اصحاب الدولة والمعالي
صوت الحق -
أبناء الوطن الحقيقيون ممن هبّوا أمس لنجدة أطفال الحياة، دون أن يعدوا للعشرة، أو ينتظروا الكاميرات أو الأذونات، أو ينتهوا من جردة الحسابات، هم فقط من يستحقون الألقاب الرنّانة فاقدة المحتوى، من أصحاب الدولة إلى المعالي إلى العطوفة إلى السعادة إلى السيادة.
هم يستحقون أكثر منها، لكنهم مع الأيام، وطول المكابدة وتحوّل الصبر العظيم والرضا النبيل إلى إرث يتوارثه الأردنيون كابراً عن كابر، شعلة يحملها الأبناء عن الآباء، وينقلها الأجداد إلى الأحفاد، لم يعودوا يعيرون هذه الألقاب بالاً، ولا يأملون منها (حشمة) أو كرامة تحمي رنينها وتتواءم مع بهرجتها.
برأيي، فإن من يستحقون التكريم، رغم أنهم لا ينتظرونه، مواطنون من طراز قريبي الذي أفخر به قيس عبد الحافظ أبو رمّان؛ الملازم الذي كان ذاهباً في إجازته الدورية من وظيفته، فهب لنجدة الصغار، وحمل على كتفيه اللتين تعشقان الوطن وتعودتا أن تحمل عنه بعض همومه وكروبه، 13 من أولاد المدرسة المحتجزين في زاوية ضيقة من الخوف والأمل ليس بعيداً عن سيول الموت التي انفجرت دفعة واحدة.
في النوائب تَمِيزُ أرض البلاد بين الرجال الرجال يا ابن العم، وبين أشباههم، ممن تعودوا على تحميل المسؤوليات وتحويل اللوم إلى غيرهم. وأنت ممن قال عنهم الحسين الراحل طيب الله ثراه: الرجال الرجال.
وعلى شاكلتك وبنفس روح فعلتك، هبّ يوم المحنة أمس رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، لم يضيّعوا وقتهم بتمحيص كتابٍ رسمي يوضح وجهة الرحلة، ولم يأتوا متأخرين إلى عين المكان وليس في جعبتهم كلام كما فعل وزير الصحة على سبيل المثال لا الحصر، ولا في ضميرهم حياة، ولا لدورهم معنى ولا لمنصبهم قيمة، فما قيمة المنصب إن لم ينجح بإنقاذ روح طفل تنتظره أمّه ما تزال منذ الأمس غير مستعدة لتصديق تلك المزحة السمجة حول رحلة ترفيه تحوّلت بلمحة بصر إلى صقيع ليلٍ طويل دون براءة الطفولة ودفء البيت وصخب الحياة.
تراكضوا كما ينبغي للناس الذي جبلهم آباؤهم من معدن أصيل، وأرضعتهم أمهاتهم مع حليب الِّلبا حب الوطن والذود عنه والإحاطة به سياجاً من البِرِّ والفزعة والإخلاص تهون دونه الحياة.
قطعت يا ابن العم أكثر من ثلاثة كيلو مترات بمحاذاة السيل الجارف اللئيم تحدب على العالقين بعيون بريئة غير مدركة حجم الخيانة التي تعرضت لها بنات مثل الفراشات الرقيقات وأولاد بعمر الورد.
وكما فعلت يا ابن العم، فعل الرقيب الغطاس زاهر سعد، ففي لحظات، تحول الرّقيب في الدفاع المدني بما يحمل من سمرة الأرض وبركات الحنطة، إلى بطل في عيون الأردنيين، على إثر ما فعله خلال أحداث سيول البحر الميت المفجعة، أمس.
كنتَ يا زاهر الجميل النبيل الأصيل في إجازة لحضور زفاف أحد أقاربك، وعندما سمعتَ بما حدث على الطريق، سارعتَ إلى قطعها والتوجه إلى البحر الميت مرتدياً بدلة الغوص.
ودون تردد ساهمتَ أيها البطل المغوار في إنقاذ أربعة أطفال، ولم يعلم زملاؤك عنك إلا بعد انتهاء العملية.
وكما حال قيس، وكما حال زاهر، عشرات الأبرار من أبناء وادي الأردن الأخضر، تنادوا من أجل عيون الوطن، ولم يمرَّ ببالهم ولو لحظة وزير تربية متردية أو وزيرة إعلام مكرور أو وزير صحة سقيمة.
يا أبناء وطني البسطاء أنتم السادة وأنتم القادة، قالها يوماً زعيم دينيٌّ لأبناء طائفته، وها أنا أقولها لكل أبناء وطني من مختلف الأصول والمنابت، باستثناء منبت عشاق الكرسيّ، المرضى بالهروب من المسؤوليات والاستحقاقات، الفاقدين لوعيٍ صادقٍ نحو معنى الوظيفة العامة، كأمانة لا تقدر على حملها الجبال.
