تداعيات تلاعب نتنياهو بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب !!!

صوت الحق -
بقلم: العميد المتقاعد الدكتور بسام روبين
كثيرا ما حذرنا من خلط الأوراق ومحاولات بعض الزعماء المتطرفين توريط القوى الدولية في صراعات ضيقة تخدم أجندات مرحلية، وفي هذا السياق، يبرز رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كلاعب بارع في إستغلال الثغرات داخل الإدارة الأمريكية، خصوصا خلال عهد الرئيس دونالد ترامب، الذي تميز بسياسات خارجة عن السياق التقليدي للبيت الأبيض، وتجاوزات متكررة للقانون الدولي والأعراف الدبلوماسية.
فلم يكن سلوك نتنياهو في تلك المرحلة عفويا أو ارتجاليا، بل مدروسا بدقة، وهدفه الرئيسي هندسة قرارات أمريكية مفصلية تكرس التفوق الإسرائيلي على حساب الدول العربية والإسلامية، وتدعم مخططات تهجير الفلسطينيين، تمهيدا لتوسع جغرافي جديد في المنطقة. وقد عمد نتنياهو إلى توريط ترامب في صراعات دبلوماسية وميدانية خاسرة، خدمت إسرائيل، لكنها إنعكست سلبا على مكانة الولايات المتحدة عالميا.
وكان من نتائج ذلك تراجع مكانة ترامب، وإنحرافه عن وعوده الإنتخابية، وصدور قرارات غير مدروسة أضرت بالإقتصاد الأمريكي، وأظهرت الديمقراطية الأمريكية بوجه مرتبك ، ومع مرور الوقت، بدأت تتكشف خيوط تحالفات خفية ومصالح غير بريئة، لتظهر ملامح التلاعب الإسرائيلي العميق بالقرار الأمريكي. فقد نجح كيان صغير، يحتل أرضا ويقتل المدنيين ويهدم المساجد، في توجيه بوصلات أقوى دولة في العالم نحو مشاريع صدامية، أبرزها التورط في اليمن، وقطاع غزة، والدخول في صراعات إقتصادية ودبلوماسية مع معظم دول العالم.
وقد أسفر هذا المسار عن شرخ في موازين الأمن والإستقرار الإقليمي، وضرب للقانون الدولي، وتراجع هيبة الولايات المتحدة عالميا. وما يدعو للقلق أن هذا النموذج من التلاعب يعاد إنتاجه اليوم، في ظل استقطاب داخلي غير مسبوق في السياسة الأمريكية، وإستنساخه في بعض الدول العربية.
فنتنياهو، الذي يواجه أزمة سياسية خانقة في الداخل الإسرائيلي، يرى في إستغلال القرار الأمريكي، وأحيانا العربي، فرصة ثمينة لفتح الباب أمام مغامرات جديدة يقودها المتطرفون الصهاينة. وقد تشمل هذه المغامرات محاولات إحتلال أراض عربية جديدة، وتصعيدا مع إيران، أو إشعال فوضى في الضفة الغربية، بالتواطؤ مع العملاء وكل ذلك تحت غطاء "الدفاع المشروع" عن كيان إحتلالي.
لذلك، فإن مصلحة المنطقة، بل ومصلحة الولايات المتحدة نفسها، تقتضي مراجعة جادة لمستوى التأثير الإسرائيلي على القرار الأمريكي، خصوصا عندما يتحول الدعم غير المشروط إلى أداة تستخدم لتصفية حسابات داخلية، على حساب الشعوب والأمن الإقليمي.
وفي الختام، لا بد من التأكيد أن التساهل مع هذا النوع من التلاعب لا يهدد دول الجوار فقط، بل يضع العالم أمام سيناريوهات خطيرة قد تكون كلفتها غير مسبوقة. ولم يعد الخلاف بين ترامب القوي ونتنياهو الضعيف أمرا يجب أن يبقى في الظل ، بل ينبغي أن يفتح هذا الملف بشجاعة، بما يليق بحجم التلاعب الذي مارسه نتنياهو على الرئيس الأمريكي ترمب بالتعاون مع بعض عملائه داخل البيت الأبيض .
اللهم جنب أمتنا شر المتطرفين والعملاء .