ماذا بعد يا غزة ؟ : البحث عن مسارات جديدة للسلام والاستقرار
صوت الحق -
بقلم الدكتور نعيم الملكاوي
في ظل الدمار الذي خلفته الأحداث الدائرة في غزة ، يبرز السؤال الملح :
ماذا بعد ؟
في أعقاب عملية طوفان الأقصى وما تبعها من عدوان على غزة وشعبها وإعادة احياء العمل المقاوم الفاعل فرضت المقاومة الفلسطينية معادلة جديدة في ملف الصراع واثبتت انها رقم صعب لا يمكن تجاهله او تجاوزه ، وان القضية الفلسطينة حاضرة رغم ما شابها من فتور ، وأن التغير الملفت للرأي العام العالمي اتجاه " اسرائيل الدولة والنظام " فاق كل التوقعات ، هذا بالاضافة الى افشال مشروع التهجير المزدوج الذي كان يخطط له ، وضعت العالم والمجتمع الدولي امام تساؤلات حاسمة حول الخطوات المقبلة وكيفية إعادة البناء والتعافي . تتمثل الأهمية الأساسية في تحديد مسارات فاعلة للسلام والتنمية المستدامة في المنطقة ، مع ضمان عدم تكرار الدمار والمعاناة .
قبل البدء بالإجابة على الـ ماذا بعد ؟
يجب إيقاف كافة العمليات العسكرية والعدوان الهمجي على غزة الصمود ، وانسحاب قوات العدو من القطاع والذهاب إلى عملية تبادل الأسرى على مبدأ الكل مقابل الكل مع الضمان الدولي بإيقاف كافة الأنشطة العدائية والاعتقالات ضد الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية ، وبعدها يتم تقييم ما خلفه هذا العدوان :
*الوضع الحالي* : غزة الآن تقف على أنقاض الحرب الأخيرة ، مع تدمير واسع النطاق للبنية التحتية ، الأمر الذي يستوجب جهودا دولية مكثفة لإعادة الإعمار . الأولوية تكمن في توفير الاحتياجات الأساسية مثل الغذاء ، الماء ، الرعاية الصحية ، والإسكان للآلاف الذين تضرروا من العدوان وتمكينهم من ارضهم وتفويت فكرة التهجير المزدوج داخل غزة او الى خارجها والغاء فكرتها في الضفة الغربية .
*التحديات والفرص* : تتعدد التحديات التي تواجه غزة في مرحلة ما بعد الأزمة ، بما في ذلك الحاجة إلى الدعم المالي والفني ، وإعادة بناء البنية التحتي ، وإعادة تأهيل وتعزيز النظم الصحية والتعليمية . من جهة أخرى ، تبرز فرص للتطوير المستدام والبناء على أسس تحفظ الكرامة والحقوق .
*دور المجتمع الدولي* : من الضروري أن يلعب المجتمع الدولي دوراً فاعلاً في دعم غزة خلال هذه المرحلة . يشمل ذلك توفير المساعدات الإنسانية ، دعم جهود إعادة الإعمار ، والعمل على إيجاد حلول دائمة للنزاع .
*الدور الإقليمي والدبلوماسية* : الدول المجاورة والفاعلون الإقليميون لهم دور محوري في دعم الاستقرار والتنمية في غزة . الدبلوماسية الإقليمية والمفاوضات تلعبان دورا حاسما في تجنب تجدد الصراع وضمان الأمن والسلام .
لا بد من العقلنة الدولية لاستكشاف السبل المحتملة لتحقيق السلام وإعادة الإعمار في غزة وان الواقع الجديد الذي انتجته عملية طوفان الاقصى يجب البناء عليه والانطلاق من ثوابته ، مع التركيز على الدور الذي يمكن أن تلعبه الدول الإقليمية والمجتمع الدولي في ظل الحفاظ على كافة حقوق الشعب الفلسطيني .
تتوزع الجهود والمرتكزات الى المحاور التالية :
*المحور الأول* : تعزيز وتمكين دور الأردن ومصر ، لأن مفاتيح الضفة والقطاع تكمن في هذا التمكين ، وهذا جليٌ من الجهود الدبلوماسية الأخيرة والمباحثات المشتركة التي تخوضها لتحقيق وقف إطلاق النار وإيصال المساعدات الإنسانية والطبية ، بالإضافة إلى تعزيز الدور القطري الذي كان له الأثر الإيجابي في الهدنة الأولى وعملية تبادل الأسرى ، مع استدعاء الدور العربي الشامل .
*المحور الثاني* : الوضع الحالي في غزة يجب أولا تقييم الأضرار التي لحقت بغزة وشعبها الصامد ، من حيث الخسائر البشرية والتدمير البنيوي . ينبغي التطرق للتحديات الإنسانية الراهنة ، بما في ذلك النزوح الداخلي والحاجة الماسة للمساعدات بكافة اشكالها واعادة المنازحين الى مناطقهم وتمكينهم منها وعدم تفريغها .
*المحور الثالث* : التركيز على الآفاق المستقبلية للحلول والسيناريوهات المحتملة لما بعد الأزمة في غزة ، بما في ذلك إعادة الإعمار والتعافي الاقتصادي . كما ينبغي النظر في كيفية تحقيق الاستقرار السياسي والأمني في المنطقة ، وإيلاء المصالحة الفلسطينية الفلسطينية جل الاهتمام على أسس متينة ترأب كافة الصدوع دون التغول بين الأطراف وعلى أسس ديمقراطية .
*المحور الرابع* : دور المجتمع الدولي يجب تحليل الدور الذي يمكن أن يلعبه المجتمع الدولي واسقاطه على ارض الواقع الفلسطيني ، بما في ذلك الأمم المتحدة والدول الكبرى وتركيا وإيران ، في دعم جهود السلام وإعادة الإعمار والاستقرار .
*ماذا بعد غزة ؟ ؟ ؟*.
يتطلب جهودآٓ مشتركة وإرادة سياسية قوية لضمان عدم تكرار أي عدوان وكبح جماح الغطرسة "الاسرائيلية" والدعم الدولي لها . ولهذا يجب أن تكون الأولوية للسلام ، الأمن ، والتنمية المستدامة ، مع التركيز على الحقوق التاريخية والإنسانية وكرامة الشعب الفلسطيني في اقامة دولته المستقلة .