كل البلد لا وسط البلد يا ريس

{title}
صوت الحق -
بقلم: الدكتور بشار الحوامدة 

يصيبني بعض القلق و الحيرة حين أرى رئيس  الوزراء المحترم و هو يهرول إلى مدرسة في زيزيا و يستمع إلى مجموعة من الأطفال فيطلبون منه ملعبا صغيرا و غرفة حاسب آلي و ما يرعبني أكثر هو أن الطلبات يتم الموافقة عليها دون تردد و دون النظر للميزانية في حركة هوليودية إستعراضية لا أكثر، قد يقول البعض لم لا؟ أطفال زيزيا ربما محرومون و "الريس" أدخل الفرحة ألى قلوبهم و لكن هل فكر الرئيس أن اطفال أم الرصاص و القطرانة ربما  لا يجدون "درجا" يجلسون عليه أو "مرحاضا" في مدارسهم و أن موضوع الكمبيوتر و الملعب هي جزء من الكماليات!!

عبارة أعطه من بيت مال المسلمين عبارة عفا عليها الزمن و العطايا على شكل فزعات لا يمكن أن تتماشى و فكر "الحاج هارفرد "ولا "العم اوكسفورد"،  و إنما تنحصر فقط بشعبويات و شعارات تحت عنوان "رئيس ميداني"

ربما فهم المسؤليين كلام جلالة الملك عن الوزير الميداني هو أن يدير الوزير وزارته من الشارع ووسط الناس، فوزير الأوقاف يذهب العقبة ليشرف مثلا  على طلاق ما و وزير الطاقة يتأكد من عمل محطة الرياح في الطفيلة و وزير المياه يتأكد من عمل العدادات الذكية بنفسه، طبعا ليس هذا أبدا ما قصده جلالة الملك من العمل الميداني بل قصد أن يكون الوزير قريبا من نبض الشارع و المواطن، يسمع و يحلل و يضع الخطط من أجل حل المشاكل العامة لا الفردية بعيدا عن  الكاميرات والتصوير و الفزعة و العشوائية، فليس من حق وزير الصحة مثلا أن يأمر بوضع جهاز ليزك في غور الصافي بناء على طلب الجمهور إذا كان مركز صحي دير علا لا يوجد به جهاز غسيل كلى، الوزير واجبه أن بطلب من فريق عمله أن يعمل مسح شامل للمراكز الطبية و يعرف الاحتياجات و يضع خطة شمولية لتزويد المراكز بالمواد الأساسية ثم ينتقل إلى خطوات أشمل، و هنا ترى مثلا دور القطاع الخاص في المشاركة بالخطة الشمولية و تزويد المراكز بالأجهزة كل حسب قدرته و قربه من هذه المراكز تخفيفا على ميزانية الدوله المهترئه و التي يثقلها عطايا الريس و الوزراء غير المدروسة.

سيدي الرئيس  دور رئيس الوزراء هو سيادي شمولي إستراتيجي، يرى البلد من الأعلى، يضع الخطط و يراقب أداء الوزراء من خلال مؤشرات أداء و من خلال رضى المواطن و ليس فقط من رضى الديوان و الأجهزة الأمنية، ليس من اختصاصك عمل صيانة لمدرسة ولا إعطاء رخص آبار مياه و لا الإشراف على قوائم الحج، اعلم أنك لا تتدخل بالسياسة و هي اصلا ليست من اختصاصك و منوطه بقائد البلاد حفظه الله و انما صلب عملك هو الاقتصاد و انت معلم إقتصاد كما اعرف، فلهذا اتمنى منك ترك صغار الأمور و اجعل عيناك "الزرقاويتين" على مستقبل البلد لا على وسط البلد.
تصميم و تطوير : VERTEX WEB SOLUTIONS