رئيس النزاهة: الدعم الملكي شكل مظلة داعمة لعمل الهيئة

{title}
صوت الحق -
قال رئيس مجلس هيئة النزاهة ومكافحة الفساد الدكتور مهند حجازي، إن جلالة الملك يولي مكافحة الفساد اهتمامًا كبيرًا لا يقبل التهاون ولا المحاباة، انطلاقًا من قناعته الراسخة بأن المال العام مصان، والتعدي عليه جريمة بحق الوطن ،حيث لا مكان ولا حصانة لمسؤول فاسد، ما شكل مظلة سياسية داعمة لعمل الهيئة مكنها من أداء مهامها بثقة ومسؤولية وشمولية منذ تأسيسها عام 2006.

وأضاف حجازي، بمناسبة ذكرى الجلوس الملكي، أن الرؤية الملكية في هذا المجال تجسدت في مرتكزات رئيسية عدة، وفي مقدمتها، ترسيخ سيادة القانون كحجر أساس للدولة المدنية، وهو ما أكدته الورقة النقاشية السادسة لجلالته التي اعتبرت سيادة القانون أساس الدولة المدنية ووثيقة مرجعية لكل المؤسسات ،ما شكل إطارًا قيمًا ومهنيًا يستند إلى الشفافية والعدالة والمساءلة، ويلزم مؤسسات الدولة كافة بالتزام معايير النزاهة.

وبيّن أن الهيئة استردت وساهمت في استرداد وحماية أموال عامة تقارب المليار دينار كان أبرزها، في الفترة من 2019 إلى 2021 حيث جرى استرداد ما مجموعه 517 مليون دينار، ففي عام 2022 ، جرى استرداد ما يقارب الـ 160 مليون دينار، وفي عام 2023 جرى استرداد 102 مليون دينار، ومنع هدر 38 مليون دينار، أما في عام 2024 جرى استراداد 61 مليون دينار، كما نجحت الهيئة خلال العام ذاته في كشف شبهات تهرب ضريبي بقيمة 110 مليون دينار، وجرت إحالتها إلى دائرة ضريبة الدخل والمبيعات.

وفيما يخص دعم الهيئة لمسارات التحديث، أشار حجازي إلى أن الهيئة تعمل على دعم مسارات تحديث القطاع العام من خلال تعزيز الحوكمة المؤسسية وتحقيق بيئة إدارية نزيهة وشفافة، حيث جرى إطلاق مؤشر النزاهة الوطني في دورته الثانية، والذي يقيس التزام أكثر من 119 جهة حكومية بمعايير النزاهة، ما يرسخ مبدأ التقييم المستمر وتحسين الأداء المؤسسي، وهو ركيزة أساسية في تطوير القدرات الإدارية وتحقيق الشفافية ضمن مسار التحديث الإداري.

كما أشار إلى تسمية 17 ضابط ارتباط في 22 جهة إدارة عامة، ما يضمن تواصلاً فعالاً بين الهيئة والجهات الحكومية، ويعزز آليات المساءلة والمراقبة في القطاع العام، بما يخدم مكونا رئيسا من مكونات خارطة تحديث القطاع العام وهو الحوكمة، إضافة إلى الاستثمار المكثف في التحول الرقمي من خلال تطوير أنظمة الاستخبارات الرقمية، ومختبر الأدلة الرقمية، والربط الإلكتروني مع الجهات ذات العلاقة، وإنشاء وحدة الأمن السيبراني وتخصيص برامج تدريبية لتعزيز الوعي الرقمي والأمن السيبراني.

وفي إطار التزام الهيئة بتطوير رأس المال البشري وبناء قدرات وطنية متخصصة في مجالات الحوكمة ومكافحة الفساد، قال حجازي "إن الهيئة تعمل بالتعاون مع الجامعة الأردنية على تنفيذ برنامج ماجستير أكاديمي في "الحوكمة ومكافحة الفساد"، بهدف إعداد كوادر مؤهلة علميًا وعمليًا تسهم بفعالية في تعزيز منظومة النزاهة الوطنية".

وفي إطار رؤية التحديث الاقتصادي التي تتبناها المملكة، قال إن الهيئة تلعب دورًا محوريًا في دعم وتعزيز بيئة الأعمال وحماية الاستثمارات، إذ تركز على حماية بيئة الأعمال من جميع التشوهات التي قد تنجم عن الرشوة أو الابتزاز أو استغلال النفوذ، وهذه الجهود تتماشى بشكل مباشر مع أهداف رؤية التحديث الاقتصادي التي تسعى إلى خلق مناخ استثماري نزيه وعادل يجذب المستثمرين المحليين والأجانب على حد سواء.

وبين حجازي إن الهيئة تلعب دورًا في رصد التجاوزات المالية والتلاعب في العطاءات والمشتريات بالتعاون مع الجهات المختصة، وذلك في إطار تحديث آليات الشراء العام من خلال دعم تفعيل نظام الشراء الإلكتروني (JONEPS)، حيث قامت الهيئة باستحداث مؤشر فرعي ضمن مؤشر النزاهة الوطني يهدف إلى ضمان الالتزام الكامل، وانسجامًا مع توجهات التحديث الاقتصادي التي تركز على تبني الحلول الرقمية لتسهيل الإجراءات وزيادة الشفافية وتقليل الفساد وتحقيق الكفاءة، إضافة لتعزيز الرقابة من خلال إجراءات تدقيق ومساءلة للمؤسسات المعنية.


واشار إلى أن الهيئة تدعم جهود ضبط التهرب الضريبي بالتعاون مع دائرة ضريبة الدخل والمبيعات والذي يعد تحديًا اقتصاديًا كبيرًا، حيث تمثل مكافحة التهرب الضريبي جزءًا أساسيًا من الإصلاحات الاقتصادية الرامية إلى زيادة الإيرادات العامة وتحقيق العدالة الضريبية، ما يضمن توفير موارد مالية مستدامة لخدمة مشاريع التنمية المختلفة، ويعتبر هذا الجهد جزءا لا يتجزأ من المسار الاقتصادي للتحديث الذي يهدف إلى تحسين الإدارة المالية العامة وترشيد الإنفاق.

ولفت حجازي إلى أن الهيئة أطلقت مبادرة "سفراء النزاهة بهدف تدريب وتأهيل 5 الآف طالب وطالبة من الجامعات الأردنية كمرحلة أولى لتمكين الشباب من أداء دور الفاعل في ترسيخ ثقافة النزاهة في بيئاتهم الجامعية والمجتمعية، بصفتهم شركاء حقيقيين في بناء منظومة سياسية وطنية ترتكز على الشفافية والمواطنة الفاعلة، فمن خلال الاستثمار في وعي الشباب وإشراكهم في قضايا الشأن العام، تسهم المبادرة في خلق جيل واع، مؤمن بدولة القانون والمؤسسات.

وأشار إلى أن الهيئة تواصل جهودها في تمكين المرأة وتوسيع مشاركتها الفاعلة في الحياة العامة، وبشكل خاص في مواقع صنع القرار، إضافة إلى ترسيخ مبادئ الحوكمة الرشيدة والمساواة وتكافؤ الفرص، من خلال تبني سياسات وممارسات تكفل مواجهة أي شكل من أشكال التمييز أو التهميش، وتعزيز حضور المرأة في بيئات العمل والمؤسسات العامة والخاصة في المجتمع.

ولفت حجازي إلى أن الهيئة تعمل على منع أي انحراف مؤسسي قد يمس معايير النزاهة الوطنية ضمن الحياة السياسية، لا سيما عبر رصد أي تدخل من قبل الموظفين العموميين في الانتخابات بالتعاون مع الهيئة المستقلة للانتخابات، ورصد ومراقبة أي إساءة لاستخدام السلطة أو الموارد الحكومية في الحملات الانتخابية ومراجعة قرارات المجالس المنتخبة، كالمجالس المحلية والبلدية التي تتعلق بالمال العام، والعمل على تعزيز الحوكمة في هذه المؤسسات بما يعزز من نزاهتها ومصداقيتها.

وتطرق إلى نسبة نجاح الملفات التحقيقية التي أحالها مجلس الهيئة إلى القضاء، والتي تجاوزت الـ 80 بالمئة، وهي نسبة تؤكد قوة البنية التحقيقية ومهنيتها، وقدرتها على بناء ملفات رصينة تستوفي شروط المحاكمة العادلة، حيث توج هذا التميز المؤسسي بفوز النيابة العامة المتخصصة لدى الهيئة بالجائزة الذهبية على مستوى المملكة، وذلك تقديرًا لكفاءتها العالية في إعداد ومتابعة الملفات التحقيقية المحالة من الهيئة، حيث يعد هذا الإنجاز شهادة على فعالية التكامل المؤسسي بين الهيئة والمجلس القضائي.

وفيما يخص التطلعات المستقبلية للهيئة، قال حجازي إن الهيئة تستعد لإطلاق الاستراتيجية الوطنية للنزاهة ومكافحة الفساد 2026-2030، التي ستبنى على تقييم شامل للاستراتيجية السابقة وبالشراكة مع المؤسسات المعنية، مع التركيز في بنائها على مخرجات رئيسة تشمل: استكمال تنفيذ المبادرات الإقليمية المقترحة من قبل الهيئة مثل مرصد النزاهة العربي في قطاع النقل، وإدماج الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي بشكل متقدم، من خلال اطلاق منصة تدريبية تفاعلية وطنية.

وفي إطار تعزيز الاستدامة البيئية، أشار حجازي إلى أن الهيئة أطلقت مبادرات مثل "غراس النزاهة "و"حدائق النزاهة"، إلى جانب تفعيل المساءلة المجتمعية الخضراء المنوي العمل عليها بالتعاون مع وزارة البيئة، انسجاما مع الجهود العالمية الرامية إلى مواجهة التغير المناخي، وتوسيع تقييم مخاطر الفساد ليشمل قطاعات جديدة على تماس مباشر مع المال العام، وتعزيز الحوكمة في البلديات، ورعاية الشباب عبر مبادرات مبتكرة ومسابقات وهاكاثونات وألعاب رقمية.


(بترا- عامر حياصات)
تصميم و تطوير : VERTEX WEB SOLUTIONS