قراءة في كتاب: هندسة الوعي؛ رائد سمور

{title}
صوت الحق -
بقلم: د. ذوقان عبيدات
كان من المفروض أن أقدم هذه القراءة في حفل إشهار الكتاب مساء اليوم الخميس، ولظروف صعبة جدًا، لن أتمكن من فعل ذلك، فاستعظت عن مشاركة الحفل بنشر مداخلتي.

         (١)
 *تعقيدات*
 يتناول الكتاب مئات المفاهيم، والموضوعات التي يصعب تصنيفها مثل: مظاهر الخداع الرقمي، وبرمجة الأشخاص، وتغييب الذات الأصلية، وآليات إخفاء الحقيقة، وقيم العصر الخوارزمي، وتسليع  الإنسان،وغسيل الأفكار. ومئات المفاهيم الأخرى، كما تناول الكتب مفهوم المقاومة، والتحرر من الخوارزميات التضليلية.
ولذلك، يصعب جدًا عرض محتويات الكتاب، وإيصالها إلى القارىء، مما دفعني وبحكم أنني- من ضحايا من تمت هندستهم- إلى الخروج المؤقت من الهندسة، لأمثّل دور المقاوم الواعي، وأنا أعدّ نفسي كذلك، 
 لأقدم عرضًا مُسْتَلّا من زوايا متناثرة من الكتاب.
           (٢)
    *قيم العصر ، وهندسة الوعي*
 لا حدود لهذه القيم، فكل ما نفعله، وما نتمنى فعله هو نتاج جهد هندسونا به. فسلوكياتنا، وأمنياتنا، ورغباتنا وحاجاتنا ليست سوى هندسة، أساسها الانسياق، وضعف المقاومة، نحن قطيع لا يقوى إلّا على السير بخطٍ مستقيم رسموه لنا، وليس من قرارنا، أو خيارنا. لكن المشكلة هي أننا لا ندرك "غنميّتنا"، بل تعدّ أنفسنا أحرارًا!
ومن مظاهر ما بُرمِجنا به جميعًا
سيادة القيم الآتية:
-الشفافية المطلقة، وعدم إخفاء أي خصوصية؛ ولذلك ننشر ما نفعله، ما نأكله، وما نقرأه، ننشر دواءنا، وسرير شفائنا، وما نشتريه ولا نكاد نخفي شيئًا.
-نصدق الصورة والخبر، ونقبل ما يقال لنا من إشاعات، ولا نتوقف لحظة للسؤال، والفحص، والشك، فكل ما يقال لنا حقيقة.
-نعيش على السطح، ونرفض العمق.نبدأ ونملُّ بسرعة، لا نتابع إلّا أغنية قصيرة، ولا نقرأ سوى نصٍ قصير جدًا. نجامل ونصمت. نعيش اللحظة. فاللحظة تاريخ، بل قد نحمل تاريخًا طويلًا لصالح لحظة. وقد نقطع علاقاتنا التاريخية مع صديق لم يضع لنا "لايكًا".فاللحظة بديل 

               (٣)   
 
      *خوارزميات البرمجة*
إن أساليب البرمجة، وخوازمياتها  تظهر في ما يأتي:
-تكرار الحدث، ونشره عدة مرات حتى يصبح جزءًا من مألوفاتنا، فنصدقه ونسلّم به من دون مناقشة.
-تزيين الهدية، ولفّها بورق أنيق يفوق قيمتها، فنذهب للشكل دون المضمون!
-إعطاؤنا الحرية الكاملة، فلا يفرضون شيئًا، بل يتقربون منّا، ينشرون ما تكتب، ولكنهم يخفون عنا ما يجب أن نعرف! لا يراقبوننا بشكل مباشر، ويشعرونك بأنك حر، ولكن هذه الحرية هي المساحة التي سمحوا لنا، ولك بها.
                (٤)
    *لا ممنوعات*
 يشعرونك بأن كل شيء مسموح، يسمح لك أن تشاهد كل ما يعرضون، وتتفاعل مع ما ينشرون، ويجبرونك على السير مع الأغلبية، والّا بدوت شاذًا، فنحن جزء من قطيع، لا ندري من يقوده، لكنهم يشعرونك بأنك حر واخترت قرارك بنفسك!
فلا ممنوعات فيما يظهرونه لك!
شاهِد، علِّق، تفاعَل، عبِّر!
فما يظهرونه هو ما يجب أن تراه!

                   (٥)
    *المخفي أعظم*

يُظهرون لك ما يُريدون، يُظهرون الإجابات، ويُخفون الأسئلة، يُقدمون سرديّتهم، ويُخفون جزءًا مهمّا منها، يختزلون، يختصرون، ويجتهدون لإخفاء كل ما يجب أن ترى. يقولون ما يريدون لا ما تريد، ويوهمونك بأنك أنت الفاعل  مع أنك لم تفعل شيئًا.
يُظهرون لك الخبر، ويُخفون أغراضه، ونصفه الحقيقي، ومن نقله، ولماذا نشروه في ذلك الوقت!
ما يُظهرون أمامك هو: نصف خبر، وشبه حقيقة، وأنت تعتقد صدقهم!

          (٦)
*المقاومة هي الحل!*
لكي تتخلص من هندسة وعيك، وما فعلوه فيك، عليك بالوعي والمقاومة والشك والسؤال، عليك بممارسة رقابة ذاتية من التفكير الناقد.
تأكد أن الحقيقة ليست فيما يعلن ، بل في الهامش الذي يخفون
هذا بعض كتاب رائد سمور
فهمت عليّ؟!!
تصميم و تطوير : VERTEX WEB SOLUTIONS