البرلمان بين الشكلية والفاعلية: أين يقف الدور الرقابي بعد التحديث السياسي؟
صوت الحق -
بقلم: محمد الخضير
يشير تقرير "راصد" إلى أن مجلس النواب قدّم خلال عام واحد 1125 سؤالًا برلمانيًا، لم يُناقش منها سوى 5% فقط، كما قدّم 24 استجوابًا لم يُناقش أيّ منها. هذه الأرقام لا تثير الدهشة فحسب بل تفتح الباب أمام تساؤلات جوهرية حول جدوى الدور الرقابي للبرلمان: هل يُختزل هذا الدور في مجرد طرح الأسئلة وتقديم الاستجوابات دون متابعة أو مناقشة؟
فنحن أمام هوّة شاسعة بين ما يرسمه الدستور من دور رقابي فاعل وبين الممارسة السياسية الفعلية، والاعتبار السياسي لمشروع التحديث من جهة، ومن جهة أخرى – وهي الأهم في اعتقادي – مسألة ثقة الشارع بالمجلس. فالمراقبة غير الفاعلة تعني بالضرورة غياب المحاسبة، ويعني ذلك اضمحلال الثقة
بالإضافة الى أن الأرقام التي أوردها التقرير تدفع المراقبين والمثقفين لطرح تساؤلات مشروعة: ماذا تغيّر في العملية السياسية قبل مشروع التحديث وبعده؟ هل بات الأداء النيابي أكثر فاعلية أم أن الشكل هو ما تغيّر فقط؟
وعليه، أرى أنه إذا كان لدى المجلس جدية حقيقية للخروج من جمود الدور الرقابي قبل أن يدفع ذلك الشارع للقيام بما هو أبعد من الرقابة، يتحتم عليه أن يعيد النظر أولًا في نظامه الداخلي، وثانيًا في التشريعات الناظمة لعمله مع الحكومة وغيرها من المؤسسات، بما يخلق مجالًا حيويًا لتفعيل الدور الرقابي. وثالثًا، توسيع مساحة التعبير في البرلمان عبر ما يمكن تسميته بـ"المايك الكتلاوي" لممثلي الكتل النيابية لعرض مواقفهم والتعبير عن رؤاهم حول ما يُناقش، كمعبر عن الخط السياسي، إن وُجد لون فكري يجمع الكتلة لتكون أكثر من مجرد تجمع عددي
ويبقى الأهم هو حاجة المجلس لبثّ روح تقدمية جديدة في أدوات الرقابة، تُمكّنه من ممارسة دوره الحقيقي في المحاسبة، وتمنح أصحاب الرؤى مساحة لتقديم آرائهم وهذا قد يكون بعيد المنال بعد ماتم من آلية تشكيل المكتب الدائم وما حملته من رسائل لاعضاء من البرلمان والشارع عموما
وهناك امر احسبه على غاية من الأهمية لابد من يأخذ مكان في أعماق التفكير بالمرحلة القادمة لدور الرقابي بمعنى ان لا يتم حصره فقط بإصلاح أداء المجلس، بل التفكير بالضرورة التي يصنعها تحلل جمود الدور الرقابي، باستعادة التوازن بين السلطات، وهو ما ينعكس على النظام السياسي برمّته ..