هم يستحقون أكثر منها، لكنهم مع الأيام، وطول المكابدة وتحوّل الصبر العظيم والرضا النبيل إلى إرث يتوارثه الأردنيون كابراً عن كابر، شعلة يحملها الأبناء عن الآباء، وينقلها الأجداد إلى الأحفاد، لم يعودوا يعيرون هذه الألقاب بالاً، ولا يأملون منها (حشمة) أو كرامة تحمي رنينها وتتواءم مع بهرجتها.
برأيي، فإن من يستحقون التكريم، رغم أنهم لا ينتظرونه، مواطنون من طراز قريبي الذي أفخر به قيس عبد الحافظ أبو رمّان؛ الملازم الذي كان ذاهباً في إجازته الدورية من وظيفته، فهب لنجدة الصغار، وحمل على كتفيه اللتين تعشقان الوطن وتعودتا أن تحمل عنه بعض همومه وكروبه، 13 من أولاد المدرسة المحتجزين في زاوية ضيقة من الخوف والأمل ليس بعيداً عن سيول الموت التي انفجرت دفعة واحدة.
في النوائب تَمِيزُ أرض البلاد بين الرجال الرجال يا ابن العم، وبين أشباههم، ممن تعودوا على تحميل المسؤوليات وتحويل اللوم إلى غيرهم. وأنت ممن قال عنهم الحسين الراحل طيب الله ثراه: الرجال الرجال.
وعلى شاكلتك وبنفس روح فعلتك، هبّ يوم المحنة أمس رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، لم يضيّعوا وقتهم بتمحيص كتابٍ رسمي يوضح وجهة الرحلة، ولم يأتوا متأخرين إلى عين المكان وليس في جعبتهم كلام كما فعل وزير الصحة على سبيل المثال لا الحصر، ولا في ضميرهم حياة، ولا لدورهم معنى ولا لمنصبهم قيمة، فما قيمة المنصب إن لم ينجح بإنقاذ روح طفل تنتظره أمّه ما تزال منذ الأمس غير مستعدة لتصديق تلك المزحة السمجة حول رحلة ترفيه تحوّلت بلمحة بصر إلى صقيع ليلٍ طويل دون براءة الطفولة ودفء البيت وصخب الحياة.
تراكضوا كما ينبغي للناس الذي جبلهم آباؤهم من معدن أصيل، وأرضعتهم أمهاتهم مع حليب الِّلبا حب الوطن والذود عنه والإحاطة به سياجاً من البِرِّ والفزعة والإخلاص تهون دونه الحياة.
قطعت يا ابن العم أكثر من ثلاثة كيلو مترات بمحاذاة السيل الجارف اللئيم تحدب على العالقين بعيون بريئة غير مدركة حجم الخيانة التي تعرضت لها بنات مثل الفراشات الرقيقات وأولاد بعمر الورد.
وكما فعلت يا ابن العم، فعل الرقيب الغطاس زاهر سعد، ففي لحظات، تحول الرّقيب في الدفاع المدني بما يحمل من سمرة الأرض وبركات الحنطة، إلى بطل في عيون الأردنيين، على إثر ما فعله خلال أحداث سيول البحر الميت المفجعة، أمس.
كنتَ يا زاهر الجميل النبيل الأصيل في إجازة لحضور زفاف أحد أقاربك، وعندما سمعتَ بما حدث على الطريق، سارعتَ إلى قطعها والتوجه إلى البحر الميت مرتدياً بدلة الغوص.
ودون تردد ساهمتَ أيها البطل المغوار في إنقاذ أربعة أطفال، ولم يعلم زملاؤك عنك إلا بعد انتهاء العملية.
وكما حال قيس، وكما حال زاهر، عشرات الأبرار من أبناء وادي الأردن الأخضر، تنادوا من أجل عيون الوطن، ولم يمرَّ ببالهم ولو لحظة وزير تربية متردية أو وزيرة إعلام مكرور أو وزير صحة سقيمة.
يا أبناء وطني البسطاء أنتم السادة وأنتم القادة، قالها يوماً زعيم دينيٌّ لأبناء طائفته، وها أنا أقولها لكل أبناء وطني من مختلف الأصول والمنابت، باستثناء منبت عشاق الكرسيّ، المرضى بالهروب من المسؤوليات والاستحقاقات، الفاقدين لوعيٍ صادقٍ نحو معنى الوظيفة العامة، كأمانة لا تقدر على حملها الجبال.
مصطفى توفيق ابورمان