يزن ملكاوي يكتب : الجامعات بين التعليم والمسؤولية الوطنية

صوت الحق -
مع عودة خدمة العلم إلى الواجهة بوصفها واجبًا وطنيًا وأداة لتعزيز الانتماء والمسؤولية المجتمعية، يبرز سؤال جوهري حول الدور الجديد الملقى على عاتق الجامعات في هذه المرحلة. فالجامعة ليست فقط مؤسسة للتعليم الأكاديمي وإنتاج المعرفة، بل هي شريك رئيسي في صناعة الإنسان، وتحمل مسؤولياتها الوطنية، وجامعاتنا لديها من الكوادر البشرية القادرة على الموازنة بين العلم والخدمة الوطنية، والتنسيق مع مؤسساتنا الوطنية فيما يخدم المرحلة المقبلة.
لم يعد غرس قيم المواطنة والانضباط في نفوس الطلاب سطورًا تُكتب في كتاب دليل الطالب وتعليمات اتحادات الطلبة والأندية الطلابية، بل أصبح واجبًا ومسؤولية تقع على عاتق الإدارات الجامعية بتهيئة الكوادر اللازمة في عمادات شؤون الطلبة، وإعادة هيكلة عمادات شؤون الطلبة قبل التحاقهم بخدمة العلم، بحيث تُسهم الجامعات في شرح أهمية الخدمة العسكرية باعتبارها جزءًا من بناء الشخصية الوطنية، وإعداد الطلاب نفسيًا لتقبّل مرحلة انتقالية من مقاعد الدراسة إلى ميادين الانضباط والتدريب.
ومن أهم التحديات التي تفرضها إعادة خدمة العلم التنسيق الزمني بين سنوات الدراسة وفترة الخدمة. وهنا تأتي مهمة الجامعات في وضع جداول أكاديمية مرنة، وتوفير برامج تعليمية مكثفة أو إلكترونية للطلاب المؤجَّلين أو العائدين من الخدمة، واعتماد نظام "التعليم المستمر" بحيث لا يشعر الطالب بانقطاع معرفي بعد خدمته.
ولا بد من دعم البحث العلمي المرتبط بالأمن الوطني وإعطائه أولوية في المرحلة المقبلة فالجامعات مطالَبة اليوم أكثر من أي وقت مضى بتوجيه بعض البحوث التطبيقية نحو مجالات الدفاع، الأمن السيبراني، الصحة العسكرية، والتقنيات اللوجستية، مما يفتح مجالًا للشراكة بين مؤسساتنا الأمنية والتعليم العالي لتطوير برامج مشتركة تفيد المجتمع والجيش معًا.
كما أن الجامعات مسؤولة عن تأهيل الطالب بالمهارات العملية والحياتية (كالقيادة، إدارة الوقت، والعمل الجماعي) قبل دخوله الخدمة ، فهذه المهارات تجعل الطالب قادرًا على الاندماج بسهولة أكبر في بيئة عسكرية منضبطة. والجامعات لا تقف عند حدود التعليم فقط، بل تمتد مهمتها إلى خدمة المجتمع.