة والجامعات والخبراء والمجتمع المدني، لتنظيم حوارات وطنية مستمرة تُشرك الشباب في صناعة السياسات العامة، وتُعيد الثقة بينهم وبين المؤسسات الرسمية.
إن إعادة الاعتبار لدور وزارتي الأوقاف والشباب يتطلب انتقالًا من الدور التنفيذي التقليدي إلى دور قيادي فاعل. لم تعد المشكلة في غياب الإمكانيات، بل في غياب الرؤية المتجددة التي تستشرف المستقبل وتخاطب الناس بلغتهم وتحدياتهم.
نحن بحاجة إلى مؤسسات تقود الخطاب، لا تكتفي بإدارته. تصنع الأثر، لا تستهلك الموارد.
فهل نرى تحولًا حقيقيًا في أداء هاتين الوزارتين؟ أم نظل أسرى مبادرات موسمية وتأثيرات عابرة؟
عضو المكتب السياسي للحزب الوطني الإسلامي